من الاتفاق إلى الأثر..

أفاد صندوق النقد الدولي  بالتوصل إلى اتفاق مع مصر بشأن المراجعتين الخامسة والسادسة ضمن تسهيل الصندوق الممدد، فضلًا عن المراجعة الأولى في إطار صندوق المرونة والاستدامة.

وبحسب بيانات الصندوق على موقعه الإلكتروني، زار فريق بعثة من صندوق النقد الدولي، مصر خلال الفترة من 1 إلى 11 ديسمبر الجاري.

ومن المقرر أن يتم صرف حوالي 2.7 مليار دولار بعد إتمام إجراءات الموافقة.

وبحسب الصندوق، فقد تواصلت جهود تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي، مع ظهور مؤشرات على نمو قوي في الاقتصاد المصري. فقد تسارع النشاط الاقتصادي إلى 4.4% في السنة المالية 2024/2025، كما تحسن ميزان المدفوعات بشكل ملحوظ، رغم التطورات الخارجية غير المواتية. وقد رحب القطاع الخاص بالجهود الأخيرة لتحسين تيسير التجارة وتبسيط الإجراءات الضريبية.

وساعد اتباع سياسة نقدية مشددة على نحو مناسب في وضع التضخم على مسار هبوطي، في حين دعمت الانضباط الماليَ الأداءُ القوي للإيرادات الضريبية. ويتعين على السياسة المالية الاستمرار في خفض الدين، مع حماية وترتيب أولويات الإنفاق الاجتماعي لحماية الفئات الأكثر ضعفًا. كما يتطلب الأمر تسريع وتيرة الإصلاحات الهيكلية، لا سيما المرتبطة بدور الدولة، وبرنامج التخارج، وتهيئة بيئة تنافسية عادلة.

وأسفرت جهود تحقيق الاستقرار عن مكاسب مهمة، ويُظهر الاقتصاد المصري مؤشرات على نمو قوي، وقد تحقق هذا الاستقرار في ظل بيئة أمنية إقليمية صعبة وحالة عدم يقين عالمي متزايدة.

 تطور حقيقي في مسار الإصلاح الاقتصادي

وفي هذا السياق، قال الدكتور حسام عيد، الخبير الاقتصادي، إن بعد انعقاد المراجعتين الخامسة والسادسة، واللتين تضمنتا دعمًا واضحًا، جاءت النتائج لتعكس وجود تطور حقيقي في مسار الإصلاح الاقتصادي.

وأكد الخبير الاقتصادي، أن مخرجات المراجعتين تشير بوضوح إلى أن الاقتصاد المصري يسير في الاتجاه الصحيح، ويتحرك بثبات نحو الخروج الآمن من الأزمات الاقتصادية وتحقيق قدر أكبر من الاستقرار خلال المرحلة المقبلة.

 

ومن ناحيته، أكد المهندس حازم الجندي، عضو مجلس الشيوخ، أن التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء بين الحكومة المصرية وصندوق النقد الدولي بشأن المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج «تسهيل الصندوق الممدد»، إلى جانب المراجعة الأولى لبرنامج «تسهيل المرونة والاستدامة» يمثل خطوة محورية في مسار الإصلاح الاقتصادي، ويبعث برسائل إيجابية مباشرة للمستثمرين بشأن استقرار السياسات الاقتصادية وقدرتها على الاستمرار.

وأوضح «الجندي » أن أهمية الاتفاق لا تكمن فقط في استكمال المراجعات، وإنما في التحسن الملموس في المؤشرات التي تهم المستثمرين، وعلى رأسها استقرار الاقتصاد الكلي، وتحسن آفاق النمو، ووضوح الرؤية المالية والنقدية، بما يعزز القدرة على اتخاذ قرارات استثمارية طويلة الأجل.

وأشار عضو مجلس الشيوخ، إلى أن ارتفاع معدل النمو إلى 4.4% خلال العام المالي 2024/2025، مقارنة بـ2.4% في العام السابق، يعكس تحولا نوعيا في مصادر النمو، خاصة مع اعتماده على قطاعات إنتاجية وخدمية قادرة على جذب الاستثمارات، مثل الصناعات التحويلية غير البترولية، والنقل، والخدمات المالية، والسياحة، مؤكدًا أن هذه القطاعات تمثل ركيزة أساسية في استراتيجية الدولة لتعميق التصنيع وزيادة الصادرات.

وأضاف «الجندي» أن تحسن ميزان المدفوعات وتراجع عجز الحساب الجاري، رغم التحديات الخارجية، يعزز ثقة المستثمرين في قدرة الاقتصاد المصري على توفير موارد مستقرة من النقد الأجنبي، مدعومة بقوة تحويلات المصريين بالخارج، وانتعاش السياحة، والنمو المتزايد للصادرات غير البترولية، بما يقلل من المخاطر المرتبطة بالاستثمار.

ولفت النائب إلى أن تحقيق فائض أولي بنسبة 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي يعكس انضباطا ماليا يعزز الاستدامة، مشيرا إلى أن الزيادة الكبيرة في الإيرادات الضريبية بنسبة 36% جاءت نتيجة توسيع القاعدة الضريبية وتحسين الالتزام الطوعي، وهو ما يخلق بيئة أكثر عدالة واستقرارا للمستثمرين دون فرض أعباء إضافية.

وأشاد الجندي بإدارة البنك المركزي للسياسة النقدية، معتبرًا أن النهج المتوازن بين التشدد المدروس والتيسير التدريجي يسهم في خفض التضخم، ويحد من التقلبات التي تؤثر على قرارات الاستثمار، مشددا على أن الاتفاق يمثل فرصة لتعزيز جاذبية الاقتصاد المصري للاستثمار المحلي والأجنبي، شريطة استكمال الإصلاحات الهيكلية، وتسهيل الإجراءات، وتحويل التحسن في المؤشرات الكلية إلى توسع حقيقي في الإنتاج وفرص العمل.

شاركها.