سلم الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان مشروع قانون الموازنة للعام، الذي يبدأ في مارس 2026، إلى مجلس الشورى الإيراني، مع مؤشرات أولية تشير إلى واحدة من أكثر الأطر المالية تقييداً في السنوات الأخيرة وسط ضغوط قتصادية مستمرة.

وقال مسعود بيزشكيان، في حديثه للصحافيين على هامش زيارته للبرلمان لتقديم مشروع قانون الموازنة، الثلاثاء، إن “الحوارات الجارية بين الحكومة والبرلمان تتركز على قضية معيشة المواطنين خلال العام الجاري والعام المقبل، وتهدف إلى بلورة رؤية مشتركة تقوم على موارد واقعية”.

وأوضح، بحسب ما نقلته وكالة “إرنا” الإيرانية، أن “خطاب الحكومة مع البرلمان يقوم على الوصول إلى لغة مشتركة وفهم موحد بشأن تأمين معيشة المواطنين، سواء في الوقت الراهن أو خلال العام المقبل”.

وفي إشارة إلى التقشف في الموازنة الجديدة، قال الرئيس الإيراني إن “الموارد المالية المخصصة لهذا الملف يجب أن تكون حقيقية وقابلة للتحقق، حتى تتمكن الحكومة من الوفاء بتعهداتها للمواطنين وضمان توفير هذه الموارد بصورة منتظمة”.

وأضاف، أن “الحكومة والبرلمان والخبراء يعقدون اجتماعات وحوارات متواصلة بهدف منع تفاقم الضغوط المعيشية على المواطنين”؛ مشيراً إلى أن “الغاية من هذا التفاهم المشترك هي الحفاظ على مستوى المعيشة ومنع تعرّضها لأزمات حادة”.

كما اعتبر مسعود بيزشكيان أن “جهود الحكومة تنصب على تمكين المواطنين من الحفاظ على الحد الأدنى من متطلبات المعيشة خلال العام المقبل، حتى مع ارتفاع معدلات التضخم”.

وألقى مسعود بيزشكيان سابقاً باللوم على عجز الميزانية في تأجيج التضخم، بينما قال وزير الاقتصاد إن الحكومة تهدف إلى القضاء على العجز في العام المقبل.

تفاصيل الميزانية الإيرانية

تمت صياغة مشروع قانون الميزانية بنهج انكماشي وحدود إنفاق صارمة، مع أولوية للحد من عجز الميزانية، والسيطرة على التضخم، ومعالجة الاختلالات الاقتصادية الهيكلية العميقة في إيران، بحسب تقرير لوكالة أنباء غرب آسيا التي تعمل من طهران.

وذكرت الوكالة أن التفاصيل الأولية تشير إلى أن الحكومة الإيرانية سعت إلى الحد من النمو السريع في الإنفاق العام، وإرسال إشارة واضحة للانضباط المالي إلى الأسواق والجهات الاقتصادية.

ويشدد مشروع القانون على أن تقليص إطار الميزانية العام والحد من الالتزامات ذات التكاليف العالية ركائز أساسية للميزانية الإيرانية للعام 2026 – 2027.

من ناحية الإيرادات، تركز الميزانية المقترحة بشكل كبير على زيادة مصادر الدخل المستدامة وتقليل الاعتماد على عائدات النفط.

وذكرت شبكة “إيران إنترناشيونال” أن تقديرات غير رسمية تشير إلى أن سقف الميزانية العام قد يرتفع بأقل من 5%.

ومع استمرار التضخم فوق 40٪، يقول الاقتصاديون إن هذا سيؤدي إلى انكماش حقيقي يقارب 35% في قوة الإنفاق الحكومي، وهو مقياس للتعديل قد يؤثر بشكل كبير على الخدمات العامة ومشاريع التنمية وبرامج الدعم.

الضرائب في ميزانية إيران

ويبرز توسيع القاعدة الضريبية ومكافحة التهرب الضريبي، ورقمنة نظام جمع الضرائب من بين الإجراءات الرئيسية التي تتضمنها الميزانية.

كما ينص مشروع قانون الميزانية على تخصيص الأموال بشكل كبير للمشاريع غير المكتملة، والمشاريع ذات الأولوية، والمشاريع ذات معدلات الإنجاز المادية المرتفعة، في محاولة لمنع تشتت الموارد وتحسين كفاءة الاستثمار العام، بحسب الوكالة.

ومع ذلك، بموجب المقترح، سيرتفع سقف الإعفاء السنوي من ضريبة الدخل إلى 480 مليون تومان (حوالي 3700 دولار سنوياً)، مما يمثل زيادة بنسبة 66.6% مقارنة بالعام السابق.

كما تنص الميزانية الجديدة على إعفاء الدخل الشهري الذي يقل عن 40 مليون تومان (حوالي 308 دولار شهرياً) بالكامل من ضريبة الدخل، على أن يتم تطبيق شرائح ضريبية تصاعدية، مع ارتفاع معدلات الدخل الشهري التي تتجاوز 140 مليون تومان (حوالي 1075 دولارا شهرياً).

وتقول الحكومة الإيرانية إن هذه التغييرات تهدف إلى دعم الفئات ذات الدخل المنخفض وتعزيز العدالة الضريبية.

زيادة الأجور والريال الجديد

ويقترح مشروع القانون زيادة بنسبة 20% في رواتب موظفي الحكومة والمتقاعدين والجنود المجندين والمستفيدين من برامج المساعدات الاجتماعية.

بالإضافة إلى ذلك، تم تخصيص تمويل يعادل حوالي 100 مليار تومان (حوالي 770 ألف دولار) لتعويضات الموظفين، مما يشير إلى جهد للحفاظ على القوة الشرائية للعاملين في ظل التضخم المستمر.

وتميزت الميزانية الجديدة بأنها أعدت باستخدام “الريال الجديد”، بعد إزالة 4 أصفار من العملة الوطنية الإيرانية. وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها صياغة ميزانية سنوية رسمياً وتقديمها إلى البرلمان باستخدام الوحدة النقدية الجديدة.

وفقا للمسؤولين الحكوميين، تم إعادة حساب جميع خطوط الإيرادات وبنود الإنفاق وجداول الميزانية الكلية ضمن الشكل الرقمي الجديد. إذا تمت الموافقة الكاملة والتنفيذ، فقد يبسط هذا التحول الحسابات المالية ويعزز شفافية وثائق الميزانية.

ويأتي النقاش حول الميزانية في وقت ارتفعت فيه أسعار الذهب والعملات الأجنبية في طهران خلال الأسابيع الأخيرة، خاصة بعد الموافقة على طبقة ثالثة من أسعار البنزين، وهي تطورات عززت توقعات ارتفاع التضخم.

ومع بدء المراجعة البرلمانية، من المرجح أن تصبح تفاصيلها واحدة من أهم النقاشات الاقتصادية والأكثر جدلا في البلاد خلال العام المقبل.

شاركها.