إسلام عنان: لن يظهر أى متحور أقوى من كورونا.. وتيمبوس واستراتوس هما الموجودين حاليًا
الصحة: الأمراض التنفسية لا يمكن إخفاؤها.. وهذا سر انتشار أدوار البرد
أستاذ أوبئة: هناك فزع مصرى مبالغ فيه رغم أن الوضع الوبائى مشابه لما حدث العام الماضى
تشهد مصر في الأسابيع الأخيرة موجة واسعة من أدوار البرد والفيروسات التنفسية المتنوعة التي اجتاحت العديد من المحافظات، مع تزايد ملحوظ في شكاوى المواطنين من ارتفاع الحرارة المفاجئ، والسعال الشديد، وآلام العضلات، والزكام، والتهابات الحلق، بل وتطور بعض الحالات إلى التهابات صدرية أو ضيق في التنفس.
هذا الارتفاع اللافت في الإصابات ظهر بوضوح داخل عيادات الأطفال والصدر والطوارئ، حيث تحدث كثير من الأطباء عن ازدحام غير مسبوق منذ بداية هذا الشتاء، وهو ما أثار لدى البعض مخاوف من احتمال ظهور فيروس جديد غير معروف، أو عودة متحور شديد الشراسة من كورونا.
وتضاعفت المخاوف أكثر بعد تزايد تداول منشورات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تتحدث عن فيروس جديد ينتشر الآن أو متحور خطير وصل مصر، دون وجود دلائل علمية على ذلك، ما وضع المواطنين أمام حالة من القلق والتساؤلات، خاصة مع اشتداد الأعراض لدى بعض المرضى مقارنة بالعام الماضي.
في هذا الصدد، قال الدكتور حسام عبد الغفار، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة، إن مصر لا تواجه أي فيروس جديد، ولا يوجد متحور جديد من كورونا تم اكتشافه داخل البلاد.
وأضاف «عبد الغفار»: «لا يوجد أي فيروس جديد حاليًا، ولا أي متحور جديد من كورونا، لأن منظمة الصحة العالمية أعلنت منذ يناير 2023 أن كورونا لم تعد جائحة، وأنها أصبحت واحدة من الفيروسات التنفسية المنتشرة، وتأتي في المرتبة الرابعة من حيث شدة الأعراض».
وأوضح أن مصر تشهد بالفعل ارتفاعًا في معدلات الإصابة بالإنفلونزا الموسمية، وأن هذا الارتفاع هو ما يجعل الكثيرين يعتقدون بوجود فيروس جديد، مؤكدًا أن أعراض الإنفلونزا هذا العام تبدو أشد قليلًا، لكنها ضمن الحدود الطبيعية.
وحول ما يتردد حول إنكار وزارة الصحة حقيقة وجود وباء، قال «عبد الغفار»: «الفيروسات التنفسية لا يمكن إخفاؤها، ولا يوجد شيء يستدعي فكرة التخبئة أو الكتمان، لدينا منظومة ترصد قوية ترصد أي تغيرات في أنماط الإصابات، والزيادة الحالية ليست بسبب متحور جديد، لكنها نفس الزيادة الموسمية التي شهدناها خلال السنوات الثلاث الماضية».
الانتشار في 38 دولة
وفي هذا السياق، قال الدكتور إسلام عنان، أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة، إن الارتفاع الملحوظ في عدد الإصابات التنفسية والفيروسية الذي يشهده العالم خلال الأسابيع الأخيرة يرتبط بشكل مباشر بزيادة انتشار المتغير «XFG.5.3» المعروف باسم «Stratus»، وهو أحد السلالات الفرعية لمتحور أوميكرون.
وأوضح «عنان» في تصريح خاص لـ«» أن هذا المتحور انتشر في 38 دولة حتى الآن، بعد أن ارتفع معدل وجوده من 7% قبل أربعة أسابيع إلى 24% حاليًا، ليصبح المتحور الأكثر انتشارًا على مستوى العالم في فترة وجيزة، خصوصًا داخل أوروبا وآسيا، وهو ما ينعكس على زيادة معدلات الإصابة العامة وإن لم ينعكس على معدل دخول المستشفيات.
وبيّن «عنان» أن متحور «ستراتوس» تم رصده لأول مرة في يونيو 2025، وصنّفته منظمة الصحة العالمية في 1 يوليو كمتحور تحت المراقبة (VUM)، ضمن ستة متحورات فرعية أخرى تتابعها المنظمة بدقة،، ما يعني أن المنظمة لا تعتبر هذه السلالة ضمن المتحورات المثيرة للقلق حتى الآن، لكنها تتابع نموها وانتشارها.
وأكد أنه رغم انتشار «ستراتوس» بشكل سريع، فإنه لا توجد أدلة علمية حتى اللحظة تشير إلى كونه أكثر خطورة من متحور «JN.1» أو من «أوميكرون» بشكل عام، سواء من ناحية شدة المرض أو المضاعفات.
وأشار إلى أن المتحور الجديد يحمل بعض الطفرات التي تمنحه قدرة أعلى قليلًا على الهروب المناعي، إلا أن البيانات من الدول التي شهدت ارتفاعًا في نسب الحالات لا تُظهر أي زيادة في معدلات دخول المستشفى أو الوفيات، وهو ما يؤكد أن الصورة الوبائية ليست مقلقة.
وفيما يتعلق بفعالية اللقاحات، أوضح «عنان» أن اللقاحات الحالية ما زالت توفر حماية جيدة ضد الأعراض الشديدة ومضاعفات الإصابة، وقد يحدث انخفاض طفيف في فعالية المناعة المكتسبة، وهو أمر متوقع مع السلالات الفرعية لأوميكرون خلال العامين الماضيين، لكن جرعات البوستر أثبتت حتى الآن قدرتها على الحد من المضاعفات الشديدة بشكل واضح.
وأضاف أنه لا توجد تقارير حتى الآن حول مقاومة المتحور الجديد لمضادات الفيروس المعروفة مثل «Paxlovid» أو «Remdesivir»، مؤكدًا أن بروتوكولات العلاج العالمية ما زالت فعّالة وتُظهر نتائج طيبة مع الحالات المصابة بـ“ستراتوس”.
وأشار الدكتور إسلام عنان، إلى وجود قدر من الفزع المبالغ بمصر رغم أن الوضع مشابه لما حدث في نفس الفترة من العام الماضي، حيث ظهرت زيادات موسمية في الإصابات بالتزامن مع انتشار متحور «نيمبوس» الذي لا يزال موجودًا حتى الآن، موضحًا أن العالم يتعامل حاليًا مع متحورين فرعيين أساسيين هما «ستراتوس» و«نيمبوس»، وكلاهما يشترك في القدرة على الهروب من اللقاحات بدرجات متفاوتة، لكن «ستراتوس» يُظهر أعراضًا أقوى قليلًا نتيجة سرعة انتشاره وليس نتيجة زيادة شراسته.
وشدد في ختام تصريحه على أنه لن يظهر أي متحور فرعي أقوى من أوميكرون في مستوى الخطورة، لأن الاتجاه الطبيعي لتحور الفيروس يميل إلى زيادة الانتشار وليس زيادة الشراسة، مشيرًا إلى أن جميع المتحورات الحالية تتصف بالقدرة على التكيف والهروب المناعي وليس بإحداث مرض أشد.
