أعلنت الهيئة الانتخابية في هندوراس، الأربعاء، فوز نصري عصفورة، مرشح الحزب الوطني المحافظ، بالانتخابات الرئاسية في البلاد، بعد منافسة شديدة ومتوترة.
وجرت الانتخابات في 30 نوفمبر، إلا أن إعلان الفائز تأخر عدة أسابيع نتيجة مشاكل فنية واتهامات بالتزوير، ما أثار توترات سياسية واسعة.
وأكدت اللجنة الوطنية للانتخابات أن عصفورة حصل على نحو 40.3% من الأصوات، متفوقاً بفارق ضئيل على منافسه سلفادور نصر الله، مرشح حزب الأحرار من تيار يمين الوسط، الذي حصل على 39.5% من الأصوات.
وكانت عمليات الفرز معقدة وفوضوية لدرجة أن نحو 15% من بطاقات الاقتراع لمئات الآلاف من الناخبين اضطر القائمون على العملية إلى فرزها يدوياً لتحديد النتيجة النهائية.
ويُنظر إلى هذه الانتخابات على أنها من أكثر الانتخابات جدلية في تاريخ هندوراس، نظرًا للتنافس الحاد بين مرشحين بارزين من أصول عربية، حيث ينحدر نصري عصفورة من أصول فلسطينية، ومنافسه سلفادور نصر الله من أصول لبنانية.
نشأة نصري عصفورة
وُلد نصري خوان عصفورة زبلح في 8 يونيو 1958، في تيغوسيغالبا عاصمة هندوراس، لأسرة فلسطينية هاجرت إلى أمريكا الوسطى في الأربعينيات. متزوج ولديه ثلاث بنات، ودرس الهندسة المدنية قبل أن يتفرغ للعمل في مجال البناء، حيث أسس عدة شركات، واكتسب خبرة تتجاوز ثلاثة عقود في هذا القطاع.
بدأ عصفورة مسيرته السياسية في عام 1990، عبر الانضمام إلى الحزب الوطني الهندوراسي، وشغل مناصب عدة، أبرزها عضوية الكونغرس الوطني وعمدة المقاطعة المركزية لمدة ثماني سنوات. شملت مسيرته المبكرة بين عامي 1990 و1994 منصبي مساعد المدعي العام البلدي ومساعد رئيسة البلدية، ثم تولى إدارة الخدمات العامة في العاصمة بين عامي 1994 و1998.
وفي الفترة بين 2010 و2014، انتُخب عضواً في الكونغرس الوطني عن إدارة فرانسيسكو مورازان، قبل أن يتولى رئاسة بلدية تيغوسيغالبا بين 2014 و2022، حيث أنجز مشاريع بنية تحتية شملت إنشاء جسور وأنفاق وتقاطعات مرورية محسنة، إضافة إلى توسعة الشوارع، وإعادة تأهيل الحدائق العامة، وتركيب أنظمة كاميرات أمنية للمراقبة المجتمعية.
حلم الرئاسة ومسيرته الانتخابية
عرف نصري عصفورة بلقب “تيتو عصفورة”، وبدأ السعي نحو رئاسة البلاد منذ العام 2021، عندما ترشح للمرة الأولى باسم الحزب الوطني، لكنه خسر أمام زيومارا كاسترو، مرشحة حزب ليبرال اليساري، التي حصلت حينها على دعم سلفادور نصر الله.
مع دخول الانتخابات الرئاسية لعام 2025، ركز عصفورة على برامج تطويرية تهدف لجذب الاستثمارات الأجنبية، من خلال إنشاء مناطق تجارة حرة ومتنزهات صناعية، وتحسين البنية التحتية للنقل والطاقة، إضافة إلى مشاريع إسكان اجتماعي تستهدف 550 ألف وحدة خلال عشر سنوات.
حصل عصفورة داخليًا على دعم موظفي الدولة، وقيادات الجيش والشرطة، وأهالي تيغوسيغالبا، إضافة إلى الناخبين الإنجيليين والنخب الاقتصادية التي استفادت من مشاريعه السابقة. وعلى الصعيد الخارجي، تلقى إشادة ودعمًا صريحًا من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أكد استعداده للتعاون مع الحكومة الجديدة حال فوز عصفورة، ما اعتبره الإعلام المحلي تعزيزًا كبيرًا لمرشح الحزب الوطني في مواجهة تحالف المعارضة.
ردود الفعل الدولية والمحلية
جاء فوز عصفورة وسط ترحيب أمريكي، حيث دعت واشنطن لاحترام النتائج لضمان انتقال سلمي للسلطة. وجاءت النتيجة بعد تهديد ترامب بتقليص المساعدات إذا لم ينتخب مرشحه، بينما أكدت بعثات مراقبة دولية عدم رصد مخالفات جسيمة، رغم الشكوك التي أثارتها عمليات الفرز الفوضوية.
على الصعيد المحلي، قد يشكل توحيد صفوف المعارضة، بقيادة السياسي المخضرم سلفادور نصر الله، أحد التحديات الرئيسية أمام الحكومة الجديدة، نظرًا لخبرة نصر الله الطويلة في السياسة، حيث شغل منصب نائب أول للرئيس في حكومة شيومارا كاسترو قبل استقالته في 2024، ويُعد من أبرز الشخصيات الليبرالية في هندوراس.
ويعد نصري عصفورة، ابن مهاجرين فلسطينيين ورجل أعمال بارز، أحد الشخصيات المؤثرة في الساحة السياسية والاقتصادية في هندوراس. يجمع بين خبرة طويلة في إدارة المشاريع العامة والخاصة وبين طموح سياسي للوصول إلى أعلى المناصب في البلاد.
فوزه بالرئاسة يأتي وسط أجواء جدلية واهتمام دولي ملحوظ، ويشير إلى بداية مرحلة سياسية جديدة في هندوراس، من المتوقع أن تشهد تحديات كبيرة داخليًا وخارجيًا، خصوصًا في ظل العلاقات المتشابكة مع الولايات المتحدة والتحالفات المحلية.
المصدر: صدى البلد
