قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الخميس، إنه ناقش مع المبعوثين الأميركيين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر سبل إنهاء الحرب الروسية بما وصفه بأنه “خطوات واتفاقات واقعية وموثوقة”، فيما تحدثت موسكو عن “تقدم بطيء بالمفاوضات مع الأميركيين.
وعبر زيلينسكي، في منشور على منصة “إكس”، عن أمله في أن تكون الأفكار والتفاهمات التي طرحت اليوم مع ويتكوف وكوشنر، هاتفياً، بمثابة خطوة أخرى نحو السلام.
وقال: “اليوم أجرينا محادثة جيدة جداً مع المبعوث الخاص للرئيس ترمب ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، وأشكرهم على النهج البناء، والعمل المكثف، والكلمات الطيبة وتهاني عيد الميلاد للشعب الأوكراني”.
وأضاف: “نعمل حقاً على مدار الساعة لتقريب نهاية هذه الحرب الروسية الوحشية ضد أوكرانيا، وضمان أن تكون جميع الوثائق والخطوات واقعية وفعالة وموثوقة”.
وتابع زيلينسكي: “ناقشنا بعض التفاصيل الجوهرية للعمل الجاري، وهناك أفكار جيدة يمكن أن تعمل نحو نتيجة مشتركة وسلام دائم، فالأمن الحقيقي، والتعافي الحقيقي، والسلام الحقيقي هو ما نحتاجه جميعاً – أوكرانيا والولايات المتحدة وأوروبا، وكل شريك يساعدنا”.
واختتم الرئيس الأوكراني منشوره قائلاً إن عدداً من المسؤولين الأوكرانيين انضموا إلى لمحادثة، مثل كبير المفاوضين الأوكرانيين رستم عمروف ووزير الخارجية أندري سيبيها، وأضاف: “اتفقنا على أن يتحدث رستم عمروف اليوم (الخميس) مع ستيف وجاريد.. نعتقد أن هذه هي الطريقة الصحيحة – ألا نضيع يوماً واحداً أو فرصة واحدة يمكن أن تقرب النتيجة.. عسى أن تصبح محادثة اليوم خطوة أخرى نحو السلام”.
الرد الروسي على تعديلات زيلينسكي
في المقابل، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، الخميس، إن هناك تقدماً بطيئاً لكنه مستمر في المفاوضات مع الولايات المتحدة لإنهاء الحرب في أوكرانيا.
ونقلت صحيفة “كوميرسانت” الروسي عن زاخاروفا قولها إن التقدم في المفاوضات “يصاحبه محاولات ضارة للغاية، وحتى خبيثة، من مجموعة من الدول – خاصة الدول الأوروبية الغربية – لتقويض هذه الجهود، وإفشال جميع التطورات الدبلوماسية”.
وأضافت: “في الحوار مع الإدارة الأميركية، ندعو دائماً زملاءنا إلى معارضة هذه العملية المدمرة بنشاط”.
واتهمت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية من وصفتهم بـ”الداعمين الأوروبيين لنظام كييف” بأنهم ما زالوا “يراهنون على تصعيد الصراع واستمرار القتال في أوكرانيا”، وقالت: “ما زالوا يراهنون على تصعيد التوترات واستمرار القتال حتى مقتل آخر أوكراني.. لماذا؟ لأن كل ما يريدونه هو المال”.
وأضافت: “يبدو أن أوروبا (المستنيرة) نفسها، التي تُنادي باستمرار بضرورة التوصل إلى تسوية سلمية، ستأخذ هذه الـ90 مليار يورو وتُدمجها في خطة التنمية الاقتصادية لأوكرانيا.. نعم، بالنظر إلى أنها هي من دمرت دولة أوكرانيا، لكن هذا ليس جزءًا من خطط الاتحاد الأوروبي، كما يقول كبار مسؤولي بيروقراطية بروكسل.. إنهم بحاجة إلى مذبحة”.
وقدم زيلينسكي، الثلاثاء، خطة سلام من 20 نقطة صاغها مسؤولون أوكرانيون وأميركيون وأوروبيون، وتضمنت تغييرات كثيرة عن الخطة التي وُضعت في أكتوبر وكانت تتضمن بشكل أساسي تنازل أوكرانيا عن الأراضي واستبعاد عضوية حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين، الخميس، رداً على سؤال حول خطة السلام التي تتوسط فيها الولايات المتحدة: “وفقاً للخطة (التسوية السلمية) نقوم بتحليل ما سلّمه (مبعوث الرئيس الروسي كيريل) دميترييف إلى بوتين، وسنواصل تحليل هذه المواد، وبناءً على قرارات رئيس الدولة، سنواصل تواصلنا مع الأميركيين”.
وكان بيسكوف قال لوسائل إعلام روسية: “لن يكون هناك أي تعليق.. ما زلنا نؤمن بضرورة إجراء جميع المفاوضات في جلسات مغلقة”.
ويضغط الرئيس الأميركي دونالد ترمب من أجل التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب المستعرة منذ قرابة أربع سنوات. وفي الأسابيع الأخيرة، بدأت جهود السلام التي يقودها ويتكوف وكوشنر تتقدم ببطء.
تعليقات روسية على تعديلات زيلينسكي
وجاءت ردود المعلقين في روسيا رافضة بشكل كبير للخطة المقترحة لإنهاء حرب أوكرانيا، بعد إدخال الكثير من التعديلات الأوروبية والأوكرانية عليها.
وقال الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف، الأربعاء، إن حوالي 417 ألف مجند وقعوا عقوداً جديدة للانضمام إلى الجيش الروسي في عام 2025، وهو رقم يتفق إلى حد كبير مع تقديرات باحثين مستقلين.
وكتب المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأوروبية والأميركية أندريه نيزاموتدينوف في وكالة تاس الروسية أن “حتى معرفة سطحية بالنص توضح أن الخطة غير مقبولة تماماً لروسيا، ومن غير المرجح أن يتفق رعاة كييف الغربيون على بعض البنود”.
ووصف المقترح الذي قدمه زيلينسكي بأنه “سخيف ومنفصل عن الواقع لدرجة أنه يشكك مرة أخرى في الصحة النفسية لكاتبه”.
واعتبر نيزاموتدينوف أن زيلينسكي يستهدف من وراء طرح هذا المقترح محاولة كسب الوقت على أمل أن يتغير موقف إدارة واشنطن تجاهه ويعود الوضع إلى زمن الرئيس الأميركي السابق جو بايدن.
وقال إنه يحاول أيضاً “الحفاظ على تعاطف ذلك الجزء من النخب الحاكمة الأوروبية الذي لا يتخلى عن الأمل الوهمي في إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا على يد أوكرانيا، وبالتالي يدعو إلى استمرار الصراع”.
ولفتت صحيفة “نيويورك تايمز” إلى ما قاله محلل الشؤون الدولية المقيم في موسكو، أليكسي ناعوموف، عن الخطة الأوكرانية الجديدة في منشور على تطبيق تليجرام: “هذه مهزلة مطلقة”، وأضاف: “الفكرة واضحة: عرض هذا على الأميركيين على أنه حل وسط، ثم إلقاء اللوم على روسيا لفشلها (المفاوضات)”.
وقال جورجي بوفت، وهو محلل روسي، عن المحطة التي تحتلها القوات الروسية حالياً لكن أوكرانيا تفضل تشغيلها بالاشتراك مع الولايات المتحدة: “لا تقدم الخطة أي حل وسط فيما يتعلق بالأراضي أو محطة زابوريجيا للطاقة النووية”.
وأشارت صحيفة “واشنطن بوست” إلى وصف المدون العسكري ألكسندر كوتس للمقترح الأوكراني بأنه “ميت منذ ولادته” وغير مقبول، منتقداً ما اعتبره تناقضاً بين جيش أوكراني قوامه 800 ألف جندي والهدف الروسي المعلن بتجريد أوكرانيا من السلاح، إضافة إلى غياب أي تسوية بشأن مناطق دونيتسك ولوجانسك وخيرسون وزابوريجيا التي تطالب بها روسيا.
كما سخرت مقدمة البرامج في التلفزيون الرسمي أولجا سكابييفا من البنود الرئيسية، ومن بينها القيود على الجيش الأوكراني، ومقترحات إدارة محطة زابوريجيا النووية، وانسحاب روسيا من عدة مناطق ووقف إطلاق نار لمدة 60 يوماً، معتبرة أنها “مطالب مجنونة لزيلينسكي”.
وفي مقال بصحيفة “كومسومولسكايا برافدا” الموالية للكرملين، وصف المحلل الروسي ألكسندر جريشين الخطة بأنها “زائفة”، معتبراً أنها لا تتضمن أي إشارة إلى التفاهمات بين ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال قمة ألاسكا هذا الصيف.
