يزور الرئيس الكوري الجنوبي، لي جاي ميونج، الصين، في مطلع يناير المقبل، ليصبح أول رئيس كوري جنوبي يزور البلاد منذ 2019، حسبما نقلت صحيفة “ساوث تشاينا مورنينج بوست”.
وذكرت الصحيفة أن “من المتوقع أن يناقش لي مع بكين القضايا الأمنية، بما في ذلك طموحات كوريا الشمالية النووية وإنفاذ العقوبات الدولية، واستعادة التواصل بين الكوريتين، إضافة إلى دعم الاقتصاد الكوري الجنوبي من خلال تعزيز العلاقات التجارية مع الصين”.
وتأتي الزيارة بعد لقاء لي مع الرئيس الصيني شي جين بينج في أكتوبر الماضي، على هامش قمة “أبيك”، ومن المتوقع أن يرافقه وفد أعمال كبير لتعزيز التعاون الاقتصادي والصناعي، خاصة في مجالات التكنولوجيا المتقدمة والصناعات الناشئة. كما تسعى سول إلى توسيع دورها كوسيط محتمل في الحوار بين واشنطن وبيونج يانج، في ظل التوترات الإقليمية المستمرة ونزاعات بحرية قائمة في المنطقة.
ولم يؤكد أي من الطرفين الزيارة رسمياً بعد، لكن التحضيرات جارية، كما أبرزها الحوار الاستراتيجي على مستوى نواب الوزراء في بكين بين بارك يون جو، أول نائب وزير للخارجية في كوريا الجنوبية، وما تشاوكسو، نائب وزير الخارجية الصيني.
ووفق وزارة الخارجية الكورية الجنوبية، ناقش المسؤولان القضايا الإقليمية والدولية الحرجة، وركزا على استقرار الوضع في شبه الجزيرة الكورية ومعالجة النزاعات البحرية في البحر الأصفر، المعروف في كوريا الجنوبية باسم “البحر الغربي”، مما يشير إلى جهد مشترك لإحياء قنوات الاتصال رفيعة المستوى.
وإذا تم المضي قدماً في الزيارة، فستكون بعد حوالي شهرين من زيارة شي إلى كوريا الجنوبية لحضور قمة “أبيك”، وهي أول زيارة له للبلاد منذ 11 عاماً.
ومن المرجح أن يسعى لي إلى الحصول على مساعدة بكين لإعادة بيونج يانج إلى طاولة المفاوضات، حيث ظل التواصل بين الكوريتين متوقفاً.
وبعد معالجة القضايا الأمنية، من المتوقع أن تهدف الزيارة إلى استعادة الاستقرار في العلاقات الثنائية، بما يعود بالنفع على الشركات الكورية الجنوبية والاقتصاد الأوسع.
وقال نيو شياو بينج، الباحث المتخصص في شؤون شبه الجزيرة الكورية، في معاهد شنغهاي للدراسات الدولية، إن تبادل الزيارات بين زعيمي البلدين في غضون ثلاثة أشهر فقط يبرز التزامهما بتعميق العلاقات.
قمة ترمب وكيم المحتملة
وتتزايد التوقعات لعقد قمة بين زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون، والرئيس الأميركي دونالد ترمب، في وقت زيارة الأخير المقررة للصين في أبريل المقبل، إذ قد يسعى ترمب، الذي التقى بكيم آخر مرة في 2019، لإعادة الانخراط مع كوريا الشمالية لتحقيق انتصار دبلوماسي قبل انتخابات التجديد النصفي الأميركية في نوفمبر المقبل 2026.
وفقاً لنيو، ترى سول أن زيارة ترمب للصين ستكون لحظة حاسمة قد تحدد المسار المستقبلي لشبه الجزيرة الكورية.
وقال: “ترغب سول في التوصل إلى اتفاق مع بكين بشأن القضايا الرئيسية مثل برنامج كوريا الشمالية النووي، والعقوبات، مع السعي أيضاً لدعم الصين وتعاونها في تيسير الحوار بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية والمحادثات بين الكوريتين”.
بدوره قال كانج جون يونج، أستاذ الدراسات الصينية في جامعة هانكوك للدراسات الأجنبية في سول، إن لي قد يستخدم زيارته للضغط على الصين بشأن برنامج كوريا الشمالية النووي، مشيراً إلى أن هذه القضية تم التقليل من أهميتها في أحدث ورقة سياسات صادرة عن بكين، وأعطيت اهتماماً أقل في استراتيجية الأمن القومي الأميركية الأخيرة.
وأمر كيم بتسريع إنتاج الصواريخ وقذائف المدفعية، ودعا لبناء المزيد من المصانع لتعزيز ترسانة الجيش الكوري الشمالي.
وقال كانج، إن الرئيس الكوري الجنوبي يمكن أن “يوصل رسالة إلى الصين، حاثاً إياها على التركيز بشكل أكبر على مسألة نزع السلاح النووي”. وأضاف: “مع ذلك، فإن بكين في موقف حساس. لقد أعلنت بيونج يانج نفسها دولة نووية. أي ضغط من الصين نحو نزع السلاح من المرجح أن يكون عديم الجدوى في بيونج يانج، وحتى إذا مارست الصين ضغوطاً، فمن المحتمل أن تكون غير فعالة”.
وتفضل وزارة التوحيد، استراتيجية ثنائية تركز على كوريا الشمالية، بينما تعطي وزارة الخارجية الأولوية لإطار تنسيق دولي بقيادة الولايات المتحدة.
ومن المتوقع أن يرافق لي في زيارته، قادة أكبر الشركات الكورية الجنوبية، بما في ذلك وفد أعمال يضم نحو 200 مسؤول تنفيذي. ستكون هذه أول زيارة لوفد أعمال كوري جنوبي إلى الصين منذ 2019.
قضية الغواصات النووية
ليو زي يانج، أستاذ الأعمال العالمية في جامعة كيونجي في سوون بكوريا الجنوبية، اعتبر أن زيارة لي المرتقبة إلى الصين، “قد تساعد في ترسيخ وتأسيس التوافق السياسي الذي تحقق خلال لقائه مع شي في أكتوبر الماضي”.
وأضاف: “أحد الأهداف الأساسية للي في زيارة الصين هو استقرار التوقعات في العلاقات الثنائية، من أجل خلق بيئة خارجية أكثر قابلية للتنبؤ لاقتصاد كوريا الجنوبية وأعمالها”.
في اجتماع الزعيمين الأخير، دعا شي إلى التعاون الثنائي في مجالات ناشئة مثل الذكاء الاصطناعي، والأدوية الحيوية، والصناعات الخضراء.
وعلى الرغم من تجدد الزخم الدبلوماسي، لا تزال هناك نزاعات قائمة، بما في ذلك خطة سول المدعومة من الولايات المتحدة بشأن الغواصات نووية، وتوسع حضور بكين في البحر الأصفر.
ويتم إحراز تقدم في صفقة الغواصات النووية، حيث تخطط سول لتجهيز غواصاتها بمفاعلات تعمل بالوقود منخفض التخصيب.
كما اتفقت كوريا الجنوبية والولايات المتحدة على متابعة اتفاق منفصل لتقنين حق سول في تطوير الغواصات النووية، مع جدول مناقشات على مستوى العاملين في أوائل العام المقبل.
في الوقت نفسه، أوضح زعيم كوريا الشمالية عدم رضاه عن خطة غواصات كوريا الجنوبية النووية.
وفق وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية التي تديرها الدولة، وصف كيم خطة غواصات سول بأنها عمل هجومي وتهديد لكوريا الشمالية، متعهداً بتعزيز قوة غواصات بيونج يانج النووية.