تنشر هذه المادة في إطار تعاون بين وDW


يرى المحلل الأمريكي توماس واريك أن خطة الرئيس دونالد ترامب للسلام بشأن غزة، والتي تعد أمله الأكبر للفوز بجائزة نوبل للسلام، تحتاج إلى دفعة قوية عندما يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 29 ديسمبر/كانون الأول الجاري.

وحتى عيد الميلاد، يبدو أن الخطة لم تحرز تقدماً، لكن هذا صحيح جزئياً. ويعد رفض حماس تسليم أسلحتها هو المشكلة الكبرى، غير أن الحل يكمن في يد الرئيس ترامب أكثر مما يدرك الكثيرون.

وقال واريك، وهو زميل أول غير مقيم في مبادرة سكوكروفت لأمن الشرق الأوسط التابعة لبرنامج الشرق الأوسط في المجلس الأطلسي وعمل في وزارة الخارجية الأمريكية بين عامي 1997 و2007 في قضايا الشرق الأوسط والعدالة الدولية، بما في ذلك رئاسة التخطيط لما بعد الحرب في العراق بين عامي 2002 و2003: “توليت قيادة التخطيط لما بعد الحرب في العراق بوزارة الخارجية الأمريكية، وعملت على عمليات ما بعد النزاعات في البوسنة وكوسوفو والعراق وتيمور الشرقية وليبيا وأفغانستان. بعد الهجوم الإرهابي الذي شنته حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حذرت، إلى جانب العديد من الأشخاص الآخرين، من مخاطر عدم التخطيط لمرحلة ما بعد الحرب في غزة، وانضممت إلى مجموعة من كبار المسؤولين السابقين لوضع خطة لمرحلة ما بعد الحرب في غزة”.

“حماس وإسرائيل تعملان على إبطاء تنفيذ خطة ترامب”

وأضاف، في تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست الأمريكية، أن الحكومات العربية لن تمول إعادة إعمار غزة ما دامت حماس تحتفظ بأسلحتها، التي سوف يؤدي استخدامها إلى رد إسرائيلي يدمر ما أُعيد بناؤه. ويعتقد البعض أن حماس وإسرائيل تعملان على إبطاء تنفيذ خطة ترامب، الأمر الذي من شأنه أن يزيد من معاناة المليونين من سكان غزة الذين يعيشون في ظروف سيئة ويعرضون أمن الإسرائيليين والفلسطينيين للخطر بينما تشدد حماس قبضتها الخانقة على نصف أراضي غزة ومعظم سكان غزة.

رؤى متضاربة

على الرغم من ذلك، يجري الكثير من العمل وراء الكواليس، لكن يتعين على ترامب الآن اتخاذ خيار رئيسي من بين ثلاث رؤى متضاربة. وإحدى هذه الرؤى، والتي من المرجح أن يسعى رئيس الوزراء نتنياهو إلى الدفع لتحقيقها، هي الحصول على موافقة ترامب على عمل عسكري إسرائيلي ضد مقاتلي حماس. ويكمن المنطق الاستراتيجي في أن إضعاف حماس بشكل أكبر سيجعلها عاجزة في نهاية المطاف عن التدخل في خطة ترامب للسلام.

وترددت تقارير مفادها أن نتنياهو يريد أيضاً دعم الولايات المتحدة لشن هجوم على برنامج الصواريخ الإيراني، الذي تعمل إيران بشكل نشط على إعادة بنائه.

وربما يطلب نتنياهو أيضاً تفويضاً من ترامب لمهاجمة حزب الله، إذا رفض تسليم أسلحته للقوات المسلحة اللبنانية. وربما يوافق ترامب على أحد هذه المقترحات، لكنه لن يوافق عليها جميعاً.

“أمانة تنفيذية” دولية من خمسة “مفوضين”

أما الثانية، حسب المحلل، فهي الخطة التي أعدها معهد توني بلير الصيف الماضي. وتتضمن مسودة مسربة، نُشرت في صحيفة هآرتس في سبتمبر/أيلول الماضي، عن تأسيس “أمانة تنفيذية” دولية صغيرة تضم خمسة “مفوضين” يشرفون على السلطة التنفيذية الفلسطينية التي تدير غزة فعليا.

تضع هذه الخطة مسؤوليات كبيرة على عاتق الفلسطينيين المحليين، الذين لن يكونوا منتمين لحماس. ومع ذلك، تتضمن المسودة المسربة نقطة ضعف فيما يتعلق بكيفية نزع سلاح حماس ومنع حماس من ابتزاز أو إكراه سكان غزة، بما في ذلك أولئك الموجودين في السلطة التنفيذية الفلسطينية، على الرضوخ لإرادتها. وتدعو المسودة إلى نشر جزئي للقوات في العامين الأولين، على أن تبدأ العمليات الكاملة في العام الثالث فقط، وهو وقت متأخر جداً. ويبدو أن آليات التدقيق والمراجعة تعاني نقصاً كبيراً في طاقم العاملين. ويعد الفساد سبباً رئيسياً وراء انعدام ثقة الكثير من الفلسطينيين في السلطة الفلسطينية في رام الله، وسوف يتبخر الدعم لإعادة إعمار قطاع غزة إذا كررت هذا الفشل.

وفي ظل ميزانية إجمالية تبلغ 90 مليون دولار فقط في السنة الأولى، تبدو الخطة صغيرة للغاية بحيث لا يمكن أن تشرف على حجم العمل المطلوب لبدء إعادة الإعمار المادي والاجتماعي في غزة. والأمر المؤكد تقريباً أنه تم تحسين هذه الخطة منذ سبتمبر/أيلول، لكن ترامب سيرغب في معرفة ما إذا كان قد تم معالجة هذه المشاكل.

شركات أمنية خاصة؟

وتتعلق الثالثة بنظام الإمداد في غزة، الذي أعده أمريكيون يقدمون تقاريرهم للمبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، وصهر ترامب جاريد كوشنر، وسيستخدم النظام رؤوس أموال خاصة لتسريع إطلاق عملية إعادة الإعمار المادي والاجتماعي في غزة، شرق الخط الأصفر، مع توظيف شركات أمن خاصة للقيام بأدوار ترفض قوة الاستقرار الدولية القيام بها. وسوف يتفادي هذا عقبتين: أولاً، لم تساهم أي حكومة عربية فعلياً بمليارات الدولارات في إعادة إعمار غزة، وثانياً، أن المقاولين الأمنيين الخاصين على استعداد للعمل في غزة حتى في حين تصر الولايات المتحدة على عدم نشر قوات أمريكية على الأرض، بينما لا ترغب بلدان أخرى في جعل قواتها تواجه حماس.

وأشار واريك إلى أنه وفقا لمقال في صحيفة الغارديان البريطانية، سيتم سداد أموال لمستثمري القطاع الخاص نظير تسريع إطلاق عملية إعادة إعمار غزة من خلال فرض رسوم جمركية على شاحنات المساعدات والشاحنات التجارية التي تدخل غزة.

وسوف يتعين على ترامب أن يقرر قريبا ما هو المقترح الذي سوف يدعمه من بين هذه المقترحات الثلاثة المتعارضة. من غير المرجح أن ينجح انتظار حماس لنزع سلاحها طواعية، الأمر الذي سوف يطيل معاناة مليوني غزة ويزيد من المخاطر الأمنية على الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء. ولم تقر الحكومات العربية خطة بلير.

المصدر: عنب بلدي

شاركها.