اخبار تركيا

في ظل تصاعد التهديدات التي تفرضها الصواريخ الفرط صوتية وتغيّر طبيعة الحروب البحرية، تعود حاملات الطائرات إلى واجهة السباق العسكري العالمي. فبينما أعلنت فرنسا المضي قدما في مشروع حاملة الطائرات النووية الجديدة، كشفت تركيا عن بدء تصنيع حاملة طائراتها الوطنية «موغيم»، في رهان مشترك على هذه المنصات العملاقة بوصفها أدوات ردع وسيادة وقدرة على إسقاط القوة بعيدا عن الحدود، رغم الجدل المتزايد حول قابليتها للبقاء في ساحات القتال الحديثة.

وكشف تقرير نشره موقع “شيناري إيكونوميشي” الإيطالي عن تصاعد سباق بناء الحاملات العملاقة بين فرنسا وتركيا، إذ كشفت باريس عن مشروع بانغ النووي، بينما أعلنت أنقرة بدء تصنيع حاملة الطائرات الوطنيةموغيم.

وقال الكاتب فابيو لوغانو إنه جرى توصيف موغيم بأنها “الشقيق الأكبر” للسفينة تي سي جي أناضولو، حيث تمثل الوحدة الجديدة قفزة نوعية كبيرة للبحرية التركية.

ووفقا للكاتب، لا تقتصر موغيم على كونها هيكلا بحريا فحسب، فالتصميم، الذي جرى تحسينه باستخدام أدوات متعددة الأبعاد، يعد بتحقيق قدرة أفضل على مواجهة ظروف البحر، إلى جانب خفض استهلاك الوقود بنسبة 1.5%.

خصائص تقنية

وذكر الكاتب أن السفينة، المصممة للانتقال من مهام الدفاع الساحلي إلى العمل في أعالي البحار “بلوووتر”، ستستوعب نحو 50 طائرة موزعة بين سطح الطيران والحظائر الداخلية، في إطار جناح جوي متنوع يجمع بين نسخ بحرية من هورغيت، والطائرة المسيّرة أنكا3، وبيرقدار، بحسب ما أورده “الجزيرة نت”.

وعلى صعيد الحماية الذاتية، تعتمد السفينة على أنظمة “سي آي دبليو إس غوكدينيز” للدفاع القريب، إلى جانب قواذف الإطلاق العمودي ميدلاس، بما يمنحها قدرة دفاعية وهجومية مباشرة تعزز استقلاليتها في مسارح العمليات البحرية.

وأشار الكاتب إلى أنه على الجبهة الغربية، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رسميا عن خليفة حاملة الطائراتشارل ديغول، وستكون “بورتأفيون نوفيل جينيراسيون” (بي إيهإن جي) أكبر سفينة حربية في أوروبا، وقد جرى الإعلان مؤخرا عن التمويل الرسمي النهائي للمشروع من قبل الرئيس ماكرون.

وتراهن فرنسا على الدفع النووي بوصفه ركيزة لضمان استقلالية إستراتيجية كاملة، إذ تأتي الحاملة الجديدة بإزاحة تبلغ 78 ألف طن وطول يصل إلى 310 أمتار.

منظومة لافتة

وتعتمد “بي إيهإن جي” في تشغيلها على مفاعلين نوويين من طراز كي 22، تتراوح القدرة الإنتاجية لكل واحد منهما بين 220 و230 ميغاواط، ما يوفر مدى تشغيليا واسعا وطاقة كافية لدعم أنظمة قتالية متقدمة. وفي هذا الإطار، جرى تزويد الحاملة بمنجنيقات كهرومغناطيسية إيمالس، يرجح أن تكون ذات منشأ أميركي.

وأضاف الكاتب أنه من المقرر أن تدخل الحاملة الخدمة في عام 2038 وستحمل مقاتلات الجيل الجديد (إف سي إيه إس أو مقاتلاترافالإم المطورة)، بما يضمن لباريس القدرة على العمل في منطقة الهندي والهادي دون الاعتماد على قواعد ثابتة، وهو عامل حاسم في عالم يزداد تفككا وتعقيدا.

وعلى عكس حاملة الطائرات الحالية شارل ديغول، ستزود الحاملة الجديدة بمفاعلين نوويين بدلا من واحد، ما يسمح بسرعة أعلى ويوفر الطاقة اللازمة لتشغيل أسلحة الطاقة الموجّهة أو المدافع الكهرومغناطيسية، إضافة إلى منجنيقات الإطلاق المغناطيسية الجديدة.

وتبرز موغيم التركية بطول يقارب 300 متر، وإزاحة تتراوح بين 60 ألف طن و70 ألف طن، مع اعتمادها على دفع تقليدي ونظام إطلاق بالمنجنيق في نسخته غير الكهرومغناطيسية.

جدوى حاملات الطائرات

ويبرز الكاتب اختلافا جوهريا بين موغيم التركية وحاملة الطائرات الأميركية “يو إس إسرونالد ريغان”، وبدرجة أقل الحاملة الفرنسية، يتمثل في أن المشروع التركي يقوم على تسليح مباشر وقوي، يجمع بين القدرات الدفاعية والهجومية في آن واحد، إذ جرى تزويده بـ32 خلية إطلاق عمودي مخصصة لصواريخ مضادة للطائرات وأخرى تكتيكية مضادة للسفن.

وبحسب الكاتب، يرى المنتقدون، مستندين إلى وثائق صادرة عن البنتاغون وتحليلات، أن حاملات الطائرات عموما باتت “أهدافا عائمة” في مواجهةالصواريخ الفرط صوتيةالحديثة الصينية أو الروسية، ومع ذلك، فإن العقيدة العسكرية السائدة لا تتفق مع هذا الطرح.

لكن الأدميرال الأميركي بابارو وحتى عدد من الأدميرالات الروس السابقين شدد على أن حاملة الطائرات تظل الأداة الوحيدة القادرة على توفير قاعدة جوية سيادية، متحركة، وقوية، غير خاضعة لتصاريح أو اعتبارات دبلوماسية تفرضها الدول المضيفة.

ومن منظور اقتصادي تحفيزي، تُعد هذه المنصات أيضا محركات هائلة للتقدم التكنولوجي والصناعي، فما دامت الحاجة قائمة إلى توفير القوة بعيدا عن الحدود الوطنية، ستواصل القوات البحرية بناء هذه المدن العائمة، مع تقبّل المخاطر المحسوبة الة بقابليتها للتعرّض لهجمات وسط البحر.

شاركها.