31 ديسمبر 2025Last Update :

صدى الإعلام – الكاتب: موفق مطر – نقرأ في كتاب الدكتور محمود عباس، رئيس دولة فلسطين “فلسفة الصبر.. الطريق الى الدولة” في الصفحة 161 تحت عنوان “معركة العقل” فقرة من حديث ادلى به لصحيفة الشرق الأوسط عام 1994 بنصها التالي:”إن محصلة الصراع العربي الاسرائيلي ادت الى وصول الشعب الفلسطيني الى وضع باتت فيه مسالة الحفاظ على وجوده الوطني القومي فوق جزء من ارضه التاريخية مسألة يتوقف على انجازها مجمل ومستقبل الشعب الفلسطيني “…. وكان دائما يجيب:” إننا نريد دولة كباقي شعوب الأرض التي تبحث عن الاستقلال “.

وكان قد كتب في الصفحة 69 :” امسك الفلسطينيون بالقضية عام 1964 ويعود الفضل في ذلك لأحمد الشقيري الذي انشأ الكيانية الفلسطينية، ولم يكن بيننا وبينه تناقض بل بالعكس كنا متفاهمين …. لكن المهم اننا جئنا الى منظمة التحرير بعد ان كنا ثورة وبدأنا مسيرة عسكرية ومسيرة سياسية، وأظن الآن ان المسيرة السياسية متوجة بالكثير من القضايا المرتبطة بالمسيرة النضالية الفلسطينية العسكرية والسياسية ومنها الاعتراف الدولي، والمحكمة الجنائية الدولية والمؤسسات الدولية “.

ونستخلص مما سبق أن المناضل الفلسطيني المعني باستقلالية القرار الوطني، وتوازنه مع الهوية الوطنية العربية الانسانية الفلسطينية المستمدة صبغتها من الارث الحضاري قد فكر سلفا بتأسيس الكيانية السياسية للتعبير عن الوجود التاريخي والحضاري للشعب الفلسطيني ، كحالة سابقة على مرحلة الكفاح المسلح،لذلك نالت حركة التحرر الوطنية الفلسطينية تقدير واحترام أحرار العالم، فمنذ بداية تشكيل الخلية الأولى لحركة التحرر الوطنية، وقبل سنوات على اطلاق الثورة في فجر الأول من يناير 1965 كانت الرؤية ألا يتم التعامل مع قضية فلسطين ببعد انساني (قضية لاجئين) وحسب، بل قضية حق ثابت مشروع لتقرير المصير، ونيل الحرية والاستقلال، فكان الكفاح الوطني الملتزم والمسيس، والمنهج العقلاني الواقعي سر ديمومة حركة التحرر الوطنية الفلسطينية وقدرتها على ادارة (معركة العقل) بمواجهة منظومة الاحتلال والاستعمار الاستيطاني الصهيونية، كسبيل لانتزاع أجزاء من ارض الوطن لتجسيد هدف قيام سلطة وطنية فلسطينية، كما في (برنامج النقاط العشر السياسي) الصادر عن المجلس الوطني الفلسطيني عام 1974، ومن ثم الانتقال الى هدف تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، مع التمسك بالحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني على رأسها حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وفقا لحلول عادلة تضمنتها قرارات الأمم المتحدة وأولها القرار 194 كما في وثيقة الاستقلال عام 1988، ومنذ اقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بترفيع مكانة عضوية منظمة التحرير الفلسطينية الى مرتبة دولة بصفة مراقب عام 2012 بعد سلسلة قرارات بقوة القانون اصدرها رئيس الدولة، وجملة اصلاحات للتوافق مع برامج عمل لتحقيق اهداف سياسية وطنية، ارتفع تقييم مؤسسات السلطة الوطنية لدى المجتمع الدولي الى مستوى مؤسسات دولة حتى نالت اعترافا هذا العام، من 160 دولة في العالم بما فيها اربع دول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي من اصل خمس، نجد لزاما علينا التأكيد على منع أي انحراف تحت شعارات وثرثرات، تؤدي لاختراقات تحرف “معركة العقل”عن اهدافها، والتحذير من أن نقيضها يعني السقوط في مربع (معركة السلاح) المحسومة سلفا لمنظومة الاحتلال الاسرائيلي والبراهين على ذلك مازالت تأتينا تباعا حتى اللحظة ممن راهنوا على ليس تدمير انجازات العقل الوطني الانساني الفلسطيني وحسب، بل انخرطوا بكامل وعيهم في المؤامرة لنسف اساسات الكينونة السياسية الفلسطينية التي بلغت الرشد والنضج عبر عقود من التجارب والخبرة المتراكمة والرؤية العقلانية والسياسة الواقعية ذات الأبعاد الانسانية الجوهرية التي كرسها الرئيس محمود عباس كمنهج، دفعت كثيرا من رؤساء دول كبرى لاعتمادها في “اعلان نيويورك” والمؤتمر الدولي لتطبيق حل الدولتين، ومازالت رحى معركة العقل دائرة، وستبقى لتثبيت مبدأ الحياة بكرامة لإنسان وشعب الوطن (فلسطين) فقد أكد الرئيس ابو مازن قبل ايام في بيان صدر عنه محدداتها ومنها :” إن الوفاء لتضحيات شهدائنا الأبرار، وأسرانا البواسل، وجرحانا، وعائلاتهم الصامدة، هو التزام وطني وأخلاقي راسخ، لا يخضع للمزايدة أو الاستثمار السياسي، ولا يجوز استخدامه وسيلة للتحريض أو لإثارة الانقسام أو المساس بمؤسسات دولتنا الوطنية الشرعية..وانطلاقاً من المسؤوليات الدستورية الملقاة على عاتق رئيس دولة فلسطين، وبموجب أحكام القانون الأساسي الفلسطيني، فإن إصدار القرارات بقانون يتم حصراً ضمن الصلاحيات الدستورية للرئيس، ووفق مقتضيات المصلحة الوطنية العليا، وبما يضمن حماية النظام السياسي الفلسطيني، واستمرارية عمل مؤسسات الدولة ..ونؤكد التزامنا باستكمال الإصلاح الدستوري والسياسي، بما في ذلك العمل على إعداد الأطر الدستورية اللازمة للانتقال المنظم من مرحلة السلطة الوطنية إلى مرحلة الدولة ” وأنهى بيانه بدعوة ابناء الشعب كافة :” للتحلي بروح المسؤولية الوطنية، والالتزام بخطاب عقلاني جامع يحترم القانون والحقائق، والاحتكام إلى الأطر الشرعية والدستورية، وتغليب المصلحة الوطنية العليا “..لقد اخلص الرئيس وصدق بعمله ورؤاه .. فالانتصار بمعركة العقل اقصر الطرق الى الدولة .

شاركها.