بينها الخوف من 25 يناير جديدة.. أسباب تزايد قتل المصريين تحت التعذيب في أقسام الشرطة وطن

Advertisement
وطن أضيفت واقعة مقتل المواطن المصري محمود عبدالجواد في مركز شرطة نبروه بمحافظة الدقهلية، إلى سجل حافل ومتزايد بعدد المواطنين الذي يُقتلون في مراكز الاحتجاز الأمنية بسبب التعذيب
وكان المواطن محمود عبدالجواد (33 عاما)، المقيم بكفر الجنينة بمركز نبروه محافظة الدقهلية “دلتا النيل”، قد قتل بعد 5 أيام من القبض عليه في قضية جنائية؛ نتيجة التعذيب بمركز شرطة نبروه.
بدورها، وثّقت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان“، الجريمة عبر الصور التي تثبت آثار التعذيب على جسد المواطن الذي يعمل شيفا بأحد المطاعم، كما وثقت الواقعة عن طريق شهود عيان داخل قسم نبروه.
وقالت الشبكة إنه جرى القبض على عبدالجواد، في الشارع أمام زوجته التي جرى الاعتداء عليها بصاعق كهربائي، ليجري ضربه وتعذيبه وصعقه بالكهرباء على يد أفراد الأمن بقيادة رئيس المباحث إسلام عنان، ما أدى لوفاته، الأمر الذي نفته وزارة الداخلية.
الداخلية تنفي رواية التعذيب
في حين نفت وزارة الداخلية الخميس الماضي، وفاة عبدالجواد، نتيجة التعذيب، معلنة أن وفاته حدثت خلال نقله إلى المستشفى للعلاج، بسبب إصابته بهبوط حاد بالدورة الدموية.
وفي السنوات الماضية، تكررت حالات الوفاة نتيجة التعذيب المميت بأماكن الاحتجاز، ودائما ما تنفي الداخلية صلة أفرادها بارتكاب هذه الانتهاكات، بدلا من فتح تحقيق داخلي ومحاسبة المتورطين، وسط تجاهل من قِبل النائب العام المصري ونوابه لهذه الجرائم.
تتوالي جرائم قتل المصريين على يد قوات الأمن وجراء التعذيب في مراكز الاحتجاز، أثارت تساؤلات عن أسباب تزايد وتيرة القتل تعذيبا في أقسام الشرطة المصرية، وكيفية توثيقها في ظل نفي السلطات الأمنية لها، ومدى وجود تعليمات جديدة لدى الشرطة بالتعامل العنيف مع المصريين للقضاء على أي غضب قادم في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة.
موقع “عربي 21” استطلع رأي عدد من الخبراء والمتخصصين، فقالت الحقوقية هبة حسن، إن تزايد وتيرة جرائم الداخلية بالسجون والأقسام وبالشارع وعند اعتقال شخص أو في التعامل المطلق مع الشعب أمر طبيعي في ظل هيمنة العقلية والقبضة الأمنية على مقدرات البلاد، وغياب أي شكل من أشكال المحاسبة أو العقاب للمتجاوزين.
وأضافت هبة، وهي المديرة التنفيذية للتنسيقية المصرية للحقوق والحريات: “في ظل نظام بدأ منذ 10 سنوات خطوات القمع والقتل والاعتقال، تصاعدت ممارساتها تجاه المواطنين بتلك السنوات ودون محاسبة لأي مخطئ، على العكس أخذوا تفويضا وتأكيدا على عدم المحاسبة”.
وأشار إلى محاكمة الضحايا في عدة قضايا، وحصل القتلة في أحسن الأحوال على أحكام مع وقف التنفيذ، فضلا عن براءة من ثبتت اعتداءاتهم وتلوث أيديهم بالدماء.
وأشارت إلى أن النظام ومع تردي الأحوال الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية يزيد من شدته وقبضته، محاولا كما يظن قمع أي تفكير في الاعتراض أو محاولة للغضب والتمرد تفتح بابا لثورة يناير جديدة.
بدوره، قال الحقوقي المصري محمد زارع، إن موضوع التعذيب في مصر للأسف قديم، وتصفه المؤسسات الدولية بأنه منهجي يُمارس على المتهمين بالقضايا الجنائية والسياسية، في وضع مستمر يعاني منه المصريون نتيجة تجاوزات الشرطة بعمليات القبض وما بعدها وبأماكن الاحتجاز وأماكن تنفيذ العقوبة.

وأضاف زارع، الذي يرأس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، أن أسباب انتشار التعذيب كثيرة، منها الإفلات من العقاب، مؤكدا أنه لا توجد محاسبة حقيقية على جريمة التعذيب بمصر.
وأشار إلى أنه إذا ما ارتكب مسؤول أمني جريمة تعذيب ضد مواطن بهدف انتزاع اعتراف خلال الاحتجاز أو أثناء القبض عليه فإن هذا الفعل يصنف بالقانون كاستعمال قسوة، وعقوبته السجن 3 سنوات أو الغرامة.
وأوضح أنه حتى المرات القليلة التي جرى القبض فيها على ضباط شرطة وتمت محاكمتهم بجريمة التعذيب أو استعمال القسوة يعود كثير منهم للخدمة بعد العقوبة، أو يُفرج عنهم لأسباب خاصة بالدولة.
وأشار إلى أن هذه أحد أسباب الإفلات من العقاب، حيث يشعر الضباط بالأمان وصعوبة إثبات صحة واقعة التعذيب، بالإضافة إلى ضرورة تمتع الأجهزة المعاونة مثل الطب الشرعي بالاستقلالية وهو جهاز تابع لوزارة العدل التابعة للسلطة التنفيذية.
وشدد زارع، على ضرورة استقلالية وانفصال تلك المصلحة حتى يعمل المسؤولون العاملون بهذا القطاع بحرية دون سيطرة أو خوف.
وانتقد الحقوقي المصري، خروج الطب الشرعي بتقارير تقول بهبوط حاد في الدورة الدموية، وقال: “هذا ما درجنا عليه السنوات السابقة، وقد يكون التقرير صحيحا وقد يكون غير ذلك”.
وتحدث عن محاولة التستر الشرطية على المتهمين من جهازها، وعدم تعاون الأجهزة الأمنية مع السلطات القضائية، مشيرا إلى صعوبة إثبات الاتهام خاصة وأن الكثير من الضباط بجهاز الأمن الوطني لا يستخدم اسمه الحقيقي ويستخدم أسماء حركية.
في السياق، قال الحقوقي المصري أحمد العطار المدير التنفيذي للشبكة المصرية لحقوق الإنسان، إن حالات التعذيب حتى الموت بمقرات الاحتجاز موجودة بمصر منذ سنوات طويلة؛ لكنها لم تكن بهذه القسوة والجرأة التي نراها ونوثقها الآن خلال السنوات العشر الماضية.
وأضاف أن هذه الجرائم كانت قد اختفت وقلت وتيرتها لأدنى حد بعد ثورة 25 يناير 2011، لكنها عادت مجددا بعد أحداث 3 تموز/ يوليو 2013.
وأشار العطار إلى أن هذا دليل واضح على أن هذه الانتهاكات تلقى دعم وتأييد السلطات المصرية، ومؤشر على منهجية التعذيب بمقرات الاحتجاز، وتأكيد على عدم الخوف من المساءلة والعقاب.
وتابع: “من الملاحظ بالسنوات الماضية تزايد حالات الموت نتيجة التعذيب ومنهجيته، في انتهاكات طالت المواطن معارضا سياسيا كان أو مطلوبا على ذمة قضية جنائية، فالجميع أمام سيادة الضابط وأمين الشرطة كائنا لا حقوق له”.