ماذا يريد الشرع من قطر؟.. ملفٌ ثاني أصبح أولى بعد تريث الدوحة بالدعم الاقتصادي

وصل الرئيس السوري، أحمد الشرع، اليوم الثلاثاء، إلى دولة قطر، في ثالث زيارة ضمن جولته الإقليمية الثانية منذ توليه السلطة في البلاد، ويحمل الشرع معه ملفات عديدة، أبرزها الملفان السياسي والاقتصادي.
وكان الشرع قد بدأ جولته بالمشاركة في مؤتمر أنطاليا بتركيا، حيث التقى هناك الرئيس التركي وعددًا من المسؤولين والزعماء، ومن بينهم وزير الخارجية القطري.
وتلت ذلك زيارة قام بها الشرع إلى دولة الإمارات، التقى خلالها الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد، بينما قال وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، إن زيارة الشرع للإمارات كانت “ناجحة جدًا”.
وجاءت زيارة الشرع إلى الدوحة بعدما زار أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، دمشق في 30 يناير/كانون الثاني، مهنئًا الشرع “بمناسبة انتصار الثورة السورية واختياره رئيسًا للمرحلة الانتقالية”.
ملفات عديدة مع الشرع
ويحمل الشرع ووزير خارجيته العديد من الملفات، أبرزها الملف الاقتصادي، خلال جولاته، في محاولة للنهوض بالبلاد التي تعاني من مشاكل اقتصادية جمّة خلّفها النظام البائد.
وحول ذلك، يقول الدكتور سمير عبد الله، مدير قسم تحليل السياسات في مركز حرمون للدراسات المعاصرة، في حديث مع “ستيب الإخبارية“: “زيارة الرئيس الشرع إلى قطر، بعد زياراته للإمارات وتركيا، تعبّر عن توجّه الحكومة السورية الجديدة نحو الانفتاح على الخليج وتوسيع علاقاتها الإقليمية”.
ويضيف: “تحمل الزيارة ملفات استراتيجية، أبرزها السعي للحصول على دعم قطري في ملف إعادة الإعمار، لما تملكه قطر من قدرات مالية وتأثير سياسي يمكن توظيفه لتليين الموقف الأمريكي والغربي بشأن العقوبات المفروضة على سوريا”.
ويوضح أن الدعم القطري، الذي وعدت به الدوحة بعد انتصار الثورة، تعثّر بفعل العقوبات، ما يجعل من المرجّح أن تسلك قطر اليوم مسار الدعم المحدود، وأن تؤدي دور الوسيط بين الحكومة السورية الجديدة وواشنطن.
ويتابع: “يُعد الجانب الاقتصادي والأمني من أكبر التحديات أمام حكومة الشرع، وهو ما يجعل من الدعم القطري عاملًا حاسمًا في تحقيق الاستقرار الداخلي”.
تحركات متسارعة
ويقود الشرع حملة دبلوماسية لتحريك الأجواء السياسية، لا سيّما لدى الأوروبيين وأمريكا، حيث وضع الزعماء الغربيون قائمة شروط للاعتراف بالحكومة السورية الجديدة ودعمها.
ويقول عبد الله: “تكثيف الشرع لتحركاته الخارجية يعكس رغبة واضحة في بناء شبكة دعم عربية وإقليمية تُعزّز شرعية حكومته، وتُقدّمها كطرف قادر على إنتاج توازنات جديدة في سوريا، لا تنحاز لأي محور، بل تنفتح على تسوية شاملة تحمي وحدة البلاد وتعيد ترتيب علاقاتها الدولية”.
وكانت الولايات المتحدة قد اتخذت موقفًا “ضبابيًا” بخصوص الحكومة السورية الجديدة، ثم أعلنت بشكل غير مباشر عن شروط وضعتها لرفع العقوبات وتقديم الدعم لسوريا.
أما الأوروبيون، فرغم انفتاحهم السريع على دمشق، عادت أمس مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايلا كالاس، للتحدث عن مراجعة جديدة للتعامل مع الملف السوري، مشيرةً إلى أن دمشق لم تفِ بكل التزاماتها بعد.
وقالت كالاس: “سنعيد تقييم الوضع في سوريا، والسلطات الجديدة لم تتخذ الخطوات المطلوبة”.
هل تراجعت قطر أم أرجأت الدعم؟
وكانت قطر قد وعدت بتقديم دعم مالي لحكومة دمشق، يتعلّق بتأمين كتل مالية لرواتب الموظفين الحكوميين، والزيادة التي وعد بها الرئيس السوري منذ توليه السلطة، إضافةً إلى مشاريع في البنية التحتية، لا سيّما المحروقات والكهرباء وغيرها.
إلا أنه، وبعد مرور أكثر من أربعة أشهر على سقوط نظام الأسد، لم يُنفَّذ سوى مشروع واحد محدود، وهو تقديم الدعم للقطاع الكهربائي من خلال تزويد المحطات بالغاز عبر الأردن.
وذكرت وكالة الأنباء القطرية أن هذه المبادرة تأتي في إطار توقيع اتفاقية بين صندوق قطر للتنمية ووزارة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الذي سيتولى الإشراف على الجوانب التنفيذية للمشروع.
وقال صندوق قطر للتنمية، في بيان خلال شهر مارس الفائت، إن الإمدادات القطرية ستتيح توليد ما يصل إلى 400 ميغاواط من الكهرباء يوميًا في المرحلة الأولى، على أن ترتفع القدرة الإنتاجية تدريجيًا في محطة دير علي بسوريا.
وكانت تقارير قد قالت إن الدوحة أرجأت تقديم دعمها لدمشق بسبب العقوبات الأمريكية، ولتفادي التصادم مع واشنطن التي لا تزال “متوجسة” من الملف السوري.
ورغم أن الإدارة الأمريكية السابقة أصدرت في السادس من يناير/كانون الثاني إعفاءً من العقوبات لمدة ستة أشهر يسمح بالتعاملات المالية مع المؤسسات الحاكمة في سوريا، فإن قطر ترى أن هذا الإعفاء لا يوفر الحماية الكافية للمدفوعات التي يتطلبها تمويل زيادة الرواتب عبر البنك المركزي.
خطوات استراتيجية
ويرى خبراء أن زيارة الرئيس الشرع إلى قطر، وقبلها الإمارات وتركيا، تمثّل خطوة استراتيجية نحو تعزيز العلاقات بين دمشق والحاضنة العربية.
كما تعكس هذه الزيارة تحوّلًا في الديناميكيات الإقليمية، حيث تسعى الدول العربية إلى دعم سوريا في مرحلة الانتقال السياسي والاقتصادي، بهدف تعزيز الاستقرار في المنطقة بأسرها.
المصدر: وكالة ستيب الاخبارية