تجري شركة “أبل” محادثات مبكرة حول استخدام “جيميناي” التابع لـ”جوجل” لتشغيل نسخة محسنة من مساعدها الصوتي “سيري” (Siri)، وهو ما يمثل خطوة محتملة رئيسية نحو الاستعانة بمصادر خارجية لمزيد من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الخاصة بها.

تواصلت مصنعة هواتف “آيفون”، مؤخراً مع شركة “جوجل” التابعة لشركة “ألفابت” لدراسة إمكانية بناء نموذج ذكاء اصطناعي مُخصّص يُشكّل أساساً لـ”سيري” الجديد العام المُقبل، وفقاً لأشخاص مُطّلعين على الأمر، طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم نظراً لخصوصية المحادثات، مضيفين أن “جوجل” بدأت بتدريب نموذج يُمكن تشغيله على خوادم “أبل”.

عقل جديد لـ”سيري”

تأتي هذه الجهود ضمن محاولة للحاق بمجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، وهو القطاع الذي دخلته “أبل” متأخرة ولم تتمكن من تحقيق تقدم يُذكر فيه.

وفي وقت سابق من هذا العام، درست الشركة عقد شراكات محتملة مع “أنثروبيك” (Anthropic) و”أوبن إيه آي” (OpenAI)، بحثاً في إمكانية أن يصبح “كلاود” (Claude) أو “تشات جي بي تي” (ChatGPT) بمثابة العقل الجديد لـ”سيري”.

,لا تزال “أبل” على بُعد أسابيع من اتخاذ قرار نهائي بشأن ما إذا كانت ستواصل الاعتماد على نماذجها الداخلية لـ”سيري” أو ستتجه لشريك خارجي، ولم تحدد بعد هوية ذلك الشريك. ورفض المتحدثون باسم “أبل” و”جوجل” التعليق.

ويمثل هذا التوجه المحتمل تحولاً بعد تأجيل ترقية طال انتظارها لـ”سيري”، كانت ستتيح تنفيذ الأوامر بالاعتماد على البيانات الشخصية وتُمكّن المستخدمين من التحكم الكامل في الأجهزة عبر الصوت. وكان من المقرر إطلاق التحديث في ربيع العام الجاري لكنه تأجل لعام كامل بسبب عقبات هندسية.

إشراف جديد على مشروع “سيري”

أدّى هذا الفشل إلى تهميش دور رئيس قسم الذكاء الاصطناعي جون جياناندريا في تطوير “سيري”، فيما أصبح المشروع تحت إشراف رئيس البرمجيات كريج فيديريجي ومصمم نظارة “فيجن برو” مايك روكويل، اللذين يدرسان الاستعانة بمصادر خارجية كخيار محتمل للمضي قدماً.

كان التحديث مصمماً أساساً بالاعتماد على تكنولوجيا طوّرها فريق “Apple Foundation Models”، وهو نفسه الذي ابتكر نماذج اللغة الكبيرة العاملة على الجهاز لتشغيل ميزات “أبل إنتليجنس” مثل تلخيص النصوص وإنشاء رموز تعبيرية مخصصة.

وبهدف معالجة قصور “سيري” وطرح الميزات المتأخرة في السوق، بدأ فيديريجي وروكويل وفريق تطوير الشركات بقيادة أدريان بيريكا لقاءات مع “أنثروبيك” و”أوبن إيه آي” لبحث اتفاق محتمل.

داخلياً، تجري “أبل” ما يشبه المنافسة بين نسختين: واحدة باسم “لينوود” (Linwood) تعمل بنماذجها الداخلية، وأخرى تحمل اسم “جلينوود” (Glenwood) تعمل بتقنية خارجية.

رغم أن “أنثروبيك” كانت المرشحة الأبرز، فإن شروطها المالية دفعت “أبل” لتوسيع دائرة البحث. ومع ذلك، لم تستبعد الشركة خيار الاعتماد على نماذجها الخاصة.

شراكات ومنافسة متشابكة

وتختلف هذه المحادثات عن اتفاقيات أخرى لإدماج روبوتات محادثة في “أبل إنتليجنس”.

والعام الماضي، أضافت “أبل” خاصية استخدام “تشات جي بي تي” كخيار احتياطي للإجابة عن أسئلة المعلومات العامة، وهو مجال طالما عانت فيه “سيري”. كما أبدت كل من “أبل” و”جوجل” علناً نية دمج “جيميناي” بقدرات مشابهة.

ورغم أن الشركتين تتنافسان في الهواتف الذكية وأنظمة التشغيل والخدمات، فإن بينهما شراكة بحث مستمرة تدفع بموجبها “جوجل” مليارات الدولارات سنوياً لتكون محرك البحث الافتراضي على أجهزة “أبل”. غير أن هذه الصفقة تواجه تدقيقاً من وزارة العدل الأميركية وربما يتم إلغاؤها.

المحادثات بشأن استخدام نماذج “جيميناي” لتشغيل “سيري” لا تزال استكشافية، ولم تبدأ أي مفاوضات تجارية رسمية. لدى “جوجل” خبرة سابقة في مثل هذه الاتفاقات، إذ تدعم كثيراً من قدرات الذكاء الاصطناعي في هواتف “سامسونج”.

خروج الكفاءات

في يوليو، غادر روومينج بانج، وهو كبير مهندسي فريق نماذج الذكاء الاصطناعي، إلى “ميتا” بعد أن تلقى عرضاً بقيمة 200 مليون دولار ودوراً قيادياً في وحدة “Superintelligence Labs”. تبعه عدد من زملائه، فيما يجري آخرون مقابلات عمل خارج الشركة وسط القلق من احتمال التحول إلى تقنيات خارجية أو رغبة في الاستفادة من عروض مالية ضخمة.

بعض قادة هندسة البرمجيات داخل “أبل” طرحوا فكرة استبدال النماذج المستخدمة في ميزات الذكاء الاصطناعي غير المرتبطة بـ”سيري”، لكن هذه الخطة ليست قيد التنفيذ حالياً. في حال الشراكة، ستعمل النماذج الخارجية على خوادم “Private Cloud Compute” التابعة لـ”أبل”، التي تستخدم معالجات “ماك” للمعالجة السحابية عن بُعد، ما يعني أن النماذج لن تعمل مباشرة على الأجهزة.

منافسة في الذكاء الاصطناعي

تتأخر “أبل” عن منافسيها في الذكاء الاصطناعي بسنوات، وهو ما دفع الإدارة لدراسة خيارات متعددة. خلال اجتماع داخلي، قال الرئيس التنفيذي تيم كوك للموظفين إن على الشركة أن “تفوز في سباق الذكاء الاصطناعي”، مؤكداً تكثيف الاستثمارات. وذكّرهم بأن “أبل” نادراً ما تكون الأولى في دخول الأسواق، لكنها غالباً تقدم المنتج الأفضل لاحقاً.

في مكالمة مع المحللين حول أرباح الربع الأخير، رفض كوك التعليق على استخدام نماذج خارجية، لكنه أشار ضمناً إلى أن ذلك خيار مطروح.

بدأت “أبل” بالفعل التعاون مع شركاء في بعض الميزات الاستهلاكية وعملياتها الداخلية. ففي نظام “iOS 26″، توفر خيار “تشات جي بي تي” لإنشاء الصور، كما ألغت مشروعها المعلن لتطوير نظام برمجة قائم على الذكاء الاصطناعي التوليدي، واعتمدت بدلاً منه على “تشات جي بي تي” و”كلاود”.

في الوقت ذاته، يواصل فريق “Foundation Models” تطوير نماذج أكبر، إذ بدأ مؤخراً اختبار أول نموذج يضم تريليون معامل، مقارنة بـ150 ملياراً فقط في أنظمة “أبل” الحالية. لكن هذا النموذج الجديد مخصص للأبحاث حالياً، ولا خطط لطرحه للمستخدمين.

*“لقراءة المقال الأصلي، اضغط هنا“.

شاركها.