
في أبوظبي، فُتحت الأبواب على مصراعيها أمام ضيف غير عادي: الحاخام إفريم غولدبرغ، رجل دين أمريكي من التيار الأرثوذكسي الحديث، استُقبل بحفاوة رسمية، قُدّمت له الولائم، وسُكبت له القهوة العربية، في مشهد احتفالي يخفي أكثر مما يُظهر.
غولدبرغ ليس حاخامًا عابرًا ولا رجل دين منشغل بالروح والسلام، بل حاخام صهيوني محافظ يشغل منصب الحاخام الرئيس لمعبد “بوكا راتون” في فلوريدا، وصوت سياسي صاخب في دعم السياسات الإسرائيلية. خطابه السياسي يتقدّم على خطابه الديني، يوظّف النصوص لتبرير الاحتلال، ويُغذّي خطابًا عنصريًا يبرر جرائم الحرب بلا مواربة.
هذا السجل هو ما فجّر موجة استنكار واسعة، فاستقباله لا يمكن فصله عن مواقفه، ولا تبريره تحت عناوين “التعايش” أو “الحوار”. لكن في أبوظبي، تُبنى الجسور على أساس المصالح فقط، حيث تُعلّق المبادئ جانبًا حتى لو تعلّق الأمر بأكثر القضايا عدالة ووضوحًا.
استقبال غولدبرغ ليس حدثًا بروتوكوليًا، بل رسالة سياسية فاضحة عن مرحلة وصلت إليها الإمارات، حيث لا تبحث عن سلام ولا تعايش، بل عن تموضع كامل في حضن إسرائيل مهما كان الثمن. اليوم، لا تمارس أبوظبي سياسة خارجية بقدر ما تمارس انسلاخًا عن محيطها وهويتها، وتعلن بوضوح موقعها: بعيدًا عن العرب والمسلمين والمظلومين… أقرب ما يكون إلى الجلاد.
