“آية” تقدم الدواء مجانًا لنحو 1000 مستفيد يوميًا بإدلب

يقف فادي لساعات أمام صيدلية “آية” الخيرية في مدينة إدلب، على أمل تأمين المادة الظليلية التي طلبها الطبيب لمعاينة والده، وبعد انتظار طويل خاب أمله لعدم توفر هذه المادة بشكل مجاني، ولابد من شرائها من صيدلية أخرى.
تنشط في مدينة إدلب بعض الصيدليات التي تقدم الأدوية بشكل مجاني، وتشهد ازدحامًا كبيرًا من قبل السكان على أمل الحصول على أدوية دون دفع ثمنها، لعدم قدرتهم المالية، وارتفاع أسعار الأدوية في الصيدليات وسط واقع اقتصادي ومعيشي متردٍ.
صيدلية “آية” الخيرية من أبرز الصيدليات التي تمنح الدواء مجانًا، وهي صيدلية تطوعية بجهود بعض الأشخاص وتعمل على سد احتياجات الناس الدوائية، وتمنح الدواء مجانًا من 800 إلى 1000 مستفيد يوميًا.
إقبال على الدواء المجاني
قال فادي عواد (29 عامًا) وهو مهجر يقيم في مدينة إدلب، إن والده يعاني من آلام في صدره، ولسوء الحالة المادية نقله إلى إحدى المستشفيات العامة، وطلب الطبيب إحضار مادة ظليلية، وهي مادة تستخدم في الكشف عن حالة الأوعية الدموية والأمراض الهضمية وأمور أخرى.
وأضاف الشاب في حديثه ل، أن الأصل في هذه المادة أن تكون متوفرة في المستشفيات، لكن تراجع الدعم أدى إلى انقطاعها، الأمر الذي دفعه إلى تأمين المادة من الصيدليات وجلبها إلى المستشفى.
الصيدلاني أحمد كرزون صاحب صيدلية “الوطني” في مدينة إدلب، قال ل إن أسعار الأدوية القادمة من مناطق سيطرة النظام ارتفعت لارتفاع أجور النقل، أما الأدوية المصنعة في الشمال السوري يعود سبب ارتفاعها إلى ارتفاع أسعار المواد الأولية المستخدمة في التصنيع.
وذكر أن سبب ارتفاع سعر الأدوية المستوردة هو انخفاض سعر صرف الليرة التركية أمام الدولار وارتفاع تكاليف الاستيراد والرسوم الجمركية التي ارتفعت بنسبة 25%، وسجل الدولار 26 ليرة اليوم، الثلاثاء 11 من تموز، بحسب موقع “Döviz” المتخصص بأسعار الصرف والعملات.
أدوية في صيدلية “آية” الخيرية في مدينة إدلب – 27 من حزيران 2023 (/ أنس الخولي)
جهود فردية لسد الاحتياجات
مدير صيدلية “آية”، غصين المنيزل وهو صيدلاني مهجر من درعا، قال ل، إن الصيدلية انطلقت قبل ثمان سنوات بمبادرة من قبل بعض الصيادلة وبدعم من قبل بعض الأشخاص في الداخل السوري.
وتملك الصيدلية ثلاثة فروع، الرئيسي في مدينة إدلب وفرع في مدينة أريحا وآخر في بداما في منطقة جسر الشغور، وتؤمن بجميع فروعها احتياجات من 800 إلى 1000 مواطن يوميًا بشكل مجاني.
وأوضح المنيزل أن الصيدلية غير مدعومة من أي جهة، و”نستغل علاقاتنا واتصالاتنا مع المؤسسات الطبية لمنحنا الدواء الذي تريد التخلص منه وتقديمه للمواطنين بشكل مجاني بدل التخلص منه”.
ويبذل فريق الصيدلية جهودًا فردية للتواصل مع جهات داعمة و”فاعلي خير” من المواطنين السوريين المقتدرين ماديًا لتأمين الأدوية، وفق المنيزل.
وبحسب المنيزل، فإن الصيدلية تؤمن 70% من الأدوية التي قد يحتاجها الأهالي، ومنها أدوية أمراض القلب والسكري والأمراض الهضمية وبعض أنواع الأدوية العصبية للفئة المعدومة من المواطنين، وتواجه الصيدلية صعوبات شديدة في تأمين أدوية الرعاية الأولية للأطفال.
الدعم غائب
تواجه الصيدلية صعوبات في تأمين الأدوية، وتملك عدة عقارات تدفع إيجارهم، ثلاثة في مدينة إدلب، واحد كصيدلية ومستودعين، بالإضافة إلى صيدلية ومستودع في أريحا، وصيدلية ومستودع في بداما.
ويصل مجموع بدلات الإيجار لجميع العقارات 450 دولار أمريكي وتعتمد الصيدلية على فاعلي الخير لتأمين المبلغ شهريًا، وفق المنيزل.
ووجه المنيزل عبر نداء إلى المؤسسات الصحية العالمية والجهات الفاعلة لتقديم المساعدة للمواطنين في الشمال السوري، والعمل على تأمين الأدوية مجانًا بسبب عدم قدرة المواطنين على شراء الأدوية.
وقال المنيزل إن الصيدلية غير مرخصة في نقابة الصيادلة، لأن النظام الداخلي للعمل الصيدلي يمنع من توزيع الأدوية منتهية الصلاحية، وكذلك الانضمام لها يملي الالتزام بشروط البيع، والصيدلية تقدم الدواء مجانًا، لذلك تعمل الصيدلية خارج نطاق النقابة.
العمل مجانًا رغم الحاجة
هشام القاسم مهجر من جبل الزاوية يعمل أمين مستودع صيدلية “آية” الخيرية، قال ل، إن كادر الصيدلية يتألف من عشرة أشخاص، يعملون من الساعة الثامنة صباحًا وحتى الساعة الثالثة عصرًا.
وأوضح هشام أنه شارك قبل ثلاثة أعوام في افتتاح فرع صيدلية “آية” في أريحا، وعمل لمدة عامين ثم اضطر للانتقال لمدينة إدلب ليعمل كأمين أحد مستودعات الأدوية التابعة للصيدلية.
وبحسب هشام فإن كادر صيدلية “آية” يعمل دون تقاضي أي أجور وبشكل مجاني، لافتًا إلى أن عدد من العاملين تركوا العمل، بحثًا عن عمل آخر لتأمين لقمة العيش مشيرًا إلى عدم قدرة الاستمرار بالعمل بشكل مجاني.
ويؤمن العاملون في الصيدلية معيشتهم من مساعدات يقدمها بعض ميسوري الحال و”فاعلي الخير” وبمستوى أقل من منظمات عاملة في المنطقة.
من جهته مدير الصيدلية، غصين المنيزل، قال إنه في حالات نادرة للغاية يقدم بعض الداعمين دعمًا ومبالغ مالية بسيطة، للقائمين على الصيدلية ويتم تقاسم هذا المبلغ بالتساوي، دون النظر للدرجة العلمية أو المنصب الوظيفي.
وذكر أمين المستودع أنهم تواصلوا مع عدة جمعيات خيرية ومؤسسات داعمة للتعاون على تقاسم الأعباء في تخديم المواطنين لكن دون جدوى.
وتنتشر الصيدليات بكثرة في مناطق إدلب، وتشرف وزارة الصحة في حكومة “الإنقاذ” على عملها، وتنظمه نقابة الصيادلة.
اقرأ أيضًا: أولها الترخيص.. جهود لتنظيم عمل المستشفيات الخاصة في إدلب
مرتبط
المصدر: عنب بلدي