يقول المثل المصري “الجواب يظهر من عنوانه”، في تعبير عن ما يحمله المحتوى من خلال شكله الخارجي. هذا ما ينطبق على أغلفة الكتب والأعمال الأدبية أيضاً، التي تشي محتواها، وتمنح القارئ فكرة عن موضوعها قبل البدء بالقراءة.
وخلال معرض الشارقة للكتاب في دورته الـ 44، أعادت مبادرة “أدبنا بروح العصر”، تقديم أغلفة عدد من أهم كلاسيكيات الأدب العربي بلمسة عصرية، بهدف إعادتها إلى دائرة اهتمام الشباب وحثّهم على قراءتها.
انطلقت المبادرة كدعوة مفتوحة للمبدعين والفنانين، لإعادة تصميم أغلفة عشرين كتاباً من كلاسيكيات الأعمال العربية. من بينها الأعمال الشعرية الكاملة لمحمود درويش، و”دعاء الكروان” لعميد الأدب العربي طه حسين، ورباعيات الخيام، و”مدن الملح” لعبد الرحمن منيف، و”الأجنحة المتكسرة” لجبران خليل جبران، و”رجال في الشمس” لغسان كنفاني، وغيرها.
الفكرة الأساسية التي انطلقت منها المبادرة، قامت على أساس أن الأغلفة القديمة لا تعكس القيمة الأدبية لهذه الأعمال. فهي غير جاذبة للشباب، لذلك من الضروري إعادة تقديمها بهوية بصرية جديدة، تعيد تواصل القرّاء الشباب مع إرثهم الأدبي، والدمج بين التصميم البصري والسرد.
شارك في هذه المبادرة 100 مصمّم أغلفة، وصل منهم إلى القائمة القصيرة 5 مصمّمين من العالم العربي هم: كندة غنوم، نورة زيد، عائشة الحمراني، إبراهيم زكي، ناصر نصر الدين.
وخصّص معرض الشارقة للكتاب مساحة جرى فيها عرض الأغلفة التي صمّموها داخل جناح خاص. تضمن عرض الكتاب الأصلي بتصميمه القديم، يعلوه مجسّم بحجم كبير للتصميم الجديد للغلاف. بينما تتدلى من أعلى سطح الجناح، نماذج بحجم الكتاب الأصلي وشكله، بغلافه الجديد المختلف.
وقالت الفنانة التشكيلية نورة زيد لـ”الشرق”: “إن الهدف من المبادرة هو تشجيع الشباب على قراءة الأدب العربي”.
وأشارت إلى أن مصمّم الأغلفة “يطلع عادةً على الرواية قبل العمل على غلافها، كما يطلع على المراجعات التي كُتبت عن العمل، حتى تكتمل في ذهنه الصورة عن الكتاب نفسه وأفكار مؤلفه. لكن أحياناً مع ضغط العمل والوقت، يكون من الصعب قراءة العمل كاملاً، وخصوصاً إن كان ضخماً”.
أضافت: “بالنسبة لي أضيف للبحث، القراءة عن الفترة الزمنية وتفاصيل العصر الذي دارت فيه أحداث الرواية، مثل شكل العمارة أو الملابس وغيرها”.
وأوضحت أنها شاركت سابقاً في إعادة تصميم أغلفة ثلاثية الأديب نجيب محفوظ التي صدرت مؤخراً، “وعندما شاركت في مبادرة “أدبنا بروح العصر”، اخترت إعادة تقديم غلاف ديوان “الشوقيات” لأمير الشعراء أحمد شوقي”.
وأكدت “أن الأغلفة القديمة لأي كتاب أدبي تصبح تحدى أمام المصمّم، لأنها جزء من تاريخ العمل. البعض يفضّل أن يستلهم منها أفكاراً، لكن من دون تقليد الأصل، وخصوصاً أنها تخضع لقوانين الملكية الفكرية. وقد يختار أن يصمم شيئاً مختلفاً تماماً وكأنه يدفعنا لإعادة التفكير في الرواية بشكل مختلف”.
واعتبرت أن مدى التركيز الذهني للأجيال الجديدة “قصير، لذلك أعمل على تصميمات تجذب الانتباه بشكل سريع، والتركيز بشكل كبير على التفاصيل الصغيرة التي تثري الغلاف، حتى تجعل القارئ يمسك بالعمل بين يديه لفترة طويلة، ويفكّر بكل جزء في الغلاف. وهو فعلاً أول عنصر جاذب للانتباه عند الدخول لأي مكتبة”.
