أزمة مياه مزمنة تهدد الصحة وترهق السكان بدير الزور

دير الزور – عبادة الشيخ
بات تأمين مياه الشرب من أكبر التحديات التي تواجه السكان في مدينة دير الزور شرقي سوريا، وسط مطالب باستجابة عاجلة من الجهات المسؤولة والمنظمات الإنسانية.
أوضح سكان قابلتهم أن أزمة نقص المياه تهدد الصحة العامة وتؤثر على استقرار المنطقة، وأنها تحتاج إلى حلول جذرية ومستدامة.
أزمة المياه في دير الزور ليست وليدة اللحظة، وهي أزمة مزمنة نتيجة عوامل تراكمت عبر السنوات، ولم يشفع للقاطنين في المنطقة وجود نهر “الفرات” فيها، فرغم أنه المصدر الأساسي للمياه، يعاني من التلوث بسبب المخلفات الصناعية، والصرف الصحي غير المعالج، والمخلفات الناتجة عن العمليات العسكرية.
وترجع أسباب أزمة المياه، بحسب رصد مراسل، إلى عدم توفر الطاقة الكهربائية المستمرة لمحطات مياه الشرب العاملة على التيار الكهربائي، وتأخر توفر مادة المازوت لتشغيل محطات مياه الشرب العاملة على الديزل.
ومن الأسباب، قلة الكادر المشغل وخاصة الفنيين، وعدم وجود مخططات لشبكات المياه لأنها فقدت مع دمار مبنى المؤسسة القديم، ووجود خطوط مياه قديمة وتالفة ولا تزال المياه تجري فيها ولم يتم فصلها عن الشبكة، إضافة إلى التعديات على الخطوط الرئيسة للشبكة.
عبء اقتصادي على السكان
انعكست أزمة المياه بشكل مباشر على الحياة اليومية لسكان مدينة دير الزور، حيث ظهرت آثارها في عدة جوانب، وصارت الصهاريج الجوالة غير الخاضعة لمعايير صحية صارمة هي الحل أمام السكان رغم ما تحمله من مخاطر على الصحة.
باسم الدخول، موظف حكومي في دير الزور، قال ل، إن تلوث المياه أدى إلى انتشار الأمراض مثل الإسهال، والتهاب الكبد الفيروسي، وأمراض الكلى، خاصة بين الأطفال وكبار السن.
وأضاف أنه رغم المعاينة من قبل مديرية المياه، لا تزال المياه غير صالحة للشرب، بسبب زيادة نسبة الكلور وظهور رائحته فيها.
وذكر أن الأهالي يضطرون لشراء المياه من الصهاريج المتنقلة بأسعار مرتفعة، أو المياه المعلبة الجاهزة للشرب، ما يشكل عبئًا اقتصاديًا كبيرًا على العائلات ذات الدخل المحدود.
انقطاع المياه لفترات طويلة، يجبر الأهالي على البحث عن بدائل غير آمنة، أو قطع مسافات طويلة للحصول على المياه، أو شراء عبوات مياه مرتفعة الثمن، إذ يبلغ سعر العبوة بسعة ليتر ثلاثة آلاف ليرة سورية، وتحتاج العائلة بشكل يومي لما يقارب عشرة ليترات.
أما صهريج المياه بسعة خمسة براميل (1000 ليتر)، فيبلغ ثمنه 35 ألف ليرة سورية.
عقبات بالجملة
مدير الاستثمار والصيانة بمؤسسة مياه الشرب بدير الزور، عبد المنعم العبد الله، قال ل، إن مديرية المياه تواجه العديد من العقبات، في مقدمتها استخدام شبكات المياه القديمة المصنوعة من “حديد وأسبستوس”.
وأضاف أن “المرابط” (مغالق المياه) المنزلية العشوائية للمواطنين، وعدم فصل “المربط” القديم عند تحديث الشبكة، وذلك نتيجة عدم وعي الأهالي، إضافة إلى قلة الآليات الهندسية الثقيلة (باكر، لودر، كارشيف، رافعة)، كلها مشكلات تعوق سرعة الاستجابة لأعمال الإصلاح.
ولفت إلى عدم توفر السيولة المناسبة لأعمال إصلاح الآليات، وحاجة محطات المياه إلى إعادة تأهيل كامل، لكن بمبالغ عالية جدًا غير متوفرة.
وأشار إلى أن سرقة ودمار المحطات الرئيسة العملاقة التي كانت مصممة لتغذية جميع قرى محافظة دير الزور لعبت دورًا كبيرًا بخلق أزمة المياه.
وتابع أن منظمات دولية توقفت عن كل عمل يتعلق بالأعمال الإنشائية لاعتبارها إعادة إعمار، وممنوعة بسبب العقوبات الاقتصادية، وعدم توريد مجموعات الضخ من الدول الأوروبية.
وأشار إلى قلة الكادر المشغل وموظفي الفوترة التي لا تزال يدوية، بالإضافة إلى قلة الكادر الهندسي، وعدم وجود مخططات لشبكات المياه التي نفذت سابقًا، بسبب فقدانها مع البناء القديم الذي دمر بشكل كامل.
وخلال السنوات الماضية، تسبب تلوث المياه بأمراض وأوبئة في دير الزور وريفها، منها الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي “A”، والكوليرا، وأمراض تصيب المعدة من تسمم غذائي وتداعياته.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية
أرسل/أرسلي تصحيحًا
مرتبط
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
المصدر: عنب بلدي