يتجه السكان في مدينتي رأس العين وتل أبيض، شمالي سوريا، إلى تركيب منظومات الطاقة الشمسية، بعد أن فرضت أسعار الكهرباء المرتفعة وانقطاع التيار المتكرر تحديات على الحياة اليومية، خصوصًا في ظل غياب بدائل موثوقة وشحّ في المحروقات.
ورفعت شركة الكهرباء السورية- التركية “AK Energy” في منطقتي رأس العين وتل أبيض تسعيرة الشحن، إذ انخفضت شحنة الكهرباء التي يحصل عليها المشترك مقابل 100 ليرة تركية (نحو دولارين ونصف) من 27 إلى 21 كيلوواطًا، ما انعكس مباشرة على ارتفاع الفواتير وزاد من توجه السكان نحو حلول بديلة مستقلة، كما أثار تذمر الأهالي ودفع بعضهم إلى إلغاء اشتراكاتهم.
800 دولار للمنزل
بالمقابل، ساهم انخفاض أسعار الألواح الشمسية ومنظومات الطاقة في زيادة الإقبال عليها، إذ كانت كلفة المنظومة المتوسطة لتشغيل منزل واحد تقارب 1100 دولار في عام 2024، بينما بات بالإمكان تشغيل منزل كامل بمنظومة لا تتجاوز 800 دولار حاليًا.
ولم تعد شحنة الكهرباء التي يشتريها عمران العايد (39 عامًا) من مدينة تل أبيض، بقيمة 100 ليرة تركية، تكفي منزله لثلاثة أيام، بعدما كانت تغطي حاجته لمدة خمسة أيام.
دفعه هذا الأمر إلى الاستدانة من شقيقه المقيم في تركيا لتركيب منظومة طاقة شمسية، خاصة مع انخفاض أسعارها.
وقال عمران ل، إن استهلاكه الشهري من الكهرباء انخفض بعد تشغيل المنظومة من 1800 ليرة تركية إلى ما يقارب 400 ليرة فقط في الشهر.
وأشار إلى أن معظم سكان حي الشلال، حيث يقيم، اتجهوا أيضًا إلى تركيب منظومات طاقة شمسية في منازلهم، بهدف تقليل نفقات فواتير الكهرباء.
من جانبه، وجد محمد السلطان (45 عامًا) من رأس العين، نفسه أمام عبء مالي كبير مع الارتفاع المستمر في أسعار الكهرباء، إذ تجاوزت كلفة الشحن الشهري 2000 ليرة تركية، وهو ما يفوق قدرته المالية.
ولجأ محمد إلى تركيب منظومة متوسطة التكلفة بقيمة 600 دولار، تناسب حجم منزله الصغير وقلة استهلاكه، وتؤمن له حاجاته الأساسية من أجهزة التبريد والكهرباء.
وذكر أن الاعتماد على هذه المنظومات أصبح ضرورة لمواجهة ارتفاع الأسعار وانقطاع التيار المتكرر، الأمر الذي دفعه للبحث عن حلول بديلة ومستدامة.
مصدر طاقة مستدام
بحسب أصحاب محال منظومات الطاقة الشمسية في رأس العين وتل أبيض، فإن السبب الرئيس لإقبال الأهالي على تركيبها هو كونها طاقة مستدامة توفر حلًا طويل الأمد، وتقلل من الاعتماد على الكهرباء المكلفة والانقطاعات المتكررة.
المورد الرئيس لمنظومات الطاقة الشمسية في تل أبيض ورأس العين، أمين الزمرد، قال ل، إن الطلب على المنظومات ارتفع بنسبة 50% عن العام السابق.
وأوضح أن السبب يعود إلى انخفاض الأسعار، إذ تراجع سعر اللوح الجديد باستطاعة 550 واطًا من 100 إلى 60 دولارًا، والمستعمل باستطاعة 400 واط إلى 25 دولارًا، كما انخفضت أسعار أجهزة الطاقة 50 دولارًا، والبطاريات بنسبة 30%.
وأضاف أن الانقطاع المتكرر للكهرباء، وخصوصًا في ذروة موجات الحر، دفع كثيرًا من السكان للبحث عن بدائل مستقرة تضمن استمرارية تشغيل الأجهزة الأساسية، خاصة في ظل عدم وجود حلول جذرية لتحسين خدمة الكهرباء العامة.
وأشار إلى أن المعدات المتوفرة متوسطة الجودة، ويبلغ عمرها الافتراضي نحو 10 سنوات، لكنها تلقى رواجًا بسبب أسعارها المنخفضة.

منظومة للطاقة الشمسية في أحد محال بيعها في تل أبيض شمالي سوريا – تموز 2025 ()
تقلبات سعر الصرف
مصدر في شركة “AK ENERGY” للكهرباء في رأس العين طلب عدم ذكر اسمه، كونه غير مخول بالتصريح، قال ل، إن الشركة تشتري الشحنات الكهربائية من تركيا بالدولار الأمريكي حصرًا، ثم تُباع للمستهلكين بالليرة التركية.
وأوضح أن تقلبات سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار تجبر الشركة على رفع أسعار الكهرباء، حيث أصبح الدولار يعادل نحو 40 ليرة تركية.
وأضاف أن الشركة تقوم بتحديث أسعارها بشكل مستمر لمواكبة تغيرات سعر الصرف في تركيا، بما يضمن تغطية التكاليف وتحقيق الاستمرارية في التوريد.
وأشار إلى أنه في حال تعافي الليرة التركية واستقرار سعر صرفها، ستقوم الشركة بخفض أسعار الشحنات الكهربائية.
أُسست شركة “AK Energy” في ولاية كلّس التركية، وتعود ملكيتها للسوري إبراهيم خليل وثلاثة أشخاص أتراك، وبدأت الشركة أعمالها بأرياف حلب في 1 من حزيران 2017، وحصلت على الترخيص رقم “9123455” من غرفة الصناعة والتجارة في ولاية غازي عينتاب التركية.
ووقعت الشركة أول عقودها مع المجلس المحلي في رأس العين وتل أبيض في آذار2021 ، ويتضمن وصول التيار الكهربائي إلى مدينة رأس العين وريفها، وفق حديث ل مع رئيس المجلس المحلي في رأس العين سابقًا، مرعي اليوسف.
وينص عقد الشركة مع المجالس المحلية في المنطقتين على تغذية المدينة والريف خلال عام فقط، لكن الشركة تخلفت عن العقد المبرم حيث استغرق إيصال الكهرباء إلى مدينة رأس العين وتل أبيض بشكل كامل أكثر من عامين.
وكان من أبرز بنود العقد صيانة البنية التحتية للكهرباء في المدينتين والريف، لكن لم تُستبدل هذه البنية، وجرى التوصيل بشكل عشوائي، ولا تزال المدينة تعاني من انقطاعات متكررة نتيجة لذلك.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي