اخر الاخبار

أعلام في السياسة والأدب والفن

تبلورت فكرة كتاب “أعلام في السياسة والأدب والفن” للكاتب سيف الدين القنطار، في سرد وقائع لشخصيات خاضت الثورة السورية الكبرى، فتناول الكاتب سيرة حياة الأمير شكيب أرسلان، والمجاهد رشيد طليع، والفنانة أسمهان، والشاعر سلامة عبيد، والأديب صياح الجهيم.

على الرغم من تنوع الاهتمامات التي تميز أحدهم عن الآخر، وتباين الزمان والمكان، واختلاف الظروف والأحوال والأحداث التي أظهرت فرادة كل واحد منهم وكشفت جوهر شخصيته، فإن الحياة التي خاضوا معتركها قدمت كثيرًا من الأسباب والوقائع التي تكشف لنا بجلاء القاسم المشترك بينهم.

هذه الشخصيات عاشت وقائع الثورة السورية الكبرى أو تأثرت بها، فمنهم من واكب الثورة طفلًا وتنقل مع الثائرين من معقل إلى آخر، ومنهم من تبنى الدفاع عنها في المحافل الدولية وقاتل في صفوف الثوار حتى الرمق الأخير.

يستعرض الكتاب أهم المحطات التي مرت بها الثورة السورية الكبرى من سمات وخصائص أبقتها محط اهتمام الباحثين والمؤرخين حتى اليوم.

جذبت أحداث الثورة (1925-1927) انتباه العالم، فقد استطاع شعب قليل العدد لا يمتلك سوى أسلحة بدائية أن يخوض معارك شرسة في الربع الأول من القرن الـ20.

وجاءت الثورة تتويجًا لمعارك وانتفاضات في مختلف المناطق السورية منذ اللحظة التي وطئت فيها أقدام الغزاة الفرنسيين الأراضي السورية.

وقد اعترفت وثائق الأرشيف الفرنسي نفسها بأن الجيش الفرنسي أُجبر على مجابهة عشرات الانتفاضات التي ما كانت تهدأ في منطقة حتى تعود وتندلع في منطقة أخرى.

كانت معركة المزرعة قرب السويداء، أبرز معارك الثورة السورية وأكثرها أهمية، وبعث النصر المؤزر فيها الروح النضالية في أرجاء البلاد من جنوبها إلى شمالها، ومن شرقها إلى غربها.

تطرق الكتب إلى البيان الأول عن الثورة الذي صدر بعد مؤتمر “ريمة” وجاء فيه:

  • وحدة البلاد السورية ساحلها وداخلها والاعتراف بدولة سورية عربية واحدة مستقلة استقلالًا تامًا، وقيام حكومة شعبية تجمع المجلس التأسيسي لوضع قانون أساسي يقوم على مبدأ سيادة الأمة سيادة مطلقة.
  • سحب القوى المحتلة من البلاد وتأليف جيش وطني لصيانة الأمن وتأييد مبدأ حقوق الإنسان في الحرية والمساواة.

أدركت قيادة الثورة أهمية العمل السياسي والتوجه إلى الرأي العام الفرنسي والعالمي، وتقديم الوقائع المتعلقة بما تمارسه قوات الاحتلال من ” إثارة الأحقاد والنزعات الطائفية والدينية”، واقتلاع جذور الحركة الوطنية ووضع الشعب السوري تحت نير العبودية.

ووضع الثوار نصب أعينهم خطة لمهاجمة دمشق، وتطهيرها من القوات الفرنسية، وتشكلت من جموعهم ثلاث فرق اقتحمت المدينة في منتصف تشرين الأول 1925، ومارس الفرنسيون أساليب الدعاية والحرب النفسية بقصد إيهام الثوار وتضليلهم.

وخاض مجاهدو الثورة السورية وفرسانها معارك ظافرة، ولحقت بهم انتكاسات خطيرة، وفي معقل الثورة قاتل الفرنسيون، في كل قرية ومزرعة ومدينة، ودافع المجاهدون ببسالة عن قراهم ومدنهم وبيوتهم حتى آخر رصاصة، وامتد القتال إلى سائر أرجاء الوطن.

رموز قادت الثورة

شكيب أرسلان: يعتبر أحد أبرز المفكرين والسياسيين العرب في القرن الـ20، ويعرف بلقب “أمير البيان” بسبب أسلوبه الأدبي الفريد، وأسهم أرسلان في نشر الوعي القومي العربي ودعم القضايا العربية، بما في ذلك الثورة السورية.

تناول القنطار في كتابه، أفكار أرسلان حول الهوية العربية وأهمية النضال من أجل الاستقلال.

رشيد طليع: أحد القادة العسكريين والسياسيين البارزين في الثورة السورية الكبرى، وله دور في تنظيم المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي وكيفية قيادته للثوار، وذكر القنطار أيضًا استراتيجيات طليع العسكرية وأثرها على مجريات الثورة.

أسمهان: تعتبر رمزًا للفن والمقاومة، وكانت مغنية وشاعرة معروفة بمواقفها الوطنية، وتطرق الكتاب كيف استخدمت أسمهان فنها للتعبير عن القضايا الوطنية ودعم الثورة، وسلط القنطار الضوء على تأثيرها الثقافي ودورها كأيقونة في الحركة الوطنية.

سلامة عبيد: شخصية بارزة في الحركة الوطنية السورية، ولعب دورًا مهمًا في تنظيم الصفوف ضد الاستعمار، واستعرض الكتاب إنجازاته السياسية ودوره في تعزيز الوعي الوطني بين السوريين، وتأثير عبيد على الشباب وتحفيزهم للمشاركة في الثورة.

صياح الجهيم: أحد القادة الميدانيين الذين أسهموا في الثورة السورية الكبرى، وكان له دور في المعارك وقيادة الثوار. يبرز القنطار أيضًا التحديات التي واجهها الجهيم وكيف تمكن من التغلب عليها.

التأثير المتبادل بين الشخصيات

هذه الشخصيات لم تكن تعمل بمعزل عن بعضها، وفق ما يذكره الكتاب، بل كانت تتعاون وتتفاعل لتحقيق أهداف مشتركة.

يتناول سيف الدين القنطار العلاقات بين هؤلاء الأعلام، وكيف أثرت أفكارهم وأعمالهم على بعضهم، ما أسهم في تعزيز الحركة الوطنية والثورة ضد الاستعمار.

ويقدم الكاتب تحليلًا عميقًا للسياق التاريخي والسياسي الذي نشأت فيه الثورة السورية الكبرى، مشيرًا إلى الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي أدت إلى اندلاعها.

يناقش القنطار كيف أن الاستعمار الفرنسي كان له تأثير سلبي على الشعب السوري، ما دفع هؤلاء الأعلام إلى النضال من أجل الحرية والاستقلال.

المصدر: عنب بلدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *