أكثر من 200 إصابة.. اليرقان ينتشر بين أطفال مخيم الركبان
انتشرت حالات الإصابة باليرقان، المعروف بـ”أبو صفار”، بين أطفال مخيم الركبان، وسط ضعف القطاع الصحي في المخيم، ما تسبب في تفاقم الإصابات، ولجوء النازحين إلى طرق بدائية لعلاج أطفالهم.
رئيس المجلس المحلي في مخيم الركبان، درباس الخالدي، قال ل، إنه من خلال ملاحظة الأطفال الذين ظهرت عليهم الأعراض، يمكن تقدير إصابة أكثر من 200 طفل باليرقان من أصل 2500 طفلًا في المخيم خلال آخر 15 يومًا”.
وأضاف أن أعداد الإصابات قد تكون أكبر لأن هناك أطفالًا قد يكونون مصابين لكن لم تظهر عليهم الأعراض بشكل واضح.
ولا توجد أرقام دقيقة لعدد الإصابات باليرقان في المخيم، إذ قالت ممرضة في الركبان، طلبت عدم ذكر اسمها، إنه لا يمكن إحصاء الحالات لعدم وجود مخابر تحليل.
وأضافت الممرضة، ل، أن الإصابة باليرقان تحدد بناء على أعراض تظهر على المريض، مثل اصفرار العين والهزال، وتغير لون البول والبراز، وفقدان الشهية.
وشددت قوات النظام والميليشيات الإيرانية الحصار على مخيم الركبان ومنعت إدخال المواد الغذائية والأدوية إليه عبر طرق التهريب بشكل كامل منذ الخامس من نيسان الماضي، ما تسبب في تفاقم مأساة السكان وانتشار الأمراض.
غياب النظافة يفاقم المرض
وحول أسباب انتشار اليرقان بين أطفال مخيم الركبان، قالت الممرضة، إن فتحات الصرف الصحي باتت مكشوفة بعد تلف الشوادر التي كانت تغطيها، ما يتسبب في انتشار الروائح الكريهة والحشرات، وفيضان مياه الصرف الصحي في أرجاء المخيم، وهذا كان عاملًا مهمًا في ظهور اليرقان وانتقال العدوى بين الأطفال وعدم السيطرة عليه.
ومن أسباب انتشار اليرقان أيضًا، غياب النظافة الشخصية بسبب ندرة المياه النظيفة ووسائل التنظيف، في ظل الحصار المفروض على المخيم، إضافة إلى استخدام الأطفال المراحيض ومن ثم ملامسة بقية أقرانهم في المخيم دون غسل أيديهم، بحسب الممرضة.
وأضافت أنه حتى الأغذية المفيدة لمرضى التهاب الكبد الذي يعد أحد مسببات اليرقان، كالعسل والمربيات مفقودة في محلات البيع في سوق المخيم.
كما أن فقدان الأدوية اللازمة لعلاج اليرقان أو ارتفاع أسعارها بشكل كبير حال توفرها، تسبب في انتشار المرض.
وبحسب سكان التقتهم، يصل سعر علبة السيتامول إلى 25 ألف ليرة سورية، وعلبة المضاد الحيوي إلى 50 ألف ليرة، مع فقدان هذا الدواء في صيدليات المخيم (الدولار يقابل 14 ألف ليرة سورية).
عودة للطب العربي
يفتقد مخيم الركبان إلى مقومات السلامة الطبية بعد فقدان الأدوية من النقاط الطبية والصيدليات في المخيم، وغياب الكادر الطبي المختص ومخابر التحليل.
وتوجد في المخيم نقطتان طبيتان تفتقران للأجهزة الطبية والكوادر، وتقدم بعض الإسعافات الأولية.
ندرة الأدوية والكادر الطبي اللازمين للعلاج، دفع السكان للجوء لطب الأعشاب كحل بديل، علها تسهم في علاج هذا المرض، إذ يوجد طبيب عربي يعتمد على إنتاج أدوية باستخدام مستحضرات وأعشاب طبيعية.
وقال محمد الجاسم، أحد قاطني الركبان، إنه ابنه مصاب بالتهاب الكبد الوبائي منذ حوالي أسبوعين، وتدهورت حالة الطفل الذي خسر من وزنه ما يقارب عشرة كيلوجرامات، بسبب تراجع حالته الصحية وعدم توفر العلاج والغذاء اللازم.
وأضاف الجاسم، ل، “الغريق يتعلق بقشة… لجأت لطب الأعشاب في علاج طفلي، ولكن لم يؤدِ ذلك لشفائه”، مشيرًا إلى أن معظم سكان المخيم يلجؤون لطب الأعشاب لعلاج أطفالهم من اليرقان حتى نفدت هذه الأعشاب.
وحول الحلول المطلوبة لإنقاذ حياة طفله، قال الجاسم، “لا حل سوى نقله إلى الأردن أو إلى مناطق سيطرة النظام”.
اصطحب محمد الجاسم ابنه المريض إلى نقطة التحالف الطبية قرب قاعدة التنف، وطلب منهم إدخاله للأردن أو نقله إلى دولة أخرى كي يتعالج فيها، إلا أنهم رفضوا طلبه وعاد بطفله المريض للمخيم.
وتصل تكلفة نقل الطفل لعلاجه في مناطق سيطرة النظام إلى ما يقارب 3000 دولار، وهو مبلغ لا يستطيع تأمينه في الوقت الحالي.
بدوره ذكر موقع “حصار“، المعني بتغطية أخبار مخيم الركبان، أن بعض النساء في المخيم لجأن لتحضير وصفات على أيديهن لعلاج أطفالهن من اليرقان، ومنها تحضير دواء خاص من الخضروات، من بينها البصل والثوم، ثم يستخلص السائل من الخضار، ويقطر السائل في عين وأنف المريض لمدة ثلاثة أيام.
اعتصام مفتوح
في ظل الحصار المفروض على الركبان، نظم العشرات من سكان مخيم الرّكبان، في 6 من أيار، وقفة احتجاجية رفعوا خلالها لافتات تطالب بفك الحصار وإدخال المساعدات بشكل عاجل، وتندد بسوء الأوضاع الإنسانية.
وطالب المتظاهرون المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية بتأمين الغذاء والدواء وحليب الأطفال، وأكدوا ضرورة فتح ممرات إنسانية لإدخال المساعدات الطبية والغذائية اللازمة لإنقاذ حياة الأطفال والنساء.
الوقفة الاحتجاجية تأتي في سياق الاعتصام المفتوح الذي أطلقه قاطنو مخيم الركبان منذ مطلع نيسان الماضي، للمطالبة بفتح طريق آمن باتجاه الشمال السوري أو شمال شرقي سوريا أو الأردن، كحل جذري للأزمة التي تخلقها قوات النظام بقطع الطرقات بين الحين والآخر.
وقال ماجد القاعد، أحد منظمي الاعتصام، ل، إن سكان المخيم توجهوا لكل دول العالم بما فيها قوات التحالف الدولي والأردن والأمم المتحدة بمطالب عامة، تتمثل في إعادة فتح الحدود مع الأردن أو ترحيلهم للشمال السوري”.
بدوره قال الناشط في المخيم غسان الفضيل، ل، إن النظام السوري يضيق الخناق على سكان المخيم ويتحكم بإدخال المواد الغذائية والأدوية، للضغط على النازحين كي يخضعوا للأمر الواقع للعودة الى مناطق سيطرته، وهذا الأمر فيه خطورة على حياة قاطني المخيم، ما يعرضهم للاعتقال سواء فئة الشباب، أو من كان له صلة بـ”جيش سورية الحرة” أو الفصائل العسكرية الموجودة ضمن “منطقة 55 كيلومترًا” (قاعدة التنف المدعومة من واشنطن)، لذلك “نطالب المجتمع الدولي بفك الحصار عن المخيم المنكوب”.
وتتضارب أرقام قاطني المخيم، لتبدأ من ثمانية آلاف نسمة، وفق “المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في سوريا“، وتتوافق مع الإحصائية التي نشرها حساب “صوت الركبان” عبر منصة “إكس“، وهو منصة تنقل الأخبار من داخل المخيم.
بينما، تحدث وزير الخارجية السوري، “فيصل المقداد“، عن حوالي 12 ألف نسمة لا يزالون في المخيم، اعتبر أن “أغلبيتهم من الداعشيين والجماعات الإرهابية المسلحة”، وفق تعبيره.
وتحصر قوات التحالف الدولي، بقيادة أمريكا، المسيطرة على المنطقة، مهمتها في محاربة تنظيم “الدولة الإسلامية” وليست لها علاقة بالمدنيين في المخيم.
وفي آذار 2020، أغلق الأردن الحدود مع مخيم الركبان بما فيها النقطة الطبية، وأرجعت الحكومة الأردنية سبب الإغلاق لإجراءات الحد من انتشار فيروس كورونا (كوفيد- 19)، ولم تعد فتحه بعد السيطرة على الوباء، ما جعل المنفذ الوحيد لسكان المخيم باتجاه مناطق سيطرة النظام.
مرتبط
المصدر: عنب بلدي