اخر الاخبار

أكرم إمام أوغلو.. معارض سياسي يهدد “هيمنة أردوغان”

بينما كان حزب الشعب الجمهوري على وشك إعلان ترشيح رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو لانتخابات الرئاسة التركية في عام 2028، فوجئ بإلقاء القبض عليه، على خلفية تهم تتعلق بمزاعم “فساد ودعم الإرهاب”، بينما اعتبر الحزب المعارض أن قرار السلطات يُمثل “محاولة انقلاب ضد الرئيس القادم” للبلاد.

ويُعتبر أكرم إمام أوغلو البالغ من العمر 54 عاماً، والذي يحظى بشعبية كبيرة في تركيا، أبرز منافس سياسي للرئيس رجب طيب أردوغان، وقد تفوق عليه في بعض استطلاعات الرأي.

يأتي اعتقال إمام أوغلو رئيس بلدية إسطنبول، وهو المنصب الذي شغله في السابق الرئيس الحالي أردوغان، في إطار حملة قانونية مستمرة منذ شهور استهدفت شخصيات من المعارضة التركية على مستوى البلاد، وُصفت بأنها “محاولة مسيسة للإضرار بفرصها في الانتخابات”.

ويواجه إمام أوغلو، تحقيقين منفصلين، يتضمنان أيضاً تهماً بتزعم منظمة إجرامية والرشوة والتلاعب في عطاءات.

وفي رسالة مكتوبة بخط اليد تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي، قال إمام أوغلو إن الأتراك سيردون على ما وصفه بـ”الأكاذيب والمؤامرات والمكائد” التي تُحاك ضده. وفي وقت سابق، قبل مغادرته منزله متوجهاً إلى مركز الشرطة، أكد أنه لن يستسلم أمام الضغوط.

من قرية صغيرة إلى بلدية إسطنبول

في عام 2019، برز اسم أكرم إمام أوغلو، رجل السياسة الهادئ الذي استطاع أن يحقق ما بدا أنه مستحيلاً آنذاك، عندما فاز برئاسة بلدية إسطنبول، موجّهاً ضربة قاسية لحزب العدالة والتنمية الحاكم، الذي لم يخسر هذه المدينة منذ 25 عاماً.

وُلد أكرم إمام أوغلو عام 1970 في بلدة أكشابات التابعة لمدينة طرابزون، الواقعة على الساحل الشمالي لتركيا. نشأ في عائلة محافظة تعمل في مجال البناء.

درس خلال المرحلة الابتدائية في قرية يلدزلي التي انتقل إليها عن عمر 3 سنوات، والتحق في الثانوية بمدرسة طرابزون، ثم بجامعة شرق البحر المتوسط في جمهورية شمال قبرص التركية حيث حصل على دبلوم في الهندسة المدنية، وأتبعه بشهادة في إدارة الأعمال من جامعة إسطنبول، ثم أكمل دراسته العليا في إدارة الموارد البشرية، قبل أن يدخل عالم الأعمال، إذ أدار مشروعات في مجال العقارات والبناء.

وفي 2002، حصل على عضوية نادي “طرابزون سبور” لمدة عام، وعمل لاحقاً كمدير في نادي “بيليك دوزو”، وقبل ذلك، عمل في شركة العائلة في مجال البناء، كما كانت له تجارب في قطاع صناعة المواد الغذائية عندما أدار مطعماً في منطقة جونجورن في إسطنبول.

وتعود بدايات إمام أوغلو في عالم السياسة، إلى أيام الدراسة عندما كان ضمن الحركة الشبابية لحزب “الوطن الأم” في مطلع تسعينيات القرن الماضي، وبعدها بدأ احتكاكه بحزب الشعب الجمهوري الذي اقترح عليه الترشح عن الحزب لرئاسة بلدية بيليك دوزو في انتخابات 2004 المحلية، لكنه رفض الأمر.

وفي 2008، انضم رسمياً لحزب الشعب الجمهوري، وخاض أولى تجاربه الانتخابية في عام 2009، ورغم إخفاقه لكنه كرر المحاولة بعد عدة سنوات، فعاود الترشح في عام 2014 لمنصب رئيس بلدية منطقة بيليك دوزو، وهي إحدى الضواحي الناشئة في إسطنبول، ونجح في إزاحة حزب العدالة والتنمية عن السلطة هناك، واستطاع أن يلعب دوراً بارزاً في تحسين أداء حزبه ورفع معدل التصويت له بنحو 21%، ومع الوقت تعززت شعبيته، وجعلته مرشحاً لخوض معركة إسطنبول الكبرى.

وفي الانتخابات البلدية  في عام 2019، رشّحه حزب الشعب الجمهوري لخوض الانتخابات ضد مرشح حزب العدالة والتنمية الحاكم، بن علي يلدريم، رئيس الوزراء السابق والمقرب من أردوغان. كانت المنافسة شديدة، لكن إمام أوغلو استطاع الفوز بفارق ضئيل، ما دفع السلطات إلى إلغاء نتائج الانتخابات وإعادتها، في خطوة اعتبرها الكثيرون التفافاً على الديمقراطية، إلا أن هذه المحاولة جاءت بنتائج عكسية، حيث أعاد إمام أوغلو خوض الانتخابات، وفاز بفارق أكبر، مما اعتُبر هزيمة سياسية مدوية لأردوغان.

منافسة أردوغان

في أبريل 2024، أعلنت المعارضة التركية فوزها في الانتخابات المحلية على حساب حزب العدالة والتنمية الذي يقوده الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي تجرع مرارة الخسارة للمرة الثانية على يد أحد أبرز خصومه السياسيين، أكرم إمام أوغلو، مرشح حزب الشعب الجمهوري، محتفظاً برئاسة بلدية إسطنبول.

وبدا واضحاً على أردوغان الذي سبق وأن تولى رئاسة بلدية إسطنبول في الفترة بين 1994 و1998، التأثر بهذه “الخسارة المفاجئة”، إذ قال إن نتائج هذه الانتخابات ستكون “نقطة تحول” بالنسبة لحزبه الذي تعهد بأنه سيدرس “الرسائل الصادرة عن الشعب”.

وقد تمكنت المعارضة ومرشحها أكرم إمام أوغلو من الفوز برئاسة بلدية إسطنبول أمام مرشح حزب العدالة والتنمية مراد قوروم.

وأعلن أكرم إمام أوغلو، المنتمي إلى حزب الشعب الجمهوري، احتفاظه بمنصبه الذي يشغله منذ عام 2019، مع فرز غالبية صناديق الاقتراع. وقال لأنصاره الذين كانوا يحتفلون بالفوز: “غداً ربيع جديد لبلادنا”.

وينظر إلى إمام أوغلو، بشكل متزايد، على أنه المنافس الأكبر لحزب أردوغان في الانتخابات الرئاسية المقبلة في 2028. 

وأكرم إمام أوغلو هو مهندس ورجل أعمال في الأصل، ولد في عام 1971 في أكشابات في ولاية طرابزون شرق تركيا لأب كان يعمل تاجراً وأم مزارعة.

تطال إمام أوغلو اتهامات بمساعدة حزب العمال الكردستاني من خلال تشكيل تحالف انتخابي مع حزب المساواة والديمقراطية للشعوب الموالي للأكراد العام الماضي، وهو ما دفع السلطات إلى اتخاذ قرار باعتقاله، إضافة إلى قضايا أخرى تتعلق بـ”الفساد”.

متاعب قضائية

ومنذ أن أصبح رئيساً لبلدية إسطنبول عام 2019، أضحى إمام أوغلو مستهدفاً من القضاء التركي، ففي منتصف 2023، تمت محاكمته بتهم تتعلق بالفساد وتزوير عقد مالي في نهاية عام 2015 عندما كان رئيساً لبلدية “بيليك دوزو”.

وأوغلو متّهم في هذه القضية مع 6 أشخاص آخرين بـ”تزوير” عقد يعتقد أنه كبّد المالية العامة خسائر بـ250 ألف ليرة (نحو 90 ألف دولار حينها)، وهو الأمر الذي ينفيه إمام أوغلو، ويقول إن تحقيقاً سابقاً في الموضوع ذاته خلص إلى عدم وجود أي مخالفة.

ولم تكن تلك المرة الأولى التي يجد فيها إمام أوغلو نفسه أمام المحكمة، إذ حُكم عليه في نوفمبر 2022 بالسجن عامين و7 أشهر، بالإضافة إلى تجريده من حقوقه السياسية بتهمة “إهانة” أعضاء لجنة الانتخابات، لكنه تمكن من استئناف هذا الحكم والاحتفاظ بمنصبه على رأس بلدية لإسطنبول.

وعند فوزه بالمنصب في عام 2019، جُرد إمام أوغلو في البداية من هذا الفوز الذي حققه بفارق ضئيل في الانتخابات، لكنه عاد وفاز بفارق أكبر في جولة الإعادة.

كما يأتي اعتقاله الآن بعد يوم من تلقيه ضربة أخرى عندما ألغت جامعة إسطنبول شهادته العلمية. وفي حالة تأييد ذلك، سيمنع من الترشح للانتخابات الرئاسية.

طموحات سياسية

مدفوع بعمره الصغير مقارنة بزعماء الأحزاب السياسية التركية الأخرى، وإطلالة تحظى بقبول واسع لدى الشارع التركي، لا يُخفي إمام أوغلو طموحاته السياسية التي تعزز من جديتها، شعبيته في استطلاعات الرأي، وهو الأمر الذي لا يلقى استحساناً من معسكر الحزب الحاكم.

واستُبعد إمام أوغلو من خوض انتخابات الرئاسة في عام 2023، بسبب حكم قضائي صادر ضده آنذاك. وفاز أردوغان في تلك الانتخابات بعد أن حصل على 52.2% من الأصوات في الدورة الثانية في مواجهة مرشح المعارضة كمال كيليجدار أوغلو، ودفعت هذه المرحلة، إمام أوغلو، إلى التشكيك في الأداء الضعيف لحزب الشعب الجمهوري.

ويطالب أوغلو بالتغيير في صفوف حزب الشعب الجمهوري الذي أسّسه مصطفى كمال أتاتورك، الأب المؤسّس للجمهورية التركية الحديثة، لتحقيق نتائج أفضل في الانتخابات المستقبلية وللتخلّص من “هيمنة أردوغان” على غالبية مفاصل الحياة السياسية والاجتماعية في تركيا.

وعقب الخسارة في الانتخابات الرئاسية، قام حزب الشعب الجمهوري بتعيين، أوزغور أوزيل، غير المعروف نسبياً رئيساً له، بدلاً من زعيمه كمال كيليجدار أوغلو. وبعد جولتي تصويت مشحونتين في مؤتمر الحزب، خسر كيليجدار أوغلو البالغ من العمر 74 عاماً آنذاك، منصبه لصالح أوزيل الذي يدعمه إمام أوغلو.

ويحظى إمام أوغلو بدعم الناخبين الأكراد، وكانت أصواتهم سبباً مهماً في فوزه ببلدية إسطنبول في عام 2019، بعد أن قرر الحزب الموالي للأكراد تأييد مرشح حزب الشعب الجمهوري، وعدم تقديم مرشح لتجنب تشتت الأصوات وإعطاء فرصة لمرشح حزب العدالة والتنمية الحاكم.

ورغم التحديات القانونية التي يواجهها، إلا أنه لا يزال يحظى بشعبية واسعة وخاصة بين فئة الشباب، ويراهن حزب الشعب الجمهوري عليه في السباق إلى الرئاسة التركية  في عام 2028.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *