أعرب مسؤولون أميركيون في البيت الأبيض عن إحباطهم المتزايد من مواقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو العدوانية في المنطقة، واصفين تحركاته الأخيرة بأنها “متهورة وذات دوافع سياسية”، لا سيما بعد الضربات التي شنتها إسرائيل على سوريا، حسب ما أفاد موقع “أكسيوس”.
وكشف مسؤولون أميركيون كبار لـ”أكسيوس” أن حالة “الإحباط من نتنياهو بلغت ذروتها”، مشيرين إلى أن بعض المقربين من الرئيس الأميركي دونالد ترمب بدأوا يشككون في دوافع نتنياهو وصحة قراراته، وأضاف أحد المسؤولين: “الشعور العام، هو أن هناك شيئاً جديداً كل يوم”.
كما نقل الموقع عن مسؤول في البيت الأبيض قوله إن: “بيبي (نتنياهو) تصرف كالمجنون، يقصف كل شيء طوال الوقت”، محذراً من أن “هذا النهج قد يؤدي إلى تقويض ما يحاول ترمب القيام به”.
وجاءت هذه التصريحات بعد أن قصفت إسرائيل، قافلة عسكرية سورية كانت متجهة إلى السويداء، بعد اشتباكات بين مسلحين دروز وعشائر بدوية، أودت بحياة المئات.
وصرح مسؤول أميركي: “فاجأ القصف في سوريا الرئيس ترمب والبيت الأبيض، لا يُحب الرئيس أن يُشاهد التلفاز ويرى القنابل تُلقى في بلدٍ يسعى للسلام فيه”.
ودعا المبعوث الأميركي إلى سوريا، توماس باراك، الأحد، كافة الفصائل المتحاربة إلى وضع السلاح ووقف الأعمال العدائية، محذراً من أن سوريا تقف عند “مفترق طرق حاسم”، وذلك بعد انتشار قوات الأمن الداخلي السورية لفض الاشتباكات، وبدء تنفيذ وقف إطلاق النار في السويداء ذات الأغلبية الدرزية جنوبي البلاد.
“طفل لا يُحسن التصرف”
وأثار سلوك بنيامين نتنياهو موجة انتقادات واسعة، إذ شبّهه أحد المسؤولين الأميركيين في حديثه لموقع “أكسيوس” بـ”طفل لا يُحسن التصرف”، مشيراً إلى أن هذا السلوك دفع حلفاء إقليميين إلى التعبير عن استيائهم مباشرة لواشنطن، فيما رفع عدد من المسؤولين الأميركيين الكبار شكوى لترمب بشأن تصرفات نتنياهو.
وأشار موقع “أكسيوس” إلى أن من بين المسؤولين الذين أبدوا استياءهم، المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، والمبعوث الأميركي لسوريا توم باراك، وكلاهما يرتبط بعلاقة وثيقة مع الرئيس ترمب.
وقال ستة مسؤولين أميركيين لـ”أكسيوس” إنه على الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة والذي أوقف التصعيد هذا الأسبوع في سوريا، فإن هذا الأسبوع عمّق مخاوف البيت الأبيض بشأن نتنياهو وسياساته الإقليمية.
ويشكك مستشارون أميركيون في توقيت الضربات ونواياها، وحذر أحد المسؤولين قائلاً إن “أجندة نتنياهو السياسية تهيمن على قراره، سيتضح أن هذا خطأ فادح ارتكبه على المدى الطويل”.
وذكر مسؤول أميركي رفيع المستوى أنه “لا ينبغي أن يكون لإسرائيل الحق في تحديد ما إذا كان بإمكان الحكومة السورية ممارسة سيادتها على مواطنيها وأراضيها”.
وقال المسؤول لـ”الموقع”: “السياسة الإسرائيلية الحالية ستؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار في سوريا، سيخسر كل من الدروز وإسرائيل في مثل هذا السيناريو”، حسب تعبيره.
قصف كنيسة غزة
ومما زاد من تفاقم الانتقادات، قصف كنيسة في غزة في وقتٍ سابق من هذا الأسبوع، مما دفع دونالد ترمب إلى الاتصال بنتنياهو لطلب توضيح.
وسُئل البيت الأبيض في مؤتمر صحافي عن رد فعل ترمب على الهجوم الإسرائيلي على الكنيسة، وذكرت المتحدثة باسم البيت الأبيض أن “لم يكن رد الفعل إيجابياً، واتصل بنتنياهو للحديث عن الغارة على الكنيسة في غزة”.
فيما قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية في بيان منفصل: “أعتقد أن القول إنه (ترمب) لم يكن سعيداً هو تقليل من شأن الأمر”، وذكرت الوزارة أن واشنطن طلبت من إسرائيل التحقيق في الهجوم.
كما أجّج سقوط الفلسطيني الأميركي سيف مصلط على أيدي مستوطنين إسرائيليين التوتر أيضاً.
إذ طلب السفير الأميركي لدى إسرائيل مايك هاكابي من تل أبيب التحقيق “بجدية” في الواقعة مقتل مواطن أميركي ضربه مستوطنون إسرائيليون في الضفة الغربية المحتلة حتى الموت، واصفاً الواقعة بأنها “عمل إجرامي وإرهابي”، كما انتقد رفض إسرائيل منح التأشيرات للإنجيليين الأميركيين.
نقطة تحول
ووفقاً لـ”أكسيوس”، يبدو أن هذه التطورات قد تمثل نقطة تحول في علاقة نتنياهو بإدارة ترمب، التي بدت حتى وقت قريب ثابتة في دعمها لتل أبيب.
ومع تزايد الوعي بتأثيرات اليمين المتطرف في ائتلاف نتنياهو الحكومي، والمخاوف بشأن زعزعة استقرار سوريا، يعتقد بعض المسؤولين أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يُبالغ في تقدير موقفه. وحذّر مسؤول أميركي رفيع المستوى قائلاً: “قد ينفد حظ نتنياهو، وحُسن نية ترمب”.