ألمانيا اتفاق تاريخي لتوسيع الاقتراض وزيادة الإنفاق الدفاعي

أعلن المستشار الألماني المقبل، فريدريش ميرتس، التوصل إلى اتفاق لإصلاحٍ جذريٍّ لقواعد ديون البلاد، بما يسمح بطفرةٍ في الإنفاق الدفاعي والأمني، بالإضافة إلى استثمارٍ في البنية التحتية بقيمة 500 مليار يورو خلال السنوات الـ 12 المقبلة، قبل أيام من اقتراع برلماني هام الأسبوع المقبل، في خطوة تسهل من تشكيل الحكومة الألمانية المقبلة.
وقال ميرتس: “لن يكون هناك نقص في الموارد المالية للدفاع عن الحرية والسلام في قارتنا”. وأضاف: “لقد عادت ألمانيا. تُقدم ألمانيا مساهمة كبيرة في الدفاع عن الحرية والسلام في أوروبا”.
ويحتاج المستشار الألماني المقبل إلى دعم حزبه الديمقراطي المسيحي (CDU/CSU)، وشريكه المحتمل في الائتلاف الحكومي، الحزب الديمقراطي الاجتماعي (SPD)، وحزب الخضر، لإقرار حزمة الإصلاحات الرئيسية بأغلبية الثلثين في جلسة طارئة للبرلمان القديم الثلاثاء المقبل.
وأضاف زعيم حزب المحافظين الألماني: “أتوقع بعد موافقة مجلس الشيوخ صرف مساعدات عسكرية لأوكرانيا بقيمة 3 مليارات يورو”.
وقال مصدر بحزب الخضر، إنه توصل لاتفاق مع كتلة الاتحاد المسيحي CDU/CSU، والحزب الاشتراكي الديمقراطي SPD، وإنه راض عن الاتفاق، فيما ذكر مصدر آخر أن الاتفاق يخصص 100 مليار لسياسات المناخ.
ويفحص مسؤولو وزارة المالية الألمانية اتفاق الدين، وفق ما ذكرت مصادر برلمانية، فيما قال مصدر آخر إن تفاصيل الصفقة الدقيقة لا يزال يجري العمل عليها.
والاتفاق هو خطوة هامة في طريق الابتعاد عن عقود من المحافظة المالية التي مارستها برلين، في محاولة لتعزيز البنية لتحتية والإنفاق الدفاعي.
لماذا يسعى ميرتس لتمرير التعديلات الآن؟
ويرغب ميرتس في أن يوافق البرلمان المنتهية ولايته (يتمتع بصلاحياته كاملة حتى تنصيب البرلمان الجديد)، على تمويل بقية 500 مليار يورو للإنفاق على البنية التحتية، وإجراء تغييرات واسعة في قواعد الاستدانة، لإحياء النمو وزيادة الإنفاق العسكري في أكبر اقتصادات القارة الأوروبية، وفق مجلة “بوليتيكو”.
وخلال مناظرة حامية في البرلمان الألماني، الخميس، حض ميرتس نواب حزب الخضر على تمرير تعديلات دستورية من شأنها أن توسع قدرة الحكومة على الاقتراص لإنفاق قرابة 900 مليار يورو لتعزيز الجيش والاستثمار في الاقتصاد.
وقال ميرتس، الذي يقود الكتلة المحافظة في البرلمان المكوّنة من الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU) وحزبه الشقيق البافاري، الاتحاد الاجتماعي المسيحي (CSU)، إنه “في ظل الوضع الأمني في أوروبا، والذي أصبح الآن مقلقاً بكل المقاييس… لم يعد من الممكن تأجيل هذه التعديلات المقترحة على الدستور”.
ويسعى ميرتس إلى تمرير التعديلات عبر البرلمان القائم، لأن الائتلاف المكون من الأحزاب الثلاث لا يملك أغلبية الثلثين في البرلمان المقبل، الناتج عن انتخابات 23 فبراير الماضي.
ويستعد كل من الاتحاد الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي، الفائزين في انتخابات 23 فبراير، والحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) من يسار الوسط، لتشكيل حكومة جديدة بعد انهيار الائتلاف الثلاثي السابق في نوفمبر 2024 بسبب خلافات تتعلق بالإنفاق.
ولتمرير حزمة التعديلات الدستورية الثلاث، يحتاج ميرتس إلى تأمين أغلبية الثلثين في البرلمان. وعندما ينعقد البرلمان الجديد، في 25 مارس، يُتوقع أن يقوم حزب “البديل من أجل ألمانيا” (AfD) اليميني المتطرف والذي يتهمه نقاده بأنه “مُوال للكرملين”، إلى جانب حزب اليسار الذي يعارض زيادة الإنفاق العسكري، بعرقلة هذه التعديلات.
لذا، يحظى اتفاق الجمعة، بأهمية مضاعفة، إذ تجاوز هذه العقبة.
فرصة أخيرة للخضر
وبالنسبة لحزب الخضر، تمثل المفاوضات الجارية مع الاتحاد الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) فرصة أخيرة لانتزاع تنازلات سياسية قبل انتقالهم إلى صفوف المعارضة.
وفي محاولته لكسب تأييد الخضر، تعهّد ميرتس بأن يتم توسيع الإنفاق الدفاعي – مع رفع حدود الدين لتتجاوز 1% من الناتج المحلي الإجمالي، ليشمل تكاليف أجهزة الاستخبارات وحماية المدنيين، وهو مطلب رئيسي دفع به حزب الخضر خلال المفاوضات.
كما وعد بتخصيص 50 مليار يورو من صندوق البنية التحتية المقترح البالغ 500 مليار يورو لسياسات المناخ، ولكن الرقم الصادر عن اتفاق أعلى بكثير إذ يبلغ 100 مليار يورو وفق التقارير.
ومن المتوقع إجراء تصويت الثلاثاء المقبل، على توسيع الاقتراض، يليه تصويت مجلس الولايات الألماني (البوندسرات) الجمعة المقبل. وبينما لا يُتوقع وجود عقبات كبيرة في البوندسرات – الذي يمثل 16 ولاية ألمانية – فإن الفشل في البوندستاج كان من شأنه أن يُفشل الصفقة المالية بأكملها.
ضغوط ترمب على الناتو
وفي مسعاه لحض حزب الخضر على الموافقة على الاتفاق، قال ميرتس الخميس، “ما الذي تريدونه أكثر في مثل هذا الإطار الزمني القصير مما اقترحناه عليكم خلال الأيام القليلة الماضية؟”، وأضاف: “هل تعتقدون بجدية أن الإدارة الأميركية ستوافق في قمة الناتو في لاهاي في نهاية يونيو، على الاستمرار في اتباع النهج نفسه داخل الحلف إذا لم تكن ألمانيا – إلى جانب شركائها الأوروبيين في الناتو – مستعدة لسلوك طريق جديد؟”.
وجاءت تعليقات ميرتس في ضوء دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لحلفاء الناتو الأوروبيين إلى زيادة إنفاقهم الدفاعي.
وزادت تصريحات ترمب الأخيرة، التي تضمنت تلميحات بأنه لن يحمي أعضاء الناتو الذين يفشلون في تحقيق أهداف الإنفاق، من الضغوط على ألمانيا لتعزيز إنفاقها الدفاعي.