تستعد الحكومة الألمانية للحصول على صلاحيات موسّعة تتيح لها منع مورّدين صينيين يُشتبه بأنهم يشكّلون “خطراً” على البنية التحتية الحيوية، في خطوة ضمن مواقف متشددة من برلين تجاه التكنولوجيا الصينية، ولا سيما شركة “هواوي”، وفق مجلة “بوليتيكو”.

وصوّت أعضاء البرلمان (البوندستاج)، الخميس، على تشريع يتيح لوزارة الداخلية حظر استخدام مكونات من شركات محددة في قطاعات حيوية؛ بسبب مخاطر مرتبطة بالأمن السيبراني.

وتُشبه هذه الخطوة الإجراءات التي اتخذتها دول أوروبية في قطاع الاتصالات، إلا أن مشروع القانون الألماني يغطي نطاقاً أوسع يشمل الطاقة والنقل والرعاية الصحية.

ويأتي هذا التحرك بالتزامن مع تشديد المستشار الألماني فريدريش ميرتس لهجته تجاه شركة “هواوي” الصينية، إذ قال خلال مؤتمر اقتصادي في برلين إنه “لن يسمح بأي مكوّنات صينية في شبكة الجيل السادس (6G)”.

ومن المقرر أن يناقش ميرتس هذا الملف خلال قمة كبرى حول “السيادة الرقمية” تستضيفها ألمانيا وفرنسا الأسبوع المقبل، وذلك في سياق تنامي المخاوف الأوروبية من الاعتماد على التقنيات الصينية داخل سلاسل التوريد.

تدقيق أوروبي

ويأتي التحرك الألماني في وقت يبحث فيه الاتحاد الأوروبي عن أفضل السبل للتعامل مع مخاطر الهجمات السيبرانية في سلاسل التوريد التي تهيمن عليها شركات صينية، خصوصاً مع توسع التدقيق لما هو أبعد من قطاع الاتصالات ليشمل مجالات مثل الطاقة الشمسية والسيارات المتصلة بالإنترنت.

ويعمل مسؤولون أوروبيون في مجال الأمن السيبراني على استكمال “صندوق أدوات سلاسل توريد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات” (ICT Supply Chain Toolbox)، والذي سيُستخدم لتوجيه الحكومات نحو كيفية التخفيف من المخاطر التقنية.

فيما تستعد المفوضية الأوروبية لإعادة صياغة “قانون الأمن السيبراني” (Cybersecurity Act) بما يتناسب مع التحديات المستجدة، ومن المقرر الكشف عن المقترح الجديد في شهر يناير المقبل.

ويمثّل التشريع الألماني جزءاً من تنفيذ توجيه الاتحاد الأوروبي (NIS2) الخاص بحماية البنية التحتية الحيوية من الهجمات السيبرانية.

ولا يزال القانون بحاجة إلى موافقة مجلس الولايات الألمانية (البوندسرات)، ومن المتوقع أن يتم التصويت النهائي عليه الجمعة المقبل.

تحركات دون تنفيذ كامل

وتملك وزارة الداخلية الألمانية بالفعل صلاحيات بموجب “قانون الأمن السيبراني” لعام 2021 لمنع شركات الاتصالات من استخدام مكونات من جهات معينة بسبب مخاوف أمنية، وكان يُنظر إلى هذا التعديل على نطاق واسع باعتباره موجهاً تحديداً للشركات الصينية مثل Huawei وZTE.

ورغم تدخل وزارة الداخلية عام 2024 في هذا الإطار، فإنها لم تتخذ قراراً رسمياً بحظر مكوّنات محددة، ما أثار تساؤلات عن مدى التردد السياسي في التعامل مع هذه القضية.

وخلال صياغة القانون الجديد، كانت الحكومة الألمانية في البداية تقترح توسيع القيود المفروضة على قطاع الاتصالات لتشمل قطاع الكهرباء فقط.

غير أن النسخة التي أقرها البرلمان توسعت لتشمل جميع القطاعات المصنّفة “حيوية” وفق توجيهات NIS2، بما في ذلك النقل والرعاية الصحية والبنية التحتية الرقمية.

وقال النائب يوهانس شاتسل، المتحدث باسم السياسة الرقمية في الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD)، إن هذه الخطوة “منطقية تماماً، لأن التهديدات السيبرانية والهجينة لا تتوقف عند حدود قطاع معين”.

إلزام بالتشاور الحكومي

ويلزم القانون الجديد وزارة الداخلية الألمانية بالتشاور مع وزارات أخرى قبل اتخاذ أي قرار بحظر مكونات من موردين محددين. وبحسب تقارير سابقة، كانت بعض الوزارات، مثل وزارتي الاقتصاد والرقمنة، أكثر حذراً في دعم حظر مباشر للتقنيات الصينية؛ بسبب مخاوف من رد اقتصادي انتقامي من بكين، خاصة في ظل اعتماد قطاعات صناعية ألمانية كبرى على السوق الصينية.

وفي القطاع الخاص، عبّرت شركات التكنولوجيا الألمانية عن قلقها من التداعيات المحتملة. وقال اتحاد الشركات الرقمية Bitkom إن القواعد الجديدة قد تكون “غير قابلة للتنبؤ، وقد تضر بالقطاع” إذا لم تُصمم بطريقة واضحة ومستقرة.

شاركها.