يعتزم آلاف الأميركيين المشاركة في مظاهرات “لا ملوك”، بالعاصمة واشنطن ومدن أخرى في جميع أنحاء الولايات المتحدة، السبت، احتجاجاً على ما يصفونه بأنه “مسار البلاد في عهد الرئيس دونالد ترمب”، فيما اعتبر الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه الرئيس أنها مسيرات “كراهية أميركا”، وفق وكالة “أسوشيتد برس”.
وذكرت الوكالة الأميركية أن هذه الاحتجاجات تعد الموجة الثالثة من الحشد الجماهيري منذ عودة ترمب إلى البيت الأبيض، ومن المتوقع أن تكون الأكبر. وتأتي على خلفية إغلاق حكومي ووقف برامج وخدمات فيدرالية.
بدورهما، فعّل حاكما تكساس وفرجينيا قوات الحرس الوطني في ولايتيهما، لكن من غير الواضح مدى الوجود العسكري خلال الاحتجاجات.
وقالت الوكالة إن الرئيس ترمب نفسه، سيظل بعيداً عن واشنطن في منزله بمنتجع “مار إيه لاجو” في ولاية فلوريدا.
ولم يقل ترمب الكثير عن احتجاجات، السبت، لكنه قال في مقابلة مع شبكة Fox News بُثت في وقت مبكر، الجمعة: “يقولون إنهم يشيرون إليّ كملك.. أنا لست ملكاً”، قبل أن يغادر لحضور مأدبة فاخرة بالبيت الأبيض، ضمن حملة تبرعات لجمع مئات ملايين الدولارات.
وأشارت “أسوشيتد برس” إلى أن موجة الاحتجاجات الأولى في أبريل من هذا العام، ضد حملة متسارعة لتقليص الإنفاق الفيدرالي وتسريح آلاف الموظفين قادها مستشار الرئيس السابق إيلون ماسك، والثانية اعتراضاً على عرض عسكري صادف عيد مولد ترمب في يونيو الماضي، اجتذبت حشوداً، في حين يقول منظمون إن هذه الاحتجاجات تبني “حركة حزبية معارضة أكثر توحداً”.
ومن المتوقع أن ينضم كبار الديمقراطيين للمسيرات، مثل زعيم الأقلية الديمقراطية بمجلس الشيوخ الأميركي، تشاك شومر، والسيناتور المستقل، بيرني ساندرز، إلى ما يعتبره المنظمون “ترياقاً” ضد تصرفات ترمب، بدءاً من تضييق الإدارة على حرية التعبير إلى الحملات الأمنية ضد المهاجرين ذات “الطابع العسكري”، بحسب الوكالة.
كما أرسل ترمب قوات الحرس الوطني في بعض المدن الكبرى، والتي قال إنها “ضرورية” لحماية مسؤولي سلطات الهجرة، والمساعدة في مكافحة الجريمة.
“ليس لدينا ملوك”
ومن المقرر تنظيم أكثر من 2600 مسيرة في مدن كبيرة وصغيرة، ينظمها مئات الشركاء في التحالف. وقال المنظمون إنه يجري تخطيط مواقع المسيرات على بعد ساعة واحدة بالسيارة لمعظم الأميركيين.
وقال الاتحاد الأميركي للحريات المدنية، إنه قدم تدريباً قانونياً لعشرات الآلاف من الأشخاص الذين سيعملون كحراس في المسيرات المختلفة، كما جرى تدريب هؤلاء الأشخاص أيضاً على عدم التصعيد.
وانتشرت إعلانات ومعلومات حول مسيرات “لا ملوك” على منصات التواصل الاجتماعي لحث الأميركيين على المشاركة.
انتقادات ورفض جمهوري
في المقابل، سعى الجمهوريون إلى تصوير المشاركين في مسيرات، السبت، على أنهم بعيدون كل البعد عن التيار الرئيسي للسياسة الأميركية، وأنهم السبب الرئيسي في الإغلاق الحكومي المطول، الذي دخل الآن يومه الثامن عشر.
ومن البيت الأبيض إلى مبنى “الكابيتول”، استخف قادة الحزب الجمهوري بالمشاركين في المسيرات ووصفوهم بأنهم “شيوعيون”، و”ماركسيون”.
وقال هؤلاء الجمهوريون إن القادة الديمقراطيين، بما في ذلك شومر، مدينون بالفضل للجناح اليساري المتطرف، ومستعدون لإبقاء الحكومة مغلقة لاسترضاء تلك القوى الليبرالية.
من جانبه، قال رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون، (جمهوري عن لوس أنجلوس): “أشجعكم على مشاهدة ما نسميه مسيرة كراهية أميركا، التي ستحدث السبت”.
وأضاف جونسون: “لنر من سيحضر”، وذكر مجموعات من بينها “أشكال حركة أنتيفا” (Antifa) اليسارية السرية المناهضة للفاشية، وأشخاص “يكرهون الرأسمالية”، و”ماركسيون بكل وضوح”.
ورفض الديمقراطيون التصويت على تشريع لإعادة فتح الحكومة، لأنهم يطالبون بتمويل برامج الرعاية الصحية، فيما يقول جمهوريون إنهم على استعداد لمناقشة هذه القضية في وقت لاحق، فقط بعد إعادة فتح الحكومة.
ويسيطر الحزب الجمهوري على مجلسي النواب والشيوخ، لكن الجمهوريين يحتاجون إلى 60 صوتاً من أجل إقرار مشروع قانون الإنفاق في مجلس الشيوخ، وهو ما يتطلّب إقناع ما لا يقل عن 7 أعضاء ديمقراطيين بالتصويت لصالح المشروع.
ويستخدم الديمقراطيون هذا الوضع للضغط من أجل استمرار وتوسيع دعم الرعاية الصحية للأشخاص، الذين يشتركون في برامج تأمين صحي عبر قانون الرعاية الصحية بتكاليف ميسورة. وقد رفض المشرعون الديمقراطيون دعم أي مشروع إنفاق حكومي لا يعالج هذه المسألة.
دعم ديمقراطي
ولكن بالنسبة للكثير من الديمقراطيين، فإن إغلاق الحكومة يمثل أيضاً وسيلة ضغط للوقوف في وجه ترمب، ومحاولة إعادة الرئاسة إلى مكانها في النظام الأميركي كفرع مشارك في الحكومة.
وفي منشور على فيسبوك، قال السيناتور بيرني ساندرز من ولاية فيرمونت، وهو نفسه منافس رئاسي سابق إنه “تجمع حب أميركا”.
وأضاف ساندرز أنه “تجمع لملايين الأشخاص في جميع أنحاء هذا البلد الذين يؤمنون بدستورنا ويؤمنون بالحرية الأميركية”، موجهاً رسالة إلى قيادة الحزب الجمهوري: “لن نسمح لكم ولدونالد ترمب بتحويل هذا البلد إلى مجتمع استبدادي”.
من جانبه، قال زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب، حكيم جيفريز، إنه ليس متأكداً مما إذا كان سينضم إلى المشاركين في المسيرة، السبت، لكنه اعترض على توصيف الجمهوريين للأحداث.
وأضاف: “سلوك الكراهية هو ما حدث في السادس من يناير”، في إشارة إلى هجوم الكابيتول عام 2021، عندما اقتحم أنصار لترمب المبنى احتجاجاً على فوز الرئيس السابق جو بايدن في الانتخابات.
وتابع جيفريز: “ما ستشاهدونه في نهاية هذا الأسبوع هو ما تبدو عليه الوطنية، حيث يظهر الناس للتعبير عن معارضتهم للتطرف الذي أطلقه ترمب على الشعب الأميركي”.
ولفتت “أسوشيتد برس” إلى أن هذا الموقف يعد تحولاً محتملاً عما كان عليه الوضع قبل 6 أشهر فقط، عندما كان الديمقراطيون وحلفاؤهم منقسمين ويائسين، غير متأكدين من أفضل السبل للرد على عودة ترمب إلى البيت الأبيض.
في أبريل الماضي، بلغ عدد المواقع المسجلة في المسيرة الوطنية ضد ترمب وإيلون ماسك 1300 موقع. وفي يونيو، في اليوم الأول لمسيرة “لا ملوك”، كان هناك 2100 موقع مسجل. وقال ليفين إن مسيرة، السبت، ستضم أكثر من 2600 موقع مسجل.