تعتزم وزارة الأمن الداخلي الأميركية إنهاء برنامج الحماية المؤقتة TPS الممنوح لمواطني جنوب السودان، في أقرب وقت، في خطوة من شأنها أن تنهي عقود مكنت آلاف النازحين من الدولة الإفريقية للعيش والعمل بصورة قانونية داخل الولايات المتحدة، حسبما أفادت شبكة CBS News.

ووفقاً لمسؤولي وزارة الأمن الداخلي، فإن قرار الإنهاء الذي اتخذته الوزيرة كريستي نويم جاء بعد مشاورات مع وزارة الخارجية وعدد من الوكالات الفيدرالية.

ورغم التحذيرات الأممية من أن جنوب السودان قد يكون على وشك الانزلاق مجدداً إلى أتون حرب مفتوحة، بررت الوزارة قرارها بالإشارة إلى “انتهاء الصراع المسلح وتحسن العلاقات الدبلوماسية، إضافة إلى تعهد حكومة جوبا بإعادة دمج العائدين”، معتبرة أن تمديد برنامج الحماية المؤقتة لمواطني جنوب السودان سيكون “متعارضاً مع المصالح الأميركية”.

وتنتهي صلاحية البرنامج في 3 نوفمبر 2025، وأفاد مسؤول بالوزارة بأن إشعاراً رسمياً لإنهاء البرنامج سيُنشر في السجل الفيدرالي لاحقاً هذا الأسبوع، على أن يتم تفعيل فترة سماح مدتها 60 يوماً لمواطني جنوب السودان للسفر من البلاد أو مواجهة الترحيل بمجرد انتهاء حالتهم رسمياً في يناير.

وتقدر الوزارة أن نحو خمسة آلاف مواطن جنوب سوداني يعيشون حالياً في الولايات المتحدة. 

وعلى مدار الـ14 عاما الماضية، وفر البرنامج حماية لمواطني جنوب السودان الذين لم يتمكنوا من العودة إلى بلادهم بأمان، بسبب الصراع المسلح والكوارث البيئية، ومنعهم من الترحيل، وسمح لهم بالعمل قانونياً في الولايات المتحدة.

ويعود تاريخ هذا البرنامج إلى فترة عدم الاستقرار التي بدأت بعد استقلال جنوب السودان في 2011، ومددت إدارات رئاسية متعددة البرنامج منذ ذلك الحين. 

وجرى تجديد برنامج الحماية المؤقتة لجنوب السودان آخر مرة لمدة 18 شهراً، من 4 نوفمبر 2023 إلى 3 مايو 2025، بواسطة وزير الأمن الداخلي آنذاك، أليخاندرو مايوركاس، “نظراً للصراع المسلح المستمر والظروف الاستثنائية والمؤقتة في جنوب السودان التي تمنع الأفراد من العودة بأمان”.

وتم تمديده تلقائياً لمدة ستة أشهر إضافية حتى 3 نوفمبر، بعد أن لم تُكمل الوزارة المراجعة المطلوبة قبل انقضاء فترة الستين يوماً القانونية.

“السلام لا يزال هشاً”

ويشكل هذا القرار تحولاً كبيراً في سياسة الولايات المتحدة تجاه جنوب السودان، البلد الذي لا يزال يكافح للتعافي من سنوات الحرب الأهلية والأزمات الإنسانية.

ورغم قول وزارة الأمن الداخلي إن الأوضاع قد تحسنت، تحذر المنظمات الإنسانية والخبراء الإقليميون من أن السلام لا يزال هشاً، مع تفاقم الضغوط الاقتصادية التي تشكل تحدياً لأي عودة آمنة، وفق الشبكة.

وأفاد الوسطاء الدوليون بإحراز بعض التقدم في تنفيذ اتفاق السلام وإطار الحوكمة الانتقالية، رغم العنف والفساد وضعف مؤسسات الدولة التي تعرقل وصول المساعدات الإنسانية. ومع ذلك، تصر وزارة الخارجية الأميركية على تحذير من السفر إلى جنوب السودان من المستوى الرابع، مشيرة إلى استمرار الصراع المسلح والجريمة والخطف.

وبحسب مجلس العلاقات الخارجية، ما تزال الاشتباكات المسلحة بين القوات الحكومية والمعارضة والميليشيات العرقية تتسبب في سقوط ضحايا، وتشريد المدنيين.

ووثقت الأمم المتحدة انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، بما في ذلك تجنيد الأطفال، والعنف الجنسي، والاعتقالات التعسفية، وحذر مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، في سبتمبر الماضي من أن الهدنة الهشة قد تنهار.

وقالت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في أواخر أكتوبر للجمعية العامة للأمم المتحدة إن “الانتقال السياسي في جنوب السودان ينهار”.

وحذرت منظمة الأغذية العالمية التابعة للأمم المتحدة أيضاً من أن الصراع المستمر والفيضانات وانعدام الأمن الغذائي يزيدان من تفاقم الأوضاع الإنسانية في البلاد.

ويحتاج نحو ثلاثة أرباع السكان، أي نحو 9 ملايين شخص، إلى مساعدات إنسانية، في حين يواجه 7.7 مليون شخص انعداماً حاداً للأمن الغذائي، وفقاً لخدمة البحوث البرلمانية الأميركية وصندوق الأمم المتحدة للسكان.

شاركها.