أمطار تنقذ المحاصيل في رأس العين وتل أبيض

شهدت مدينتا رأس العين وتل أبيض هطولات مطرية غزيرة في الأيام الماضية، ما أدى إلى انتعاش المحاصيل الزراعية، وهيّأت لتحسّن الثروة الحيوانية، بعد فترة من الجفاف الذي أثر سلبًا على المزارعين ومربي المواشي.
الأمطار جاءت بعد جفاف أدى إلى توقف نمو المحاصيل الزراعية وتضرر جزء منها، بالإضافة إلى انخفاض أسعار الثروة الحيوانية وارتفاع تكاليف الأعلاف، ما زاد من معاناة المزارعين ومربي المواشي.
الأمطار تنقذ المحاصيل
زرع سلمان الماجد من بلدة سلوك التابعة لمدينة تل أبيض 130 دونمًا من القمح البعلي، لعدم قدرته على تركيب منظومة طاقة شمسية تصل تكلفتها إلى 120 مليون ليرة سورية، ما جعله يعتمد كليًا على الأمطار.
لم تكن بداية الشتاء مبشّرة لسلمان، حيث تأخر هطول الأمطار، ووصل المحصول إلى مرحلة التلف، لكن الأمطار الأخيرة التي هطلت في المنطقة أنقذت الموسم، وأعادت الأمل للمزارع.
وقال سلمان ل، إن زيادة هطول الأمطار تزيد من فرص الحصول على إنتاج جيد هذا الموسم.
أما المزارع عزيز البرهوم من قرية حروبي غربي رأس العين، فلم يجد أي مراعٍ لأغنامه، إذ يمتلك 40 رأسًا، ما اضطره إلى شراء أكثر من 10 أطنان من الشعير بقيمة 35 مليون ليرة سورية، وهو مبلغ “كبير” بالنسبة لمربي الثروة الحيوانية.
ما زاد الأمور سوءًا بالنسبة لعزيز هو انخفاض أسعار الأغنام بشكل حاد، مما تسبب في أزمة مالية كبيرة له، خاصة أن قيمة الأغنام أصبحت أقل بكثير من المتوقع.
واعتبر عزيز أن الأمطار الأخيرة التي هطلت على رأس العين كانت بمثابة إنقاذ له ولغيره من مربي الثروة الحيوانية في المنطقة، حيث أعاد الأمل في تحسن المراعي بعد الأمطار التي شهدتها المنطقة.
وذكر أنه بعد هطول الأمطار، ارتفعت أسعار الأغنام بنسبة 25% عن السابق، وهو ما يعكس تحسنًا ملحوظًا في السوق، ويعطي لمربي الثروة الحيوانية في المنطقة فرصة للتعافي.

تحسنت المراعي بعض هطول الأمطار في رأس العين – 16 شباط 2025 ()
بانتظار المطر
وفق أرقام حصلت عليها، فإن مساحة الأراضي الزراعية في رأس العين تبلغ 1.270 مليون دونم، المزروعة منها تبلغ 200 ألف دونم فقط، بينما تتجاوز مساحة الأراضي البعلية 420 ألف دونم، وباتت متصحرة نتيجة هبوط مستوى المياه، وتعتبر ذات إنتاج قليل وشبه معدوم.
وتبلغ مساحة الأراضي الزراعية في تل أبيض 1.190 مليون دونم، وتبلغ مساحة الأراضي المروية المزروعة 310 آلاف دونم، بينما تبلغ المساحة البعلية المزروعة 431 ألف دونم.
المهندس الزراعي عيسى فراس من مدينة تل أبيض، الذي يعمل في هذا المجال منذ 15 عامًا، قال ل، إن تأخر الأمطار هذا العام كان له تأثير كبير على الزراعة والثروة الحيوانية في مدينتي رأس العين وتل أبيض.
وأوضح أن غالبية السكان في المنطقة يعتمدون على الأمطار بشكل أساسي، لعدم قدرتهم على تركيب مشاريع طاقة شمسية بسبب تكلفتها المرتفعة، بالإضافة إلى انقطاع المحروقات جراء الحصار المفروض من قبل قسد.
وأضاف أن تأخر الأمطار أدى إلى نقص الرطوبة في التربة، مما أثر على قدرة المحاصيل على امتصاص المواد الضرورية للنمو، وسيسبب ذلك في تراجع الإنتاج الزراعي مستقبلًا.
كما جفّت المراعي، مما أجبر المربين على شراء الأعلاف بأسعار مرتفعة، ما زاد من التكاليف.
وذكر أن الأمطار الأخيرة كانت بمثابة إنقاذ للمنطقة، حيث زادت رطوبة التربة، مما حفز نمو المحاصيل ورفع جودة المراعي، كما تنشط العمليات البيولوجية في التربة، مما يحسن هيكلها وقدرتها على الاحتفاظ بالرطوبة ويعزز الإنتاج الزراعي والحيواني.
ووفقًا لإحصائية حصلت عليها، يعمل في مدينتي تل أبيض ورأس العين نحو 4125 عائلة في تربية المواشي، ويعتمدون عليها كمصدر دخل رئيسي.


الأمطار تنعش المحاصيل في مدينتي رأس العين وتل أبيض – 16 شباط 2025 ()
تحسن المحاصيل والمراعي
مدير الزراعة والثروة الحيوانية في المجلس المحلي لمدينة رأس العين، مجد كسار، قال في حديثه ل إن الأمطار الأخيرة كان لها دور كبير في تحسين الوضع الزراعي والحيواني في رأس العين، بعد تأثير الجفاف الكبير هذا العام.
وأوضح أن الجفاف أثر بشكل كبير على الأراضي البعلية، التي بلغ إجمالي المساحة المزروعة منها هذا العام 190 ألف دونم، بالإضافة إلى نقص المراعي الذي أثر سلبًا على المواشي، وهطول الأمطار أنعشها.
وأضاف أن الأمطار الأخيرة كانت مهمة، والأهم استمراريتها، إذ إن المحاصيل والمراعي بعد إنباتها تحتاج إلى مزيد من الأمطار لإكمال الموسم الزراعي بشكل جيد.
وأشار إلى أنه لم تُسجل أي أضرار كبيرة في المحاصيل الزراعية نتيجة الأمطار الأخيرة، مقارنة بالعام السابق الذي شهد تضرر الكمون وبعض المحاصيل الحساسة بسبب الجفاف.
وتعد الزراعة إلى جانب تربية المواشي من المهن الأساسية التي يعمل بها غالبية سكان مدينتي رأس العين وتل أبيض، وتشكّل مصدر دخل رئيسًا لهم.
وتواجه المحاصيل الزراعية في رأس العين وتل أبيض صعوبات في التصريف، وتحكم التجار، وغياب الجهات الحكومية عن شراء محاصيل استراتيجية كما حصل في موسم القمح الماضي.
وتقع رأس العين وتل أبيض بمحاذاة الحدود التركية، ويسيطر عليهما “الجيش الوطني السوري” المدعوم تركيًا، منذ عام 2019، وتحيط بهما جبهات القتال مع “قوات سوريا الديمقراطية”(قسد)، وتعتبر الحدود التركية منفذها الوحيد نحو الخارج.
اقرأ أيضًا: التصحّر يضرب مئات آلاف الدونمات في رأس العين وتل أبيض
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية
أرسل/أرسلي تصحيحًا
مرتبط
المصدر: عنب بلدي