أميركا تدعو الأفارقة للاعتماد على النفس في مواجهة التحديات

دعا قائد القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا “أفريكوم” الجنرال مايكل لانجلي شركاء بلاده في إفريقيا إلى الاستعداد لتحمل مسؤوليات أكبر في مواجهة التحديات الأمنية، مؤكداً على ضرورة “تقاسم بعض الأعباء” مع الولايات المتحدة.
وقال لانجلي في مقابلة مع وكالة “أسوشيتد برس”:”لدينا الآن أولويات واضحة تتعلق بحماية الوطن، ونحن أيضاً نبحث عن مساهمات من دول أخرى لمعالجة مناطق عدم الاستقرار العالمي”، معتبراً أن هذا التوجه “كان واضحاً في مناورات الأسد الإفريقي” في المغرب.
واختتمت مناورات “الأسد الإفريقي” في المغرب، الجمعة، بعد 4 أسابيع من التدريبات التي شاركت فيها جيوش 40 دولة، وشملت تمارين لمواجهة التهديدات الجوية والبرية والبحرية.
وأوضح لانجلي أن الأولوية الآن تكمن في “تمكين الشركاء الأفارقة من بلوغ مستوى من العمليات المستقلة”، في ظل تراجع الخطاب الأميركي التقليدي الذي كان يربط بين الأمن والدبلوماسية والتنمية.
ووفق “أسوشيتد برس”، فإن الرسالة الحالية للبنتاجون تدعو الحلفاء الأفارقة إلى الاعتماد على أنفسهم أكثر، وبناء قدراتهم الذاتية لمواجهة الجماعات المتطرفة والمتمردة.
ويأتي هذا التحول في وقت يسعى فيه الجيش الأميركي إلى “بناء قوة أكثر رشاقة وفتكاً”، بما في ذلك احتمال خفض المناصب القيادية العسكرية في أماكن مثل إفريقيا، حيث يواصل خصوم أميركا تعميق نفوذهم.
“التنمية والدفاع”
ودافع لانجلي عن المقاربة الأميركية، مشدداً على أن “القوة وحدها لا تكفي لاستقرار الدول الضعيفة، وحماية المصالح الأميركية من مخاطر تصدير العنف”.
وقال لانجلي: “لطالما قلت إن قيادة أفريكوم ليست منظمة عسكرية بحتة”، واصفاً الحوكمة الرشيدة بأنها “حل دائم لعدد من التهديدات المتشابكة، سواء كانت التصحر وتراجع المحاصيل بسبب تغير المناخ، أو الجماعات المتطرفة العنيفة”.
وهذا النهج الشامل لم يعد يحتل الموقع المركزي نفسه في خطاب الولايات المتحدة، رغم أن لانجلي اعتبر أن “الجهود المتكاملة نجحت في بعض الأماكن، مثل كوت ديفوار”، مشيراً إلى أن “التنمية والدفاع ساهموا في تقليص هجمات الجماعات المتطرفة قرب الحدود الشمالية المضطربة”.
وقال لانجلي، الذي من المقرر أن يغادر منصبه في وقت لاحق من هذا العام: “رأيت تقدماً، ولكن رأيت تراجعاً أيضاً”.
ويأتي هذا الموقف الجديد للجيش الأميركي، رغم أن العديد من الجيوش الإفريقية ما تزال تفتقر إلى التجهيزات الكافية، في وقت تتوسع فيه الجماعات المتمردة.
وقال مسؤول دفاع أميركي رفيع هذا الشهر لـ”أسوشيتد برس”: “نحن نرى إفريقيا كمركز لكل من تنظيم القاعدة وتنظيم داعش”، مشيراً إلى أن كلا التنظيمين لديهما فروع إقليمية متنامية، وتنظيم داعش نقل قيادته إلى إفريقيا”.
ورغم أن إفريقيا نادراً ما كانت أولوية قصوى لدى البنتاجون، إلا أن الولايات المتحدة أنفقت مئات الملايين من الدولارات على المساعدات الأمنية، ولديها نحو 6 آلاف و500 جندي منتشرين في القارة.
وذكر لانجلي أنه “في بعض المناطق، تواجه الولايات المتحدة منافسة مباشرة من روسيا والصين، وفي مناطق أخرى، ما تزال فروع القاعدة وتنظيم داعش تتطلب تدخلاً عسكرياً مباشراً”.
وأصبحت أجزاء من شرق وغرب إفريقيا مراكز لانتشار العنف، ففي عام 2024، سقط أكثر من نصف “ضحايا الإرهاب” في العالم بمنطقة الساحل بغرب إفريقيا، وهي منطقة صحراوية شاسعة تسيطر عليها مجالس عسكرية.
وأشار لانجلي إلى أنه “منذ تولي ترمب منصبه، صعّدت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الصومال، مستهدفة عناصر من تنظيمي داعش والشباب”، لكن ورغم الدعم الجوي، ما تزال قدرات الجيش الصومالي بعيدة على حفظ الأمن ميدانياً.
وأضاف: “الجيش الصومالي يحاول إيجاد طريقه”، مضيفاً أنهم “استعادوا بعض الزخم بعد سنوات من الانتكاسات، لكن ما يزال هناك أشياء يحتاجونها في ميدان المعركة ليكونوا فعّالين بحق”.