قال مسؤول أميركي إن المحادثات بشأن خطة السلام في أوكرانيا توصلت إلى “توافق حول عدد من القضايا الحاسمة”، وأن المفاوضين أعدوا مسودة من 3 صفحات تتناول القضايا الأساسية، معتبراً أنها تتضمن توافقاً وإجماعاً في الرأي “على نحو 90% من هذه القضايا”، وذكر أن مسودة الاتفاق تتضمن توفير “ضمانات قوية للغاية” على غرار المادة الخامسة من معاهدة حلف شمال الأطلسي “الناتو”.
وأضاف في تصريحات للصحافيين: “لا تزال هناك بعض الأمور التي تحتاج إلى نقاش، لكننا تطرقنا إلى جميع عناصر خطة النقاط العشرين، وشهدنا نقاشات إيجابية جداً حولها”. ورأى أن المحادثات “كانت إيجابية للغاية في معظم الجوانب”.
واستضافت العاصمة الألمانية برلين، اليومين الماضيين، محادثات بين وفود من الولايات المتحدة وأوكرانيا وعدد من المسؤولين الأوروبيين لمناقشة أحدث نسخة من خطة السلام الأوروبية الأوكرانية المكونة من 20 بنداً لإنهاء الحرب في أوكرانيا.
وواصل المسؤول الأميركي: “خلال الأيام العشرة الماضية، يمكنني القول إن وثائق ضمانات الأمن حققت تقدماً كبيراً. فقد كانت هناك مجموعة عمل تضم الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) والأوكرانيين، وهذه الوثيقة باتت في وضع جيد جداً”. وتابع: “أعتقد أن الفريق أنهى قبل نحو نصف ساعة فقط آخر القضايا العالقة”.
ضمانات على غرار المادة الخامسة
ولفت المسؤول الأميركي إلى أن أساس هذا الاتفاق يتمثل في “توفير ضمانات قوية للغاية على غرار المادة الخامسة مع ردع قوي جداً، بما في ذلك حجم ونوعية القدرات العسكرية”، وأوضح: “عندما تكتب ضماناً بهذه القوة، لا بد من التأكد من وجود ضوابط صارمة للغاية، بحيث تكون احتمالات تفعيل هذه الضمانات منخفضة قدر الإمكان”.
وذكر: “يجب أن تكون هناك آليات قوية جداً لفضّ النزاعات ومنع التصعيد، لمحاولة الحيلولة دون تحوّل الأحداث الصغيرة إلى أزمات كبيرة، إلى جانب مراقبة مكثفة ودقيقة”. وأضاف: “تم الآن تعريف كل ذلك بشكل واضح ومتكامل، وبطريقة أعربت جميع الأطراف عن رضاها الكبير عنها”.
ولفت المسؤول الأميركي إلى أن الأوروبيين عبروا عن تقديرهم الكبير لاستعداد الرئيس دونالد ترمب للانخراط بعمق في هذا الملف وتقديم مثل هذه الضمانات.
وشدد على أن “هذه الضمانات لن تبقى مطروحة على الطاولة إلى الأبد، فهي مطروحة الآن، في حال تم التوصل إلى خاتمة إيجابية”، منبهاً أن ترمب يركز بشدة على الوصول إلى نهاية لهذا النزاع لوقف تحرّك روسيا غرباً.
وعما إذا كانت الضمانات الشبيهة بالمادة الخامسة تشمل وجود قوات أميركية على الأرض، أجاب المسؤول الأميركي: “لا. ما يمكنني قوله هو أنه عندما نكون مستعدين للإفصاح عن التفاصيل، سنفعل ذلك. الوثيقة، أو الاتفاق، تم التوافق عليه مبدئياً على مستوى فرق العمل، لكنه لا يزال بحاجة إلى مصادقة المسؤولين الأساسيين في واشنطن. لذلك سنتحدث عن المزيد من التفاصيل في الوقت المناسب”.
وتابع: “لكن ما نأمل أن تسمعوه اليوم من جميع الأطراف هو أن هذه لم تعد نقاشات نظرية. بل هي مناقشات معمّقة للغاية جرت على مدى الأسبوعين الماضيين بين الناتو وأوكرانيا والولايات المتحدة، وقد تم التوصل إلى اتفاق شبه نهائي على الوثائق على مستوى فرق العمل. والإطار الأمني الناتج عن ذلك تشعر أوكرانيا بارتياح كبير حياله، كما تشعر أوروبا بارتياح كبير تجاهه أيضاً”.
مسألة الأراضي
وفيما يتعلق بملف الأراضي، قال المسؤول الأميركي إن نقاشاً جرى بشأن هذا الموضوع مطولاً، موضحاً: “أجرينا الكثير من جلسات العصف الذهني حول كيفية التعامل مع القضايا الإقليمية المختلفة”.
وأضاف: “ناقشنا فكرة إنشاء منطقة اقتصادية حرة، وخصصنا وقتاً طويلاً لمحاولة تحديد ما يعنيه ذلك، وكيف يمكن أن تعمل هذه المنطقة عملياً. وفي نهاية المطاف، إذا أمكن تحديد هذه الأمور بوضوح، فسيعود القرار حينها إلى الأطراف المعنية لحسم القضايا النهائية المتعلقة بالسيادة، ومعرفة ما إذا كان بالإمكان التوصل إلى اتفاق فيما بينهم”.
وتابع المسؤول الأميركي: “انظروا، نحن نناقش مسألة الأراضي منذ البداية. لكن النقاشات أصبحت أعمق وأكثر شمولاً وأكثر جدية مع مرور الوقت، إذ تقود كل جولة من النقاش إلى أخرى أوسع، ومع ما يشبه تقشير طبقات البصلة بدأنا نقيّم بشكل أدق كيفية التعامل مع القضايا الأوكرانية (…) وكذلك الجانب الروسي”.
وأضاف: “كان علينا أن نقارن بين الجانبين كلما حصلنا على مزيد من المعلومات. كما أن لدى الأوروبيين بدورهم آراء بشأن مسألة الأراضي. وأعتقد أنكم ستلاحظون، وستسمعون، أننا اقتربنا بشكل كبير من تضييق هوّة الخلافات بين الأوكرانيين والروس. هذا أمر واضح ومعترف به”.
وواصل المسؤول الأميركي حديثه: “نعتقد أن لدينا عدة حلول مختلفة يمكن أن تساهم في ردم الفجوة بين الطرفين، وقد عرضنا هذه المقترحات عليهم. وقد شكلنا اليوم مجموعة عمل متخصصة حول هذا الموضوع تحديداً، وخلال نحو ساعة واحدة فقط، توصلنا إلى مسودة من ثلاث صفحات تناولت القضايا الأساسية. وبعد مراجعتها، تبيّن لنا أن هناك توافقاً وإجماعاً في الرأي على نحو 90% من هذه القضايا”.
وتابع المسؤول الأميركي: “أكبر مكسب حتى الآن لأوكرانيا ولأوروبا في أي خلاصة محتملة هو وجود حزمة أمنية قوية للغاية، تشمل ضمانات أمنية شبيهة بالمادة الخامسة. ونحن نعتقد أن الروس، في إطار اتفاق نهائي، سيقبلون بهذه العناصر، ما سيسمح بقيام أوكرانيا قوية وحرة”.
انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي
وأوضح أن روسيا أشارت إلى استعدادها في سياق اتفاق نهائي لقبول انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، ورأى أن ذلك سيكون “أكبر توسع للمنطقة الاقتصادية الأوروبية الحرة منذ سقوط جدار برلين”.
وعبّر المسؤول الأميركي عن اعتقاده في أن “حزمة إعادة الإعمار يمكن أن تكون واعدة جداً”
ولفت إلى أن ترمب يركز في هذا الاتفاق على أمرين أساسيين، الأول ضمان وجود ترتيبات أمنية قوية للغاية تضع حداً حقيقياً للحرب وتمنع تكرارها، والثاني “كيفية معالجة جميع القضايا الاقتصادية الخاصة بأوكرانيا، بما يضمن لها مستقبلاً مشرقاً ومزدهراً، وفي الوقت نفسه إعادة دمج روسيا في الاقتصاد العالمي، بحيث يكون لديها حافز لعدم العودة إلى الحرب مستقبلاً، والتركيز بدلاً من ذلك على الاقتصاد والانخراط في العالم”.
وتابع المسؤول الأميركي: “لقد أثبت التاريخ أنه لا وجود لحلفاء دائمين أو أعداء دائمين. وربما، إذا تمكنا من إنشاء الإطار المناسب في هذا الاتفاق، يمكن فتح مسار جديد يتيح لأوروبا وروسيا التوصل إلى ترتيب وتفاهم يقودان إلى مستقبل أكثر سلماً وازدهاراً للجميع”.
اتصال مرتقب من ترمب
ولفت إلى أن الرئيس الأميركي سيجري اتصالاً هاتفياً مع نظيره الأوكراني والقادة الأوروبيين خلال اجتماعهم، مساء الاثنين، في برلين.
وأوضح المسؤول الأميركي: “سنبدأ عشاءً مع القادة، وسيشمل ذلك الرئيس زيلينسكي أيضاً. وسيقضي العديد من كبار المسؤولين وقتاً في مناقشة كل قضية من القضايا التي استعرضناها، كما سنبحث الخطوات التالية”.
وتابع: “أعتقد أن الرئيس ترمب، سيتدخل هاتفياً لمخاطبة القادة، وهو أمر رائع بالفعل، ويعكس مدى الاهتمام الكبير الذي يوليه لهذا النزاع تحديداً”.
ولفت إلى أنه سيتم إجراء جولة جديدة من المحادثات، خلال عطلة نهاية الأسبوع، ورجح انعقادها في مكان ما داخل الولايات المتحدة، ربما ميامي، وأوضح: ستجتمع مجموعات العمل، بما في ذلك خبراء عسكريون يدرسون الخرائط. ونعتقد أننا قد نتمكن من حل نحو 90%، نعم، حرفياً 90% من القضايا بين أوكرانيا وروسيا، لكن لا تزال هناك بعض الأمور التي تحتاج إلى مزيد من العمل”.
