أطلقت شركة أوبر تجربة جديدة تهدف إلى تحويل تطبيقها إلى مساحة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، من خلال تمكين سائقيها ومندوبي التوصيل في الولايات المتحدة من تنفيذ مهام رقمية صغيرة مقابل عوائد مالية إضافية، في خطوة تسعى الشركة من خلالها إلى توسيع مفهوم “العمل المرن” وتعزيز موقعها في سوق الذكاء الاصطناعي المتنامي.
وقالت الشركة إن التجربة الجديدة ستتيح للعاملين لديها أداء ما يُعرف بـ”المهام المصغّرة” (Microtasks)، وتشمل تسجيل مقاطع صوتية، والتقاط صور ورفعها عبر التطبيق، أو تحميل مستندات بلغات محددة.
وتتنوع هذه المهام حسب متطلبات النظام، فبعضها يتضمن مثلًا رفع صور لسيارات، أو تسجيل صوت المتحدث بلغته الأم أو لهجته المحلية، بينما يمكن أداء مهام أخرى، مثل رفع قائمة طعام مكتوبة بالإسبانية، أن تمنح المنفّذ مكافأة مالية تصل إلى دولار واحد.
منافسة قوية
تضع هذه الخطوة أوبر في مواجهة مباشرة مع شركات متخصصة في تدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي، مثل Scale AI وأمازون، التي تعتمد على أعداد ضخمة من العاملين لتدريب النماذج الذكية عبر عمليات جمع وتصنيف البيانات.
وتُعتبر هذه المهام جزءًا أساسيًا في تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي، إذ تحتاج هذه الأنظمة إلى بيانات بشرية دقيقة ومتنوعة ليتمكن الذكاء الاصطناعي من فهم الأنماط اللغوية والبصرية بشكل فعّال.
وغالبًا ما تعتمد هذه الشركات على عمالة منخفضة التكلفة في دول خارج الولايات المتحدة لتنفيذ هذه المهام، وهو ما يجعل خطوة أوبر لتوظيف سائقيها داخل الولايات المتحدة في هذا المجال لافتة من حيث طبيعة القوى العاملة المستهدفة والمستوى المحتمل للأجور.
ووصفت أوبر هذه المبادرة بأنها جزء من رؤيتها لبناء “منصة العمل الأكثر مرونة على الإطلاق”، في إطار سعيها لتوفير مصادر دخل إضافية لسائقيها الذين يعتمد الكثير منهم على التطبيق كمصدر رزق أساسي.
توسيع مفهوم “العمل المرن”
وقال الرئيس التنفيذي لأوبر دارا خسروشاهي، خلال فعالية نظمتها الشركة في العاصمة الأميركية واشنطن، إن الهدف من هذه الخطوة هو “تطوير أفضل منصة للعمل المرن”، مشيرًا إلى أن المهام الرقمية الجديدة ليست سوى جزء من مجموعة مزايا أوسع تهدف إلى تحسين تجربة السائقين وجعلها أكثر إنصافًا وذكاءً.
وأضاف خسروشاهي أن الشركة تعمل على تطوير التطبيق ليصبح أكثر تكاملًا من خلال أدوات تساعد السائقين في زيادة أرباحهم وإدارة وقتهم بفعالية، مشيرًا إلى أن أوبر تسعى لتكون شريكًا اقتصاديًا يعتمد عليه العاملون المستقلون في مختلف المجالات.
مزايا جديدة
وفي إطار التحديثات الجديدة، أعلنت أوبر عن إعادة تصميم بطاقات العروض (Offer Cards) التي تظهر للسائقين قبل قبول أو رفض الرحلات.
وسيحصل السائقون بموجب النظام الجديد على وقت أطول ومعلومات أوضح قبل اتخاذ قرار قبول الرحلة، في خطوة تهدف إلى تقليل التوتر وتحسين جودة الاختيارات.
كما أطلقت الشركة نسخة محدثة من الخريطة الحرارية (Heatmap)، تُظهر مناطق الطلب المرتفع بشكل أكثر دقة ووضوحًا.
وتعرض الخريطة مناطق الانتظار القصيرة باللون الأحمر، تليها البرتقالية ثم الصفراء، في حين تُظهر المناطق الأرجوانية أماكن تطبيق التسعير المرتفع (Surge Pricing)، بالإضافة إلى الوقت المتوسط الذي ينتظره السائقون للحصول على رحلة في تلك المنطقة.
وسيكون بإمكان السائقين الذين يتوجهون من منازلهم إلى مناطق ذات طلب مرتفع، مثل المراكز الحضرية، اختيار المسار الأسرع للوصول أو المسار الذي يحقق أكبر عائد مالي أثناء الطريق.
توسيع ميزات الأمان
وتتضمن التحديثات كذلك توسيع نطاق ميزة “تفضيلات السائقات” (Women Rider Preferences)، التي تتيح للنساء السائقات تحديد خيار استقبال طلبات فقط من راكبات إناث، إلى مدن أمريكية جديدة من بينها بالتيمور، ومينيابوليس، وفيلادلفيا، وسياتل، وبورتلاند، وواشنطن العاصمة.
ووفقًا لأوبر، فقد تم تفعيل هذه الميزة خلال أكثر من 100 مليون رحلة منذ إطلاقها في الولايات المتحدة، حيث تفيد الشركة بأن ربع السائقات يستخدمنها أسبوعيًا، بينما تُبقي أكثر من نصفهن الميزة مفعّلة خلال أكثر من 90% من رحلاتهن.
كما أطلقت أوبر أدوات جديدة تمنح السائقين القدرة على تحديد الحد الأدنى لتقييم الركاب الذين يقبلون رحلاتهم، مع إمكانية تفعيل أو إيقاف الميزة وفقًا للظروف، مثل تشغيلها أثناء الليل وتعطيلها خلال النهار.
وتؤكد الشركة أن هذه الخطوات، إلى جانب تعزيز عمليات التحقق من هوية المستخدمين، تسهم في تعزيز شعور السائقين بالأمان والثقة أثناء أداء عملهم.
سياسات أكثر عدالة
وفي استجابة لشكاوى متكررة من السائقين بشأن إيقاف الحسابات بشكل تلقائي أو تعسفي، أعلنت أوبر عن تحديثات تهدف إلى جعل هذه العملية أكثر إنصافًا وشفافية.
وقالت الشركة إنها ستتيح للسائقين فرصة لعرض وجهة نظرهم قبل اتخاذ قرار نهائي بشأن أي شكوى ترد من الركاب، مع الإبقاء على إمكانية الإيقاف الكامل في حال ارتكاب مخالفات خطيرة أو متعلقة بالسلامة.
وفي الحالات الأقل خطورة، مثل المخالفات المتعلقة بتوصيل المشروبات الكحولية، قالت الشركة إنها ستعمل على تقييد نوع محدد من الطلبات فقط بدلًا من تعطيل الحساب بشكل كامل، للسماح للسائق بالاستمرار في أداء مهام أخرى مثل الرحلات العادية أو توصيل الطعام.
وأضافت أوبر أن الركاب الذين يقدّمون بلاغات كاذبة بحق السائقين سيواجهون خطر إيقاف حساباتهم أيضًا، ضمن سياسة جديدة تهدف إلى “تحقيق التوازن بين الطرفين” وحماية السائقين من البلاغات غير الدقيقة.
ميزات تحفيزية
ضمن سلسلة التحسينات، أعلنت أوبر عن ميزة “ضمان الرحلات المتأخرة” (Delayed Ride Guarantee)، التي تتيح للسائقين الحصول على تعويض مالي إضافي في حال تأخر الرحلة بسبب الراكب أو بسبب ظروف خارجة عن إرادتهم مثل الازدحام المروري أو التحويلات المفاجئة في الطرق.
كما تعمل الشركة على تعزيز ثقافة الإكراميات (Tips) عبر توسيع التذكيرات الخاصة بها لتظهر ضمن ميزة الأنشطة الحية (Live Activities) على أجهزة iPhone، بحيث يتلقى الركاب تذكيرات إضافية لتقديم الإكراميات بعد انتهاء الرحلة أو عملية التوصيل.