أوروبا “المنقسمة” تتنفس الصعداء لتجنب رسوم ترمب الجمركية
تنفس قادة أوروبا الصعداء بعد أن وجه الرئيس الأميركي دونالد ترمب سهام انتقاداته إلى جهات أخرى خلال خطاب تنصيبه، وتطرق إلى أسعار الطاقة، والتضخم، وتوقيع الأوامر التنفيذية، وفق ما أوردته صحيفة “فاينانشيال تايمز”.
وتعهد ترمب بفرض رسوم جمركية وضرائب على الدول الأجنبية لإثراء المواطنين الأميركيين، لكنه أعلن انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق “باريس” المناخي، وهو إحدى الركائز الأساسية لسياسة الاتحاد الأوروبي، فيما لم يوضح تفاصيل الإجراءات التي يعتزم اتخاذها.
وفضل قادة أوروبا التغاضي عن أي خلافات محتملة مع واشنطن، إذ أرسل العديد منهم تهانيهم إلى زعيم دولة لطالما كانت حيوية لأمن أوروبا وازدهارها على مدى العوام الـ80 الماضية، وفق الصحيفة.
وتسببت رئاسة ترمب في انقسام بين السياسيين الأوروبيين، إذ استلهمت بعض الجماعات اليمينية سياساته الداخلية، بما في ذلك تعهده بالتصدي للهجرة غير الشرعية، كنموذج يُحتذى به في أوروبا.
تهاني أوروبية وتطلعات للتعاون
وكانت رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني، الزعيمة الوحيدة من دول الاتحاد الأوروبي التي دُعيت لحضور حفل التنصيب، بينما لم يعقد كبار المسؤولين الأوروبيين، مثل فون دير لاين، أي اجتماعات بعد مع الرئيس الجديد.
وتسعى ميلوني إلى ترسيخ دورها كوسيط بين ترمب والاتحاد الأوروبي، إذ كتبت على “إكس”: “إيطاليا ستظل ملتزمة بتعزيز الحوار بين الولايات المتحدة وأوروبا، كركيزة أساسية لاستقرار ونمو مجتمعاتنا”.
كما حضر عدد من قادة الأحزاب اليمينية المتطرفة من بلجيكا، وألمانيا، وإسبانيا، وفرنسا حفل التنصيب، إذ يأمل هؤلاء أن يعمل ترمب على إضعاف الاتحاد الأوروبي، ما يمنح العواصم الأوروبية سيطرة أكبر، وبالتالي إلغاء السياسات المتعلقة بخفض الانبعاثات الكربونية وتنظيم الخطاب عبر الإنترنت.
وهنأت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، ورئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ترمب برسالة متطابقة نُشرت على منصة “إكس” وكتبا: “الاتحاد الأوروبي يتطلع إلى العمل عن كثب معكم، لمواجهة التحديات العالمية”.
وقال رئيس الوزراء المجري اليميني المتطرف، فيكتور أوربان، إن عودة ترمب “ستعزز الانتعاش القومي اليميني عبر الاتحاد الأوروبي”، مضيفاً: “أعلن انطلاق المرحلة الثانية من الهجوم الذي يهدف إلى احتلال بروكسل”.
ومن بين السياسيين الذين سعوا إلى إبرام تحالف مع الرئيس الأميركي الجديد، الرئيس البولندي أندجي دودا، الذي قال قبل مغادرته لحضور المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس: “لا شك لدي في علاقتي الجيدة مع الرئيس دونالد ترمب، ولا أحتاج إلى أن أقف وسط الحشود في واشنطن لإظهار هذه العلاقات الجيدة”.
تحذير ترمب
وفي الوقت نفسه، ذكّر مفوض الاقتصاد في الاتحاد الأوروبي، فالديس دومبروفسكيس، الرئيس الأميركي الجديد بأن “الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لديهما أكبر علاقة تجارية واستثمارية في العالم.. هناك الكثير على المحك هنا اقتصادياً”، محذراً من استعداد التكتل للرد بالمثل، حال فُرضت عليه رسوماً جمركية، كما حدث خلال فترة ترمب الرئاسية السابقة، قائلاً: “إذا دعت الحاجة للدفاع عن المصالح الاقتصادية لأوروبا، فنحن جاهزون لذلك”.
وكان ترمب، طالب أوروبا بدفع المزيد لتأمين دفاعها، واقترح رفع مساهمات دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي، إذ لا تزال عدة دول أعضاء في الحلف أقل من الهدف الحالي البالغ 2%، فيما تعهد الأمين العام للحلف، مارك روته، الاثنين، بأن التحالف سيزيد الإنفاق العسكري خلال ولاية ترمب.
ومع ذلك، لا يزال الاتحاد الأوروبي منقسماً بشأن كيفية تمويل هذه الزيادة، إذ أظهر استطلاع أجرته غرفة التجارة الأميركية في الاتحاد الأوروبي (AmCham EU)، التي تمثل الشركات الأميركية العاملة في أوروبا، أن 9 من كل 10 شركات تتوقع تدهور العلاقات التجارية والاستثمارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، فيما أفادت ثلث هذه الشركات بأن السياسات الأميركية ستؤثر سلباً على عملياتها داخل الاتحاد الأوروبي.