سارعت الحكومات الأوروبية إلى إبداء دعمها للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وسط مساع للتوصل إلى اتفاق بشأن استخدام الأصول الروسية المجمّدة، بعد أن تعرض زيلينسكي لضغوط من الرئيس الأميركي دونالد ترمب للقبول بمطالب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإنهاء الحرب.
وقالت منسقة شؤون السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، الاثنين: “نحن نرى جهود الرئيس ترمب لإحلال السلام في أوكرانيا، وكل هذه الجهود مرحّب بها، لكننا نرى أن روسيا لا تريد السلام”، مضيفةً: “نناقش ما يمكننا فعله أكثر من ذلك”.
تصريحات كالاس جاءت عقب تقرير لصحيفة “فاينانشال تايمز” حول الاجتماع المتوتر الذي جمع ترمب وزيلينسكي في البيت الأبيض، الجمعة، والذي حاول خلاله الرئيس الأوكراني عرض حجج مضادة لمطالب بوتين القصوى، التي تشمل تقديم تنازلات إقليمية.
ووفقاً للصحيفة، حذر ترمب زيلينسكي من أن بوتين هدّد بـ”تدمير” أوكرانيا إذا لم تمتثل لمطالبه، وأصرّ على أن اتفاق سلام بات قريباً عندما يلتقي الرئيسان الأميركي والروسي في بودابست خلال الأسابيع المقبلة.
وقالت مصادر مطلعة إن اللقاء بين الرئيسين الأميركي والأوكراني في البيت الأبيض، الجمعة، تحوّل عدة مرات إلى “مشادة كلامية حادة”، مشيرةً إلى أن ترمب “أطلق عدة شتائم”.
استخدام الأصول الروسية المجمّدة
ومن المقرر أن يعقد القادة الأوروبيون قمة، الخميس، في بروكسل، قد يشارك فيها زيلينسكي، بهدف الاتفاق على استخدام الأصول الروسية المجمّدة لتقديم قرض بقيمة 140 مليار يورو لأوكرانيا، اقترح المستشار الألماني فريدريش ميرتس تخصيصه بالكامل لتسليح كييف.
وخلال اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورج، الاثنين، عبّر الوزراء عن دعمهم لأوكرانيا، مؤكدين ضرورة التوصل إلى اتفاق بشأن استخدام الأصول الروسية المجمّدة وفرض حزمة جديدة من العقوبات على موسكو.
وقال وزير الخارجية الهولندي ديفيد فان فيل: “يجب على الاتحاد الأوروبي أن يضع أوكرانيا في موقع قوي على طاولة المفاوضات، من خلال تقديم المساعدات العسكرية، والنظر في كيفية استخدام الأصول المالية لتخفيف الأعباء عنها، حتى تمتلك أفضل الأوراق”.
ويثق مسؤولو الاتحاد الأوروبي في أن قمة الخميس ستمنح الضوء الأخضر للمفوضية الأوروبية لتقديم مقترح يقضي بإقراض المبلغ على دفعات تُستخدم في شراء الأسلحة.
وسيغيب رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، المعروف بمواقفه الموالية لروسيا، عن الجزء الأول من القمة بسبب مشاركته في عطلة وطنية، ما يتيح للقادة الـ26 الآخرين التوصل إلى اتفاق محتمل في غيابه.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو إن التمويل المقترح “سيمنح أوكرانيا الوسائل اللازمة للدفاع عن نفسها لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات”.
كييف: موقف أوروبي موحد
وصرّح زيلينسكي، في تصريحات نُشرت، الاثنين، بأنه تلقى تأكيدات من نظرائه الأوروبيين على دعمهم الكامل، قائلاً: “سنجتمع هذا الأسبوع. سيكون للأوروبيين موقف موحد مع أوكرانيا، وهذا أمر في غاية الأهمية”.
لكن بلجيكا، التي تحتفظ بمعظم الأصول الروسية المجمّدة عبر شركة الإيداع المركزي “يوروكلير”، أكدت أنها لن توافق على استخدامها ما لم تحصل على ضمانات بأن الدول الأعضاء الأخرى ستتحمل المسؤولية المالية في حال نجحت موسكو في طعونها القانونية.
الكرملين: استيلاء غير قانوني
وكان الكرملين قد ندّد بشدة هذا الشهر بفكرة استخدام الأصول الروسية المجمّدة لدعم أوكرانيا، واصفاً ذلك بأنه “استيلاء غير قانوني على الممتلكات الروسية، أو ببساطة سرقة”، مهدداً باللجوء إلى القضاء.
ولا تزال حكومات الاتحاد الأوروبي منقسمة بشأن حزمة العقوبات المقبلة على موسكو، التي تتضمن حظراً على استيراد الغاز الطبيعي الروسي المسال اعتباراً من يناير المقبل، إذ تعارض سلوفاكيا الإجراء إلى أن تحصل على مزيد من التنازلات.
واتفقت جميع الدول الأعضاء، باستثناء سلوفاكيا والمجر، الاثنين، على خطة للانسحاب الكامل من الغاز الروسي بحلول عام 2028.
وقال مفوض الطاقة في الاتحاد الأوروبي دان يورجنسن إن الحظر المرتقب سيسمح للاتحاد “بكسب استقلاله في مجال الطاقة” و”دعم أوكرانيا في الوقت نفسه”.
أما رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيتسو، فقال إن بلاده لن ترفع الفيتو عن الحزمة ما لم تتعهد المفوضية الأوروبية باتخاذ إجراءات لتقليص تكاليف الطاقة ودعم صناعة السيارات المتعثرة في الاتحاد.
وفي محاولة لتهدئة سلوفاكيا، عرضت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين مراجعة الحظر المفروض على بيع السيارات الجديدة ذات محركات الاحتراق الداخلي والمقرر لعام 2035، قبل نهاية العام الحالي، والمساعدة في معالجة ارتفاع تكاليف الطاقة. غير أن دبلوماسيين قالوا إن سلوفاكيا لم تُبد أي تراجع حتى الآن.
وسيعقد القادة الغربيون في ما يعرف بـ”تحالف الراغبين” اتصالاً عبر الفيديو مع زيلينسكي، الجمعة، لمناقشة المزيد من الدعم العسكري.
وبعد أن رفض ترمب الأسبوع الماضي تزويد أوكرانيا بصواريخ “توماهوك” بعيدة المدى، قال زيلينسكي إنه يأمل أن ينهض الحلفاء الأوروبيون بالدور، مؤكداً أن “مثل هذه الأسلحة ليست حكراً على الولايات المتحدة”.
وأضاف: “إذا خطت الولايات المتحدة خطوة إلى الأمام، فإن الروس سيدركون أن بإمكاني الحصول على صواريخ توماهوك وغيرها من الأسلحة الضرورية من أوروبا أيضاً”.