ظهرت معلومات جديدة حول الصحفي الأمريكي المفقود في سوريا، أوستن تايس، الذي اعتقل عند حاجز تابع للنظام خارج دمشق، في 13 من آب 2012، تفيد بأنه كان محتجزًا  في مجمع بالقرب من القصر الرئاسي، الذي كان يقطنه بشار الأسد، كما تكشف المعلومات كيف تم اعتقاله ومن المسؤول الأول عن اعتقاله.

مجلة “ذا إيكونوميست” البريطانية، نقلت عن اللواء في أجهزة أمن النظام السابق، صفوان بهلول، اليوم الخميس 12 من حزيران،  أن تايس لم يكن محتجزًا لدى فصائل المعارضة، بل لدى الدولة السورية، بعلم الأسد الكامل، وأنه احتُجز لبعض الوقت في مجمع يضم أقرب مساعدي الأسد.

ونقلت المجلة عن بهلول، أن مؤسس ميلشيا “الدفاع الوطني”، بسام حسن، وهو مستشار غامض في الدائرة المقربة من الأسد، علم أن تايس موجود في دمشق، فبدأ بخطة للقبض عليه، بينما كان تايس يستعد لأخذ استراحة في لبنان بعد فترة شاقة قضاها في تغطية الأحداث في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا، حيث بحث تايس عن وسيط لمحاولة عبور الحدود من سوريا إلى لبنان، وفيما بعد اتضح أن الوسيط كان يعمل لصالح بسام حسن، كما نقلت “الإيكونوميست” عن اللواء السابق.

وبعد اعتقاله، احتُجز تايس في مرآب داخل مجمع بسام حسن، ليس بعيدًا عن القصر الرئاسي، كما قال اللواء، وكان بشار الأسد على علم باعتقال أوستن تايس، وسعيدًا به.

ويقع الموقع، بحسب المجلة خارج نظام السجون الرسمي للنظام، وغير مُسجل رسميًا، وتحت السيطرة المباشرة للموالين للأسد.

وكان اللواء صفوان بهلول قد أُمر باستجواب أوستن تايس، وقال إن تايس كان لديه  “جهاز اتصال عبر الأقمار الصناعية… هاتف آيفون وهاتف صغير آخر، وبدأ بهلول بتصفح دليل هاتف الصحفي الأمريكي، محاولًا معرفة هويته”.

أكد اللواء بهلول أن تايس تمكن من الفرار من زنزانته لمدة 24 ساعة، ما يتقاطع مع معلومات سابقة أوردتها وكالة “رويترز”.

ويُشتبه في أن بهلول نفسه ساعد تايس في محاولة الفرار (وهو أمر ينفيه)، على الرغم من تبرئته لاحقًا.

ووصف بهلول عملية هروب أوستن تايس من السجن قائلًا، إنه “فرك جسده بالصابون لترطيب صدره عند عبوره النافذة، واستخدم المنشفة… كان هناك زجاج مكسور، مُثبّت بالأسمنت على قمة سياج. فوضع المنشفة عليه، ثم تسلّقه وألقى بنفسه إلى الجانب الآخر”، لكن جرى إعادة القبض على تايس بعد 24 ساعة.

وظهر تايس لآخر مرة معصوب العينين ومحاطًا برجال ملثمين يهتفون “الله أكبر”، ونُشر على منصة “يوتيوب” في أيلول 2012، وقال اللواء بهلول إن مؤسس ميليشيا “الدفاع الوطني” بسام حسن هو من دبّر التسجيل المصور، وجرى تصويره في ريف دمشق الشمالي.

وبحسب “الإيكونوميست”، تبقى أحد الاحتمالات هو أن أوستن تايس لا يزال على قيد الحياة في سوريا، ربما مختبئًا في مكان ما في الأراضي الزراعية النائية في قلب الساحل السوري، والتي لا تزال أجزاء منه خارج سيطرة قوات الأمن التابعة للحكومة السورية

وهناك احتمال آخر هو أنه نُقل سرًا من سوريا إلى إيران، أو إلى مناطق يسيطر عليها “حزب الله” في لبنان، أو ربما تُرك في سجن سري، أو قُتل في خضم فوضى الثورة.

وترى المجلة، أن الإجابة قد تكون لدى بسام حسن مستشار الأسد الغامض ومؤسس “الدفاع الوطني”.

في 2 من حزيران الحالي، كشفت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) عن وثائق أثبتت، أن تايس احتُجز داخل منشأة أمنية في منطقة الطاحونة بدمشق، وتشير إحدى الوثائق المصنفة بـ”سري للغاية” إلى أن الصحفي الأمريكي كان محتجزًا لدى ميليشيا “قوات الدفاع الوطني” المُوالية للنظام، قبل أن يخضع للاستجواب من قِبل جهاز الاستخبارات العامة.

ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية عن ضابط سابق في الاستخبارات السورية تأكيده أن تايس ظل محتجزًا في دمشق حتى شباط 2013 على الأقل، مضيفًا أن “النظام كان يدرك قيمة تايس، على اعتباره ورقة ضغط محتملة في مفاوضات مستقبلية مع الولايات المتحدة”.

وتشير المعلومات إلى أن تايس تلقى علاجًا طبيًا مرتين، خلال فترة احتجازه، بسبب معاناته من مشاكل صحية، كما نُقل عن شاهد زار مكان احتجازه أنه كان يبدو حزينًا، وكأن البهجة اختفت من وجهه، على الرغم من تلقيه معاملة أفضل من السجناء السوريين الآخرين

من هو تايس

أوستن تايس هو من أبرز المواطنين الأمريكيين المختطفين في سوريا، وهو جندي سابق في البحرية الأمريكية ومصور صحفي، من مواليد 1981، اختار السفر إلى سوريا لنقل الأخبار إلى وسائل الإعلام الأمريكية، التي كان منها محطة “CBS”، و”واشنطن بوست”، وشركة “ماكلاتشي”، بحسب مكتب التحقيقات الفدرالي.

اعتقل عند حاجز خارج دمشق في 13 من آب 2012، وبحسب معلومات،  التقى تايس قبل اختفائه مع مجموعة من الناشطين المدنيين وعناصر من “الجيش الحر”، في مدينة داريا، غربي دمشق، وأجرى معهم لقاءً حصريًا، وجهز تقريره، ثم أوصله العناصر إلى خارج المدينة، وانقطعت أخباره عقب ذلك.

ونفت حكومة النظام السوري أي علاقة لها باختطافه، إذ قال فيصل المقداد، نائب وزير الخارجية السوري (حينها)، عام 2016، إن “تايس ليس موجودًا لدى السلطات السورية، ولا توجد أدنى معلومات تتعلق به”.

تعهد سوري وطلب أمريكي

في 25 من أيار الماضي، تعهدت الحكومة السورية بمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية في البحث عن أمريكيين مفقودين في سوريا، وفقًا لما نشره المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توماس باراك، عبر منصة “إكس“.

وقال باراك، إن الحكومة السورية وافقت على مساعدة واشنطن في تحديد أماكن المواطنين الأمريكيين أو رفاتهم، لإعادتهم إلى بلادهم.

وأضاف المبعوث أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، اعتبر أن إعادة المواطنين الأمريكيين، أو تكريم رفاتهم، “أولوية قصوى” في كل مكان، وأن “الحكومة السورية ستساعدنا في هذا الالتزام”، حسب قوله.

وقبل لقاء الشرع بترامب، في 13 من أيار الماضي، كانت الشروط الأمريكية لتحقيق انفتاح مع دمشق في فلك أربعة مطالب، هي تدمير أي مخازن متبقية من الأسلحة الكيماوية، والتعاون في مكافحة الإرهاب، وإبعاد المقاتلين الأجانب من مناصب حكومية عليا، وتعيين ضابط اتصال للمساعدة في الجهود الأمريكية للعثور على الصحفي الأمريكي المفقود في سوريا أوستن تايس.

المصدر: عنب بلدي

شاركها.