تتعرض أوكرانيا لضغوط شديدة لقبول خطة سلام شاملة أعدتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالتنسيق مع موسكو لإنهاء الحرب الروسية على كييف، وفقاً لما نقلته صحيفة “فاينانشال تايمز” عن مسؤولين أوكرانيين. 

وقارن المسؤولون، وشخص مطلع على الموضوع، النهج الأميركي الحالي بالضغط المكثف الذي مارسته الولايات المتحدة، في وقت سابق من هذا العام، على الرئيس فولوديمير زيلينسكي لقبول “صفقة مرهقة” بشأن حقوق استغلال المعادن، وفق الصحيفة.

وتتضمن خطة السلام المكونة من 28 بنداً، والتي أيدها الرئيس دونالد ترمب، يوم الخميس، وتم تطويرها بالتعاون بين مفاوضين أميركيين وروس، تنازلات كبيرة من كييف قد تتجاوز خطوطها الحمراء التقليدية.

وذكر المسؤولون الأوكرانيون، وفق الصحيفة، أن إدارة ترمب أبلغت زيلينسكي وفريقه أن البيت الأبيض يعمل وفق جدول زمني “صارم” لوضع اللمسات الأخيرة على المقترح بهدف إنهاء الحرب قبل نهاية العام.

وأضافوا أن المسؤولين الأميركيين يتوقعون أن يوقع زيلينسكي على الاتفاقية “قبل عيد الشكر” الأسبوع المقبل، مع هدف تقديم صفقة السلام في موسكو لاحقاً في الشهر الجاري والانتهاء من العملية بحلول أوائل ديسمبر. 

ورغم ذلك، يبدو من غير المرجح تحقيق هذا الجدول الزمني، إذ أكدت مصادر في مكتب زيلينسكي وجود عدة نقاط تُعتبر خطوطاً حمراء واضحة بالنسبة لكييف، وأضافوا أنهم يعملون على تقديم مقترحات مضادة للطرف الأميركي، ومن المرجح أيضاً أن يدفع المجتمع المدني الأوكراني ضد أي صفقة تُنظر إليها على أنها استسلام أو أكثر ميلاً لموسكو.

ووصف أحد كبار المسؤولين الأوكرانيين الأمر بأنه نسخة أخرى من “صفقة المعادن”، في إشارة إلى الاتفاق المثير للجدل بين كييف وواشنطن الذي تم التفاوض بشأنه على مدار عدة أشهر في وقت سابق من هذا العام ومنح الولايات المتحدة حقوقاً على المعادن الحيوية في أوكرانيا، وكان يُنظر إلى تلك الصفقة على أنها ضرورية لجذب إدارة ترمب إلى جانب أوكرانيا وتأمين دعمها في مواجهة روسيا.

خطة أميركية لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية

وأعلنت الرئاسة الأوكرانية، يوم الخميس، أن الولايات المتحدة سلمت أوكرانيا رسمياً خطة السلام، ووفقاً لأشخاص مطلعين على المقترح، فإن الخطة تتطلب من أوكرانيا التنازل عن أراضٍ تحت سيطرتها في منطقة دونباس الشرقية، وتقليص حجم قواتها المسلحة إلى النصف، والتخلي عن فئات أساسية من الأسلحة.

وقال مكتب زيلينسكي: “تلقى الرئيس الأوكراني رسمياً من الجانب الأميركي مسودة خطة يُعتقد من قبلهم أنها قد تساعد في إعادة تنشيط الدبلوماسية”.

وأضاف المكتب أن كييف “وافقت على العمل على بنود الخطة بطريقة تضمن إنهاء الحرب بعدالة”، ويتوقع زيلينسكي التحدث مع ترمب خلال الأيام المقبلة حول “الفرص الدبلوماسية القائمة والنقاط الرئيسية اللازمة لتحقيق السلام”.  

وقالت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، إن المبعوث الخاص لترمب ستيف ويتكوف ووزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو “كانا يعملان بهدوء على خطة السلام خلال الشهر الماضي”، وأضافت: “الرئيس يؤيد هذه الخطة، إنها خطة جيدة لكل من روسيا وأوكرانيا، ونعتقد أنها يجب أن تكون مقبولة للطرفين، ونحن نعمل بجد لإنجازها”.  

ورد الاتحاد الأوروبي على الخطة بالقول إنه يجب أن تكون أوروبا وأوكرانيا منخرطتان في المفاوضات، وقالت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي: “لم نسمع عن أي تنازلات من الجانب الروسي”.

وتأتي المبادرة الأميركية في وقت ضعف فيه موقف زيلينسكي السياسي؛ بسبب فضيحة فساد متصاعدة أفضت إلى استقالة وزيرين. 

وقالت وكالة “أسوشيتد برس” في تقرير نُشر، الخميس، إن زيلينسكي أقال الأسبوع الماضي مسؤولين رفيعين، وفرض عقوبات على مقربين منه، بعدما كشف محققون حكوميون عن اختلاس نحو 100 مليون دولار من قطاع الطاقة من خلال رشاوى دفعها متعاقدون.

التقى زيلينسكي، الخميس، بوفد عسكري أميركي برئاسة وزير الجيش دانييل دريسكل، وهو نجم صاعد في البنتاجون وحليف مقرب لنائب الرئيس جي دي فانس، وأكد الرئيس الأوكراني لاحقاً في منشور على منصة “إكس” أنه ناقش خطة السلام مع دريسكل. 

وقال مسؤول أميركي إن دريسكل قدم موعد رحلته إلى أوكرانيا بحوالي شهر بعد أن طلب منه البيت الأبيض الأسبوع الماضي “المساعدة في إطلاق مفاوضات السلام والقيام بمهمة استطلاع”.

وأضاف المسؤول أن وزير الجيش كان يخطط أيضاً للتواصل مع الروس “ليجري نفس المناقشات من جانبهم للمساعدة في دفع العملية نحو السلام”. 

شاركها.