شهدت المنطقة خلال هذا الشهر مواجهة مباشرة غير مسبوقة بين إيران وإسرائيل، حيث نفذت إسرائيل ضربات جوية دقيقة استهدفت مواقع نووية إيرانية حساسة، وهذه التطورات أعادت ملف إيران النووي إلى صدارة المشهدين الإقليمي والدولي، لتطرح تساؤلات جوهرية: هل انتهى الحلم النووي الإيراني أم سيستمر رغم تدمير المنشآت؟ وأين أخفت طهران النووي المخصب؟ وما هو مستقبل المفاوضات مع أمريكا بعد هذه الحرب؟

 

الضربات الإسرائيلية هل أنهت النووي الإيراني

نفّذت إسرائيل والولايات المتحدة عمليات قصف دقيقة استهدفت مفاعلات نطنز وفوردو وأصفهان، مستخدمة قنابل خارقة للتحصينات بهدف تعطيل البرنامج النووي الإيراني دون الوصول إلى حرب شاملة.

ووفق الوكالة الدولية للطاقة الذرية فإن الأضرار كانت هائلة على المستوى الفني، لكنها لم تتمكن من محو المعرفة والخبرة المتراكمة لدى إيران”

وتشير تقديرات الخبراء إلى أن طهران قادرة على استعادة أنشطتها النووية خلال أشهر، وهو ما يقلق المجتمع الدولي من بقاء التهديد النووي الإيراني دون حل جذري.

 

يقول الخبير في الشأن الإيراني إسلام المنسي، في حديث لوكالة ستيب نيوز: “إيران استعدت قبل الضربات بفترة طويلة، حيث جهّزت الكثير من الأماكن السرية، وبعضها يقع في أعماق تحت الأرض تفوق أعماق المفاعلات النووية المعروفة. وقد أعلنت ذلك أيضًا، بما في ذلك موضوع نقل كميات اليورانيوم المخصب من مفاعل فوردو وإبلاغ الوكالات الدولية.”

ويضيف المنسي:: إيران لديها عمق استراتيجي كبير، بمساحة تتجاوز مليون وستمائة ألف كيلومتر مربع، وربما ليست مضطرة لنقل مخزوناتها إلى الخارج، فهي تملك شبكة أنفاق ومخابئ محصنة تحت الأرض.”

 

انعكاسات الضربات على الداخل الإيراني

رغم محاولة الإعلام الإيراني التخفيف من آثار الضربات، إلا أن المنسي يرى أن التأثير المعنوي عميق مشيراً إلى أنه “حتى لو تجاوزت إيران بعض الأضرار، فإن انهيار بعض دفاعاتها وصورتها كقوة منيعة قد يكون له تأثير بالغ على معنويات النظام.”

في المقابل، تشير مصادر ميدانية إلى أن طهران بدأت بالفعل خطوات إعادة بناء بعض المنشآت النووية بسرعة كبيرة لاحتواء الصدمة الداخلية.

ويقول المنسي: ” المرجح أن تواصل إيران عنادها وتعيد تفعيل منشآتها النووية، فهي لن تتخلى عن حلمها النووي بسهولة، بعدما قدمت الكثير من التضحيات، ودمرت مقدرات البلاد، وأدخلتها في دوامات من المشاكل والصراعات، وتحمّلت الكثير من العقوبات والتراجع الاقتصادي وكافة أشكال الضغوط في سبيل الحفاظ على هذا البرنامج، الذي يعد مهمًا جدًا لشرعية النظام وبقائه في إيران”.

ويشدد الخبير على أنه ليس من المرجح أن تتجاوز إيران آثار الضربات العسكرية الأمريكية والإسرائيلية بسرعة، بل هي آثار عميقة لا يمكن محوها.

 

مسار التفاوض: عقدة صفر التخصيب

وبعد هذه التطورات بدأت جهود أمريكية حثيثة لإحياء التفاوض حول الملف النووي الإيراني، وكشفت مصادر غربية عن لقاءات مرتقبة في سلطنة عمان تتضمن مقترحات لتجميد التخصيب مقابل رفع جزئي للعقوبات.

لكن طهران ترفض مبدأ صفر التخصيب الذي يعني منعها من تخصيب اليورانيوم بأي نسبة داخل أراضيها، وتعتبره مساسًا بسيادتها وحقها الطبيعي في التكنولوجيا النووية.

ويقول المنسي: ” من الصعب التوصل إلى اتفاق جديد مع واشنطن بعد انتهاء الحرب، في ظل الخلاف حول موضوع “صفر التخصيب”، أي منع إيران من تخصيب اليورانيوم بأي نسبة. هذه هي العقدة التي تعطل الوصول إلى أي حل”.

ويضيف: ” إذا تم التوصل إلى حل يتعلق بهذه النقطة، ربما نشهد مفاوضات وحلًّا قريبًا، وربما اتفاقًا دائمًا مستدامًا، إذا تم حل هذه المشكلة تحديدًا، التي تتعلق بتخصيب اليورانيوم من عدمه على أراضيها”.

ويتابع المنسي: “من المرجح أن تواصل إيران عنادها وتعيد تفعيل منشآتها النووية. هي قدمت الكثير من التضحيات، ودمرت مقدرات البلاد، وأدخلتها في دوامات من الأزمات وتحملت العقوبات والتراجع الاقتصادي للحفاظ على هذا البرنامج الذي يعد عنصرًا أساسيًا في شرعية النظام.”

 

إمكانية نقل اليورانيوم إلى روسيا

تقول تقارير غربية إنه من المحتمل نقل إيران كميات من اليورانيوم المخصب إلى دول حليفة مثل روسيا، إذ سبق للطرفين التعاون لبناء مفاعلات نووية مدنية وعسكرية، ما يعزز مناورات طهران التفاوضية.

وحول ذلك يقول المنسي: ” من المحتمل أن يتم نقل اليورانيوم المخصب إلى دول أخرى، والأقرب هي روسيا، إذ كان هناك تعاون بين إيران وروسيا في هذا المجال سابقًا. ومع ذلك، تمتلك إيران عمقًا استراتيجيًا كبيرًا لتخفي فيه هذا النووي”.

ويضيف: “ربما إيران ليست مضطرة إلى نقلها إلى دول أخرى، فلديها الكثير من الأماكن المحصنة تحت الأرض. لكن روسيا تظل أقرب شريك وجار لها”.

 

 

السيناريوهات المحتملة: إلى أين يتجه الملف النووي الإيراني؟

بحسب الخبراء وما أكده “المنسي” هناك 3 سيناريوهات حول الملف النووي الإيراني بعد انتهاء حرب الـ 12 يوما مع إسرائيل.

 

قبول إيران بتجميد التخصيب مقابل رفع جزئي للعقوبات، وهو سيناريو صعب لكنه ممكن حال تراجع التوتر الإقليمي.

  • تصعيد نووي إقليمي

إذا فشلت المفاوضات، قد تسارع إيران لرفع نسب التخصيب إلى مستويات عسكرية، ما سيدفع إسرائيل وأمريكا لخيارات عسكرية أوسع.

  • استنزاف طويل الأمد

استمرار حالة اللا اتفاق مع ضربات إسرائيلية متكررة ومنشآت بديلة تحت الأرض، ما يستنزف قدرات إيران الاقتصادية والدفاعية تدريجيًا دون حسم.

 

ولا يزال الحلم النووي الإيراني حيًا رغم الضربات والضغوط الغربية القصوى، وكما يلخص المنسي: “إيران لن تتخلى عن فكرها الاستراتيجي القائم على نشر الميليشيات والاعتماد عليها في حماية أمنها القومي ومشروعها النووي، مؤكداً أن إيران ستحاول إعادة إحياء دور أذرعها وبرنامجها النووي.

وتبقى الأنظار معلقة على جولات التفاوض القادمة، فهل ينجح الغرب في إعادة إيران إلى مسار الاتفاق أم أن المواجهة ستتجدد بأبعاد أكثر خطورة؟

أين أُخفي النووي الإيراني بعد ضرب منشآتها؟.. خبير يكشف عن أقرب احتمال و3 سيناريوهات مقبلة

المصدر: وكالة ستيب الاخبارية

شاركها.