قالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، الثلاثاء، إن الهجوم البري الإسرائيلي في مدينة غزة “سيفاقم الوضع المتأزم أصلاً”، مؤكدةً أن المفوضية الأوروبية ستعرض، الأربعاء، إجراءات للضغط على حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من أجل تغيير نهجها في غزة، وذلك في وقت وجّه فيه وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر انتقادات حادة للمقترح الأوروبي.
وذكرت كالاس على منصة “إكس” أن “تعليق الامتيازات التجارية، وفرض عقوبات على الوزراء المتطرفين والمستوطنين المتورطين في العنف، سيشير بوضوح إلى أن الاتحاد الأوروبي يطالب بإنهاء هذه الحرب”، مشيرةً إلى أن الهجوم الإسرائيلي البري “يعني المزيد من الموت، والدمار، والتهجير”.
من جهته، قال وزير الخارجية الإسرائيلي، في رسالة بعثها إلى رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، إن المقترح المطروح على طاولة نقاش المفوضين الأوروبيين جاء “دون أي إشعار مسبق، وبسرعة فائقة، ومن دون أي تشاور معنا، وبما يخالف روح اتفاقية الشراكة”.
ووصف ساعر مقترح “تعليق بنود معينة من اتفاقية التجارة” المبرمة بين الجانبين بـ”غير المسبوق”، مضيفاً، أنه “لم ينفذ أبداً ضد أي دولة أخرى، ما يشكل محاولة واضحة للإضرار بإسرائيل في وقت ما زلنا نخوض فيه حرباً فُرضت علينا عقب هجوم السابع من أكتوبر 2023”.
واعتبر أن “الضغط عبر العقوبات لن يفيد”، مشدداً على أن إسرائيل “لن نرضخ للتهديدات حين يكون أمننا على المحك”.
واتهم ساعر التكتل بـ”عدم الالتزام بالحد الأدنى من متطلبات الإجراءات العادلة”، وقال: “تصرفتم بسوء نية، ولم تُعط إسرائيل أي إشعارات كافية حول المقترح الحالي، ولم تُمنح حتى فرصة للرد”.
وزعم أن الاتحاد الأوروبي الذي “يعتمد بدرجة كبيرة على بيانات غير موثوقة ومحرّفة مصدرها حماس”، متابعاً: “لقد مر ثمانون عاماً منذ المحرقة التي وقعت على أرض أوروبا، والتي قُتل فيها 6 ملايين من أبناء شعبنا.. لقد أسسنا وطنناً للشعب اليهودي في أرض آبائه، ونحن نقاتل بلا هوادة من أجل حياتنا وأمننا”.
عقوبات أوروبية محتملة على إسرائيل
وفي وقت سابق الثلاثاء، قالت متحدثة باسم المفوضية الأوروبية، إن مفوضي الاتحاد الأوروبي سيوافقون، الأربعاء، على فرض عقوبات جديدة على إسرائيل بسبب حربها على غزة.
وقالت المتحدثة للصحافيين: “سيتبنى المفوضون، الأربعاء، حزمة من الإجراءات ضد إسرائيل.. على وجه التحديد، اقتراح بتعليق بعض الأحكام التجارية في الاتفاقيات بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل”.
ويشمل المقترح تعليق بعض البنود التجارية في اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وفرض عقوبات على وزراء حكوميين متطرفين ومستوطنين متورطين بالعنف.
ووفقاً لمجلة “بوليتيكو” الأميركية، تعتبر ألمانيا، وهي أكبر دول الاتحاد الأوروبي، وأحد أشد المدافعين عن إسرائيل، عقبة كبرى أمام تمرير المقترح.
وأشارت المجلة، إلى أن قادة ألمانيا يشعرون بأنهم “مدينون للدولة اليهودية الوحيدة في العالم بسبب دور ألمانيا النازية كمرتكب للمحرقة”.
وكان البرلمان الأوروبي قال، الخميس الماضي، إن على الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على وزراء في الحكومة الإسرائيلية، وتعليق اتفاقات تجارة بين بروكسل وتل أبيب.
الاجتياح الإسرائيلي لمدينة غزة
وسبق أن أعاقت ألمانيا الجهود الأوروبية الرامية للضغط دبلوماسياً على إسرائيل لوقف هجومها العسكري على غزة، وهو الهجوم الذي حوّل أجزاء واسعة من القطاع إلى أنقاض وخلّف عشرات الآلاف من الضحايا.
ورداً على سؤال بشأن كيفية إقناع برلين لدعم هذه الخطوات، قالت كالاس، إنها ستدفع ألمانيا لـ”تقديم بدائل في حال لم توافق على الإجراءات المقترحة”.
وتابعت: “لو أن ألمانيا وافقت قبل عامين أو توافق الآن، لكان ذلك بالفعل قد وضع ضغطاً على إسرائيل، وربما لم تكن الأوضاع في قطاع غزة والضفة الغربية بالخطورة التي هي عليها الآن”.
ومن المقرر أن تقدم كالاس، ومفوض التجارة ماروش شيفتشوفيتش مزيداً من التفاصيل بشأن الإجراءات المقترحة خلال مؤتمر صحافي، الأربعاء.
وطرحت رئيسة المفوضية الأوروبية لأول مرة هذه الإجراءات، خلال خطابها السنوي عن حالة الاتحاد في ستراسبورج، الأسبوع الماضي.
وقالت فون دير لاين حينها، إن “ما يحدث في غزة هز ضمير العالم.. سنقترح فرض عقوبات على الوزراء المتطرفين وعلى المستوطنين المتورطين بالعنف.. وسنقترح أيضاً تعليقاً جزئياً لاتفاقية الشراكة”.
ووفقاً لـ”بوليتيكو”، هذه الإجراءات تحتاج إلى موافقة دول الاتحاد الأوروبي الأعضاء، وهو تحدٍ صعب في ظل الانقسامات العميقة داخل التكتل حول قضايا الشرق الأوسط، لكنها في الوقت ذاته تشكل رسالة سياسية واضحة على تزايد رفض بروكسل لسياسات إسرائيل في غزة.
وكانت إسرائيل شنت هجوماً برياً على مدينة غزة، مساء الاثنين، لتصعّد حملتها ضد حركة “حماس” بعد أسابيع من القصف المتواصل.