– رغد عثمان

شهدت سوريا منذ بداية العام الحالي تزايدًا بعدد حوادث الدراجات النارية، إذ سجلت 847 حادثًا فيما خلفت 62 حالة وفاة، وتقدّر نسبة الوفيات إلى الحوادث بـ7.32%.

وتعكس هذه الأرقام تصاعدًا واضحًا في معدل الخطر الناجم عن القيادة المتهورة من قبل بعض سائقي الدراجات النارية.

عبء على المستشفيات

قال مدير إدارة المرور، العميد فادي هميش، ل، إن الفترة الأخيرة شهدت تزايدًا ملحوظًا في عدد حوادث السير التي كان أحد أطرافها أو كلاهما دراجات نارية، ويعود سبب ازدياد الحوادث، وفقًا لهميش، إلى الزيادة الكبيرة بعدد الدراجات النارية داخل المدن، وضعف الإضاءة في عدد من الطرقات، وغياب المسارات الخاصة بالدراجات ما يجعلها أكثر عرضة للاحتكاك مع المركبات الأخرى.

وأضاف أن قيادة الدراجات من قبل شباب دون السن القانونية غير الحاصلين على رخصة القيادة، وضعف الوعي المروري بين السائقين، تؤدي إلى ارتكاب مخالفات مثل السير بعكس الاتجاه، والسرعة الزائدة، وعدم الالتزام بالإشارات الضوئية.

كما أن القيادة تحت تأثير الكحول أو المخدرات، وغياب آلية واضحة لتسجيل الدراجات النارية لدى الجهات المختصة، وضعف التوعية المجتمعية من قبل الأهل والمؤسسات المعنية جميعها عوامل أسهمت بتفاقم هذه المشكلة.

من جانبه، يرى طبيب الطوارئ في أحد مستشفيات دمشق عماد العيسى، أن حوادث الدراجات النارية أصبحت تمثّل عبئًا يوميًا على أقسام الإسعاف، قائلًا إن “هذه الحوادث لم تعد مجرد أرقام، بل صارت مآسي حقيقية، والمؤسف أن معظم هذه الإصابات يمكن تفاديها لو تم الالتزام بالحد الأدنى من قواعد السلامة والقيادة العقلانية”.

وأضاف الطبيب أن الطوارئ تستقبل بشكل شبه يومي مصابين في حوادث دراجات نارية، معظمهم من فئة الشباب والمراهقين، وغالبًا ما تكون الإصابات بالغة، تتراوح بين الكسور والإصابات الدماغية والنزيف الداخلي، فالكثير من المصابين لا يتقيدون بقواعد الحماية التي من شأنها تخفيف الإصابة، وبعضهم الآخر يفقد حياته خلال دقائق من إسعافه.

إجراءات صارمة

حرصًا على السلامة العامة، وتعزيز الانضباط المروري، والحد من الظواهر غير النظامية التي تتسبب بإزعاج المواطنين وتزيد الحوادث المرورية، أصدرت محافظة دمشق تعميمًا، في 19 من حزيران الماضي، أعادت من خلاله التأكيد على قرار منع تجول الدراجات النارية داخل المدينة الصادر في 5 من آذار الماضي.

تضمّن القرار أن المخالفين سيتعرضون لإجراءات صارمة تبدأ بحجز الدراجة لمدة شهر وفرض غرامة مالية في حال كانت المخالفة للمرة الأولى، وتصل إلى مصادرة الدراجة بشكل نهائي في حال تكرار المخالفة.

كما نصّ التعميم على تكليف مديرية هندسة المرور والنقل بمتابعة تنفيذ القرار بالتنسيق مع قيادة شرطة دمشق والجهات المعنية، على أن يُباشَر تطبيق هذه الإجراءات فور صدور التعميم.

ووفق إحصائية إدارة المرور، سجلت محافظة دمشق 138 حادثًا و18 حالة وفاة، بينما سجل ريفها 179 حادثًا دون تسجيل أي حالة وفاة، وفقًا لإحصائية حديثة لمديرية المرور.

متضررون

تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي، في 22 من حزيران، أخبارًا عن وقفات احتجاجية بساحة المحافظة في مدينة دمشق للمطالبة بتنظيم عمل الدراجات النارية وإلغاء قرار منع دخولها إلى العاصمة.

وبينما تتزايد الحوادث من جهة، وتعتمد شريحة واسعة من الأشخاص على الدراجات كمصدر دخل من جهة أخرى، وجد أشخاص في هذا القرار ظلمًا لهم لأنهم يعتمدون على الدراجة النارية كوسيلة لعملهم، كما هو الحال مع سامر كرمة (30 عامًا).

يعمل سامر في إيصال الطلبات عبر دراجته النارية بمدينة دمشق لتأمين لقمة عيشه وإعالة أسرته.

وقال، “الدراجة مصدر رزقي الوحيد، ولسنا جميعًا مسؤولين عن الفوضى”، وأضاف أن كثيرًا من السائقين يلتزمون بالقوانين، ويؤيدون التنظيم وفرض الضوابط، “لكن نأمل أن تراعى ظروفنا كعاملين ويعاد النظر بهذا القرار ليكون أكثر إنصافًا”.

أما سامر هواري، الموظف في إحدى ورشات الصيانة ويستخدم دراجة نارية كوسيلة تنقل يومية، فقال إن الدراجة وسيلته الوحيدة للتنقل، يعتمد عليها للذهاب إلى العمل يوميًا، وكذلك لإيصال أفراد أسرته عند الحاجة، لعدم امتلاكه سيارة.

وأضاف أنه لا يعترض على التنظيم، لكن يأمل أن تؤخذ بعين الاعتبار ظروف من يستخدمون الدراجة كوسيلة ضرورية للتنقل أو العمل، وليست ترفًا.

خطط مستقبلية

عن الإجراءات الوقائية المتبعة للحد من هذه الحوادث، يرى مدير إدارة المرور، العميد فادي هميش، أنه يجب تشديد العقوبة على الأشخاص الذين يقودون الدراجات النارية دون السن القانونية أو قبل الحصول على رخصة تؤهلهم من قيادتها، وإلزامهم بارتداء الخوذة والقفازات، ومنع دخول الدراجات النارية بجميع أنواعها إلى المدينة، إذ يترتب على الأشخاص المخالفين لأنظمة المرور حجز الدراجة لمدة 30 يومًا للمرة الأولى، وفي حال تكرار المخالفة تصادر الدراجة نهائيًا.

وعن الخطط المستقبلية للحد من الحوادث المرورية للدراجات النارية، أوضح هميش أن الإدارة وضعت خطة متكاملة تهدف إلى الحد من هذه الحوادث، وتشمل فرض التدريب الإلزامي للسائقين قبل منح الترخيص، وتحديث قوانين السلامة المرورية (نظام النقاط على رخصة القيادة، حجز الدراجة أو مصادرتها).

كما تشمل تحسين البنية التحتية، عبر تخصيص مسارات آمنة للدراجات، وتوفير مسارات خاصة للدراجات النارية، واستخدام طرق ذكية مثل الإضاءة التلقائية، واستخدام التكنولوجيا الحديثة (رادارات السرعة الذكية وكاميرات مراقبة)، وتنظيم حملات توعية حول القيادة الآمنة خاصة عند الشباب، وتقديم برامج توعوية في المدارس لتعزيز السلامة المرورية.

المصدر: عنب بلدي

شاركها.