كشفت نيابة جنوب القاهرة الكلية في تحقيقاتها، عن تفاصيل واقعة مثيرة جرت أحداثها داخل نطاق دائرة قسم شرطة المقطم، حين أقدم صيدلي على التخطيط لاختطاف طبيب وسرقته بالإكراه بمساعدة آخرين، بعد خلاف مالي نشب بينهما، في جريمة جرى تنفيذها بحيلة احتيالية محكمة.
صداقة تنقلب إلى فخ
تبيّن من أوراق القضية أن المتهم الأول، وهو صيدلي، كانت تربطه علاقة صداقة بالمجني عليه الطبيب أشرف حلمي عبد العزيز، وقد تطورت تلك العلاقة إلى نزاع بعدما طلب المتهم من صديقه الطبيب مبلغًا ماليًا لمساعدته في تجاوز ضائقة مالية يمر بها، إلا أن الأخير رفض منحه المال، وهو ما اعتبره المتهم إهانةً له، ليقرر الانتقام منه بخطة مُدبرة انتهت بجريمة خطف واحتجاز وسرقة بالإكراه.
خطة الخداع والاستدراج
وأوضحت التحقيقات أن المتهم الأول لجأ إلى التحايل على المجني عليه، فاتصل به مدعيًا رغبته في بيع بعض “التكييفات”، وطلب منه الحضور إلى مسكنه لمعاينتها وإتمام عملية البيع باعتباره وسيطًا.
واستجاب الطبيب للدعوة بعدما وثق في صديقه الصيدلي، وتوجّه معه إلى المكان المحدد دون أن يدرك أنه يسير إلى فخ مُعد بإحكام.
لحظة الخطف داخل المسكن
ما إن وصل الطبيب إلى الشقة حتى فوجئ بعدد من الأشخاص بانتظاره، إذ قاموا بجذبه إلى الداخل عنوة وتقييد يديه وقدميه، ثم غطوا عينيه بشريط لاصق حتى لا يتمكن من رؤية أي شيء، واستولوا على متعلقاته الشخصية من هاتف ومحفظة ونقود، قبل أن يحتجزوه داخل إحدى الغرف بمعرفة المتهم الأول.
شاهد العيان يكشف التفاصيل
تصادف وجود الشاهد عبد الكريم معوض عبد الغفار، 28 عامًا، فني أجهزة منزلية، بمحل عمله القريب من مكان الواقعة، فشاهد المجني عليه والمتهم الأول أثناء دخولهما إلى المسكن بحجة معاينة الأجهزة المعروضة للبيع.
وبعد مرور وقت قصير، سمع الشاهد أصوات استغاثة صادرة من داخل الشقة، فاشتبه في الأمر وأسرع بإبلاغ قسم شرطة المقطم بالواقعة.
تحرك المباحث وضبط الجناة
على الفور، انتقل الرائد هيثم مصطفى، ضابط مباحث قسم شرطة المقطم، إلى محل البلاغ، وبالفحص تبين وجود المجني عليه مُغمي العينين ومقيد اليدين والقدمين داخل شقة المتهم الأول، فتم تحريره وضبط المتهمين المتواجدين بالمكان.
وبتكثيف التحريات، تمكن فريق البحث من تحديد هوية جميع المتورطين في الجريمة وضبطهم تباعًا، ليُعرضوا على النيابة العامة للتحقيق.
اعترافات وتحريات تكشف الدافع
أوضحت التحريات النهائية أن المتهم الأول يعاني من ضائقة مالية، فاستعان بباقي المتهمين من الثاني حتى الثالث في تنفيذ مخططه، الذي استهدف خطف الطبيب وسرقته تمهيدًا لمساومته على فدية مالية.
وبمواجهة المتهمين بما أسفرت عنه التحريات وأقوال الشهود، أقروا تفصيليًا بارتكاب الواقعة، مؤكدين أن الدافع وراء الجريمة هو الأزمة المالية التي كان يمر بها الصيدلي.
النيابة: الجريمة مكتملة الأركان
وثبت من مجمل التحقيقات أن الجريمة بدأت بالتحايل والإغراء، وتطورت إلى استخدام الإكراه والعنف، إذ خطط المتهم الأول للاستدراج، بينما تولى الآخرون التنفيذ والاحتجاز، في جريمة اكتملت أركانها القانونية وفقًا لمواد قانون العقوبات.
وأكدت نيابة جنوب القاهرة الكلية في قرار الإحالة أن ما ارتكبه المتهمون يشكل جرائم الخطف المقترن بالإكراه والاحتجاز دون وجه حق والسرقة بالإكراه، وهي الجرائم المؤثمة بالمواد 280 و290 و314 من قانون العقوبات المصري، والتي تصل عقوبتها إلى السجن المشدد أو المؤبد حال اقترانها بظروف مشددة.
إحالة المتهمين إلى الجنايات
أكدت النيابة أن المتهم الأول تولى التخطيط والإشراف المباشر على الجريمة، وأمدّ شركاءه بالمعلومات والتفاصيل اللازمة لاستدراج المجني عليه، بينما ساعده الباقون في التنفيذ والاحتجاز والاستيلاء على متعلقات الطبيب.
وانتهت النيابة إلى إحالة المتهمين إلى محكمة الجنايات المختصة لمحاكمتهم عما نُسب إليهم من اتهامات، مع استمرار ملاحقة باقي المتورطين المجهولين الذين اشتركوا في تنفيذ الجريمة أو قدموا مساعدة لمرتكبيها بأي صورة من صور الاشتراك.
تحديد جلسة المحاكمة
وتباشر النيابة العامة في الوقت ذاته إجراءاتها لاستكمال الملف القضائي تمهيدًا لتحديد جلسة عاجلة لنظر القضية أمام محكمة جنايات القاهرة، التي ستفصل في واحدة من أكثر القضايا التي هزت الرأي العام بمنطقة المقطم خلال الشهور الأخيرة، بعد أن كشفت عن مدى خطورة استغلال العلاقات الاجتماعية في ارتكاب جرائم الخطف والسرقة بالإكراه.