أحالت نيابة شمال الجيزة الكلية ستة متهمين إلى محكمة جنايات الجيزة بعد أن أسندت إليهم اتهامات خطيرة، على رأسها الشروع في القتل واستعراض القوة والتلويح بالعنف وإحراز أسلحة نارية وذخائر دون ترخيص، وذلك على خلفية مشاجرة دامية وقعت داخل نطاق مركز أوسيم بمحافظة الجيزة، وأسفرت عن إصابات متعددة لعدد من العاملين بأحد المصانع.
ووفقًا لما ورد في أمر الإحالة، فإن المتهمين جميعًا حازوا وأحرزوا أسلحة نارية غير مششخنة عبارة عن فرد خرطوش دون أن يكون مرخصًا لهم بحيازتها أو إحرازها، كما أحرزوا ذخائر من ذات العيار دون ترخيص، مستخدمين تلك الأسلحة في ترويع المواطنين والاعتداء على المجني عليهم.
مشاجرة تتحول إلى ساحة إطلاق نار
كشفت تحقيقات النيابة العامة أن الواقعة بدأت على خلفية مشادة كلامية نشبت بين المجني عليهم والمتهمين، وتطورت سريعًا إلى مشاجرة استخدمت فيها الأسلحة النارية والبيضاء.
وتبين أن المتهمين من الرابع حتى الأخير، وآخرين مجهولين، توجهوا عقب المشادة إلى موقع عمل المجني عليهم بأحد مصانع الكراسي بمنطقة أوسيم، حاملين أسلحة نارية (فرد خرطوش) وأخرى بيضاء (مطاوي وشوم)، حيث اعتدوا على العاملين بالمصنع وأطلقوا صوبهم عدة أعيرة نارية، استقر رشها في أجساد بعضهم، محدثين إصابات بالغة.
وأكدت التحقيقات أن المتهمين قصدوا قتل المجني عليهم، غير أن جريمتهم لم تكتمل لأسباب خارجة عن إرادتهم، تمثلت في تدخل الأهالي وإنقاذ المصابين ونقلهم إلى المستشفى لتلقي العلاج اللازم.
ترويع المواطنين واستعراض القوة
لم يتوقف الأمر عند حد الاعتداء على العمال، إذ تبين أن المتهمين استعرضوا القوة ولوّحوا بالعنف تجاه سكان المنطقة والمارة، بغرض فرض السيطرة وبث الرعب في النفوس.
وأوضحت النيابة أن تصرفات المتهمين — حال حملهم الأسلحة النارية والبيضاء علنًا — كانت كفيلة بإلقاء الرعب في قلوب الأهالي وتعريض حياتهم وسلامتهم للخطر، فضلًا عن الإضرار بممتلكات المجني عليهم وتهديد الأمن العام في محيط الواقعة.
شهادات المجني عليهم
روى سيد حسن سيد عبده، 36 سنة، مالك مصنع الكراسي محل الواقعة، تفاصيل ما حدث قائلًا إنه أثناء تواجده بالمصنع وقعت مشادة كلامية مع المتهمين سرعان ما تطورت إلى مشاجرة، فقام المتهمون ومعهم آخرون بالتعدي عليه وضربه وإشهار أسلحة نارية في وجهه.
وأضاف أن أحدهم أطلق صوبه أعيرة نارية أصابته في مناطق متفرقة من جسده، قائلًا إنهم قصدوا قتله وترويعه وفرض سطوتهم عليه، ما دفع الأهالي إلى التدخل لنجدته قبل أن يُنقل إلى المستشفى لتلقي العلاج.
وجاءت شهادة عبدالله ثامر رجب، 19 سنة، عامل بالمصنع ذاته، مطابقة لما أدلى به الشاهد الأول، مؤكدًا أنه تعرض للاعتداء من المتهمين أثناء محاولته الدفاع عن مالك المصنع، وأنهم كانوا يحملون أسلحة نارية وبيضاء من بينها فرد خرطوش ومطاوي، مشيرًا إلى أنه أصيب بكدمات وجروح نتيجة التعدي عليه.
كما أيد عاطف أحمد محروس، 23 سنة، عامل بالمصنع، أقوال سابقيه، مضيفًا أنه أُصيب برش خرطوش في الجانب الأيسر من جسده أثناء الاشتباك مع المتهمين الذين أطلقوا الأعيرة النارية بشكل عشوائي لترويع الجميع.
شهادة ضابط المباحث
أكد الرائد محمد عادل، معاون مباحث مركز شرطة أوسيم، أنه تلقى بلاغًا من الأهالي بوقوع مشاجرة في نطاق دائرته، فانتقل على الفور إلى موقع الحادث، وأوضح أنه بالفحص والمعاينة تبين صحة ما ورد بأقوال المجني عليهم، وأن المتهمين استخدموا العنف وأسلحة نارية وبيضاء في مواجهة المجني عليهم وسكان المنطقة، ما أدى إلى إصابتهم بالإصابات الموثقة بالتقارير الطبية، مشيرًا إلى أن الغرض من الواقعة كان الترويع وفرض النفوذ.
تقارير الأدلة الجنائية والطب الشرعي
أثبت تقرير الإدارة العامة لتحقيق الأدلة الجنائية أن السلاح الناري المضبوط من نوع فرد خرطوش يدوي التعمير والتفريغ بماسورة واحدة غير مششخنة، وهو كامل وسليم وصالح للاستعمال، كما تبين أن الطلقة المضبوطة من العيار ذاته صالحة للاستعمال وتُستخدم على الأسلحة المماثلة.
كما ثبت من المقاطع المصورة التي قدمها وكيل الشاهد الأول، أن الفيديوهات أظهرت نشوب المشاجرة وسقوط الشاهد الأول أرضًا وسط مجموعة من الأشخاص يحملون أسلحة بيضاء، مع حالة من الكر والفر بموقع الحادث، وقيام المتهمين بـ استعراض القوة والتلويح بالعنف علنًا أمام الأهالي.
وأثبت التقرير الطبي الصادر عن مستشفى أوسيم المركزي أن الشاهد الأول سيد حسن سيد عبده مصاب برش خرطوش بالصدر والبطن والساعد الأيسر والوجه أعلى العين اليسرى نتيجة إطلاق ناري بخرطوش، وقد تقرر أن مدة علاجه لا تقل عن 21 يومًا.
أما الشاهد الثاني عبدالله تامر رجب، فقد تبين أنه مصاب بكدمات في الجبهة والوجه والرأس والرقبة اليسرى، وتقرر مدة علاجه لا تقل عن 20 يومًا.
بينما أصيب الشاهد الثالث عاطف أحمد محروس بـ رش خرطوش بالجانب الأيسر من جسده من ادعاء إطلاق ناري بخرطوش، وتقرر أيضًا مدة علاجه لا تقل عن 20 يومًا.
أعمار المتهمين وأوضاعهم القانونية
كشفت التحقيقات عن أن ثلاثة من المتهمين أحداث لم يبلغوا السن القانونية الكاملة وقت الواقعة، إذ ثبت من شهادات الميلاد وأن جميعهم بلغوا الخامسة عشرة من العمر ولم يتجاوزوا الثامنة عشرة سنة ميلادية كاملة.
ختام التحقيقات
وبعد الاطلاع على الأدلة والفيديوهات وتقارير الفحص الفني والطبي، رأت النيابة العامة أن الأدلة كافية لإحالة المتهمين الستة إلى محكمة الجنايات بتهم: الشروع في القتل العمد مع سبق الإصرار، واستعراض القوة والتلويح بالعنف قبل المجني عليهم وسكان المنطقة، وإحراز أسلحة نارية وذخائر دون ترخيص، وإحراز أسلحة بيضاء دون مبرر قانوني أو مهني.