اخر الاخبار

إدارة ترامب تتراجع عن تعيين باحث معارض لسياسة إسرائيل في غزة في منصب استخباراتي بارز

وطن تراجعت مديرة المخابرات الوطنية في إدارة ترامب، تولسي غابارد، عن تعيين الباحث دانيال ديفيس في منصب استخباراتي مهم بعد تعرضها لانتقادات شديدة من بعض حلفاء ترامب المحافظين، وفقًا لتقرير نشرته نيويورك تايمز.

وكان ديفيس يخضع لإجراءات الفحص الأمني لتولي منصب نائب مدير الاندماج الاستخباراتي، وهو منصب محوري يشرف على الإيجاز اليومي الرئاسي، الذي يزود الرئيس وكبار المسؤولين بتقديرات استخباراتية حساسة حول القضايا العالمية والأمن القومي.

دانيال ديفيس ظل يوجه انتقادات لإسرائيل
دانيال ديفيس ظل يوجه انتقادات لإسرائيل

لكن المقترح قوبل بمعارضة شديدة من الشخصيات اليمينية داخل إدارة ترامب وخارجها، بسبب مواقف ديفيس المنتقدة للحرب الإسرائيلية في غزة، مما دفع غابارد إلى إعادة النظر في القرار، وفقًا لمسؤول كبير في الإدارة.

انقسام داخل الإدارة: صقور التدخل العسكري مقابل دعاة الانعزال

وتكشف هذه القضية عن تباين واضح في السياسة الخارجية داخل فريق ترامب. فمن جهة، عين الرئيس شخصيات مؤيدة للتدخل العسكري مثل وزير الخارجية ماركو روبيو ومستشار الأمن القومي مايكل والتز، الذين يدعمون استمرار الشراكة الاستراتيجية مع إسرائيل.

ومن جهة أخرى، هناك مسؤولون مثل غابارد، الذين يفضلون نهجًا أكثر تحفظًا فيما يتعلق بالتدخلات العسكرية الأمريكية، ويعارضون توسيع الحروب الأمريكية في الخارج.

ويُعرف ديفيس بانتقاداته الشديدة للدعم الأمريكي غير المشروط لإسرائيل، حيث طالب بوقف العمليات العسكرية في غزة، ووصفها بأنها “وصمة عار على الأخلاق الأمريكية”. كما عارض السياسات الأمريكية التقليدية تجاه الشرق الأوسط، داعيًا إلى الحد من التدخلات العسكرية الأمريكية في المنطقة.

انتقادات حادة من منظمة مكافحة التشهير واليمين المحافظ

وقبل أن يتم سحب ترشيحه، أصدرت منظمة مكافحة التشهير (ADL) بيانًا وصفت فيه تعيين ديفيس بأنه “خطير للغاية”، مشيرة إلى أنه “قلل من شأن هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023″ وسعى إلى تقويض الدعم الأمريكي لإسرائيل.

كما عارض بعض أعضاء الكونغرس الجمهوريين المتشددين تعيينه، معتبرين أن مواقفه قد تضعف التزام إدارة ترامب بدعم إسرائيل.

مارك بوليميروبولوس، الضابط السابق في وكالة CIA، انتقد تعيين ديفيس، قائلاً:
“وجهات نظره المتشددة ضد إسرائيل ورفضه لأي عمل عسكري ضد إيران تتعارض تمامًا مع توجهات السياسة الخارجية الحالية للإدارة.”

لكن مؤيدي ديفيس دافعوا عنه، قائلين إن انتقاداته ليست معادية لإسرائيل، بل تعكس نهجًا عقلانيًا يركز على المصالح القومية الأمريكية، مؤكدين أن السياسة الخارجية يجب أن تخدم الولايات المتحدة أولًا، وليس أي دولة أخرى.

الجدل حول دعم إسرائيل داخل الحزب الجمهوري

يبرز هذا الجدل انقسامًا متزايدًا بين الجمهوريين التقليديين، الذين يؤيدون التحالف الوثيق مع إسرائيل، والجناح الأكثر انعزالًا، الذي يدعو إلى تقليل التدخلات العسكرية وتقليص الدعم غير المشروط لأي دولة أجنبية.

كان ديفيس قد انتقد بشدة دعوات ترامب لترحيل الفلسطينيين مؤقتًا من غزة وإعادة تطويرها كمنتجع سياحي، حيث كتب على وسائل التواصل الاجتماعي في يناير:
“إزالة السكان من غزة سيشكل تطهيرًا عرقيًا، وهو أمر مرفوض أخلاقيًا.”

كما كتب في منشور آخر:
“الدعم الأمريكي للحرب الإسرائيلية في غزة وصمة عار على ضميرنا كأمة، وسيظل هذا العار يلاحقنا لفترة طويلة.”

تأثير هذا القرار على سياسة ترامب الخارجية

تُظهر هذه الحادثة مدى تأثير اليمين المتشدد في توجيه القرارات داخل إدارة ترامب، خاصة فيما يتعلق بالشرق الأوسط. ورغم أن غابارد تتشارك مع ديفيس في العديد من وجهات النظر حول تقليل التدخل العسكري، إلا أن الضغوط السياسية دفعتها إلى إعادة النظر في القرار، مما يشير إلى أن المواقف التقليدية المؤيدة لإسرائيل لا تزال مهيمنة داخل البيت الأبيض.

وفي الوقت الحالي، لا يزال من غير الواضح من سيتولى منصب نائب مدير الاندماج الاستخباراتي، لكن من المؤكد أن أي مرشح لهذا المنصب سيتعرض لفحص دقيق بناءً على مواقفه من إسرائيل.

ما التالي؟

مع استمرار النقاش حول السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، ستظل قضية ديفيس مثالًا على الانقسام المتزايد داخل الحزب الجمهوري. وبينما تظل إسرائيل حليفًا أساسيًا لواشنطن، فإن الأصوات الداعية إلى تقليل التدخلات العسكرية وإعادة تقييم الأولويات الاستراتيجية تكتسب زخمًا، حتى داخل الحزب الذي طالما دعم السياسة الإسرائيلية دون قيد أو شرط.

فهل يمكن أن يؤدي هذا الجدل إلى تغيير في نهج ترامب تجاه الشرق الأوسط، أم أن الأصوات المحافظة ستستمر في الهيمنة على قرارات السياسة الخارجية؟ الأيام القادمة ستكشف المزيد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *