إدارة ترمب تدرس الاستعانة بالجيش في تأمين الحدود

تخطط إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتمكين وزارة الدفاع “البنتاجون” من السيطرة على منطقة عازلة في الحدود الجنوبية مع المكسيك، ومنحها صلاحية احتجاز المهاجرين غير الشرعيين “بشكل مؤقت” لحين وصول جهات إنفاذ القانون، حسبما نقلت صحيفة “واشنطن بوست” عن 5 مسؤولين أميركيين مطلعين على المناقشات الجارية.
وقال المسؤولون الأميركيون، الذين تحدثوا شريطة عدم كشف هوياتهم، إن هذه المناقشات مستمرة منذ أسابيع، وتركز على جزء من الحدود في ولاية نيو مكسيكو.
وبموجب الخطة، ستتحول المنطقة العازلة لـ”منشأة عسكرية واسعة”، فيما من المتوقع أن تثير أي خطوة تهدف إلى عسكرة المنطقة العازلة تساؤلات بشأن مدى توافقها مع قانون “بوسي كوميتاتوس” Posse Comitatus الفيدرالي لعام 1878، والذي يمنع الجيش الأميركي من تنفيذ مهام إنفاذ القانون داخل الولايات المتحدة.
وحاولت إدارة ترمب معالجة هذه المخاوف القانونية عبر تحميل الجمارك وسلطات حماية الحدود أو مسؤولي الهجرة والجمارك، مسؤولية احتجاز المهاجرين ونقلهم بعد اعتقالهم عبر رحلات عسكرية أميركية تستخدم في عمليات الترحيل.
تعقيدات قانونية
وفي حال تمت الموافقة على الخطة، فإن المنطقة العازلة الخاضعة للسيطرة العسكرية، والتي يبلغ عمقها 60 قدماً داخل الحدود الأميركية، قد تمتد غرباً حتى ولاية كاليفورنيا، بحسب المسؤولين.
وطالب كبار مسؤولي البنتاجون، بدراسة أي “تعقيدات قانونية” قد تنشأ جراء احتجاز القوات الأميركية للمهاجرين غير الشرعيين بشكل مؤقت عندما لا يكون عملاء الجمارك وحماية الحدود متاحين لاعتقالهم، بحسب الصحيفة.
ويعتمد منطق “عسكرة المنطقة العازلة” على اعتبار أي عملية ضبط تقوم بها القوات الأميركية، بمثابة إلقاء القبض على متسللين داخل قاعدة عسكرية، مما يعني أن دور القوات سيقتصر على احتجازهم حتى وصول جهات إنفاذ القانون.
وذكر مسؤول دفاعي مطلع على المناقشات، لـ”واشنطن بوست”، أن “الإدارة الأميركية تتعامل بحذر شديد مع صياغة الخطة”، مشيراً إلى أن الأمر لا يُعتبر “احتجازاً” بالمعنى القانوني، بل “توقيفاً لحين تسليم المهاجرين إلى سلطات إنفاذ القانون المدني”، وذلك لتجنب الدلالات القانونية المرتبطة بمصطلح “الاحتجاز”.
وأشار مسؤول كبير في الإدارة الأميركية ومسؤول دفاعي آخر، إلى أن “البيت الأبيض يشارك في هذه المناقشات منذ فترة”، مضيفاً أن “ترمب لم يقرر بعد ما إذا كان سيوافق على الخطة”.
ومع ذلك، يرى المسؤولون، أن إنشاء “منطقة دفاع وطني” على الحدود، قد يوفر “عقوبات مشددة للمهاجرين غير الشرعيين”، بما في ذلك تسريع إجراءات الترحيل.
وبحسب “واشنطن بوست”، تهدف الخطة المطروحة إلى إقامة شريط عازل بعرض 60 قدماً على طول الحدود الجنوبية، ضمن محميّة روزفلت، وهي أراض فيدرالية خصصها الرئيس السابق ثيودور روزفلت للأمن الحدودي في عام 1907، وتمتد من ولاية نيو مكسيكو إلى كاليفورنيا.
وعادة، تخضع هذه الأراضي لإدارة وزارة الأمن الداخلي، لكن في بعض الحالات، تم نقل أجزاء منها مؤقتاً إلى سيطرة البنتاجون، خلال إدارة ترمب الأولى لدعم عمليات بناء الجدار الحدودي.
ويسمح القانون الأميركي للحكومة الفيدرالية، بنقل ما يصل إلى 5 آلاف فدان (21 كيلومتراً مربعاً) في كل مرة، إلى وزارة الدفاع دون الحاجة إلى موافقة الكونجرس. وعلى الرغم من أن طول الحدود الجنوبية لولاية نيو مكسيكو يبلغ 180 ميلاً (290 كيلومتراً)، لم يتضح بعد ما إذا كانت الإدارة تخطط لعسكرة الشريط الحدودي بأكمله.
تأمين الحدود
ومنذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير الماضي، شدد ترمب من سياساته الصارمة تجاه الهجرة، مما أدى إلى ارتفاع معدلات الاعتقال والترحيل، كما دخل في صدامات مع بعض القضاة الفيدراليين الذين راجعوا مدى دستورية أوامره التنفيذية.
كما أمر الرئيس الأميركي بنشر قوات عسكرية إضافية، واستخدام أسلحة متطورة على الحدود الجنوبية، وأرسل، السبت الماضي، المدمرة البحرية USS Gravely للمشاركة في تأمين الحدود البحرية.
ووفقاً لمسؤولين عسكريين أميركيين، فإن أكثر من 10 آلاف جندي من القوات النظامية يشاركون حالياً في جهود تأمين الحدود.
في الوقت نفسه، شهدت عمليات العبور غير الشرعي انخفاضاً ملحوظاً، إذ سجلت سلطات الجمارك وحماية الحدود 28 ألفاً و654 حالة في فبراير، مقارنة بـ124 ألفاً و522 حالة في ديسمبر خلال إدارة الرئيس السابق جو بايدن.
واعتبر مسؤولو إدارة ترمب، أن الهدف الأساسي هو فرض سيطرة كاملة على حدود الولايات المتحدة، ووقف تدفق المخدرات غير الشرعية إلى البلاد.
وفي الأيام الأخيرة، عزز البنتاجون وجوده العسكري على الحدود، حيث أنشأ قيادة مشتركة جديدة تحت إشراف الفرقة الجبلية العاشرة 10the Mountain Division التابعة لقاعدة فورت درام في نيويورك، والتي ستدير العمليات انطلاقاً من قاعدة فورت هاتشوكا في جنوب شرق أريزونا.
ومن بين أكبر عمليات النشر حتى الآن، إرسال 2400 جندي من اللواء الثاني، فرقة المشاة الرابعة المدرعة 2nd Stryker Brigade Combat Team, 4th Infantry Division المتمركزة في فورت كارسون بولاية كولورادو.
وتتمركز هذه القوات حالياً في فورت هاتشوكا وفورت بليس، وهي قاعدة عسكرية بالقرب من الحدود المكسيكية في ولاية تكساس، وفقاً لمسؤولين دفاعيين وصور نشرها البنتاجون.
ولم يتضح بعد ما إذا كان سيتم تنفيذ الخطة المحتملة بالكامل، لكن في حال حصولها على الموافقة الرسمية، فمن المرجح أن يتم ضم المنطقة العازلة كملحق مؤقت لإحدى القواعد العسكرية القائمة، وعلى الأرجح قاعدة فورت هاتشوكا، وفقاً للمسؤولين.