طالبت وزارة العدل الأميركية جامعة فرجينيا بشكل سري بإقالة رئيسها جيمس رايان، للمساعدة في حل تحقيق متعلق بالحقوق المدنية الخاصة بالتنوع والمساواة والشمول، بحسب ما أوردته صحيفة “نيويورك تايمز”.

ولم تُعلن إدارة الرئيس دونالد ترمب قط عن تعريف واضح لممارسات التنوع، ما أدى إلى مجموعة من الاستجابات المختلفة من الجامعات، بما في ذلك حذف المواد الدراسية المتعلقة بالتنوع والتعدد والتكامل من متطلبات التخرج وإنهاء المنتديات الجامعية طويلة الأمد حول العرق.

لكن الوضع الاستثنائي، الذي فرضته وزارة العدل على جامعة فرجينيا، يظهر أن مساعي ترمب لتغيير التوجه الأيديولوجي لنظام التعليم العالي، الذي يعتبره معادياً للمحافظين، أبعد مدى مما كان يُعتقد سابقاً، وفق “نيويورك تايمز”.

وأبلغ مسؤولون في وزارة العدل مسؤولي جامعة فرجينيا، أن مئات الملايين من الدولارات من التمويل الفيدرالي معرضة للخطر، بسبب ما تصفه الوزارة بـ”تجاهل” الجامعة لقانون الحقوق المدنية في ممارساتها المتعلقة بالتنوع، إذ لم يلغِ رايان، برامج التنوع والمساواة والشمول في الجامعة، بل “حرّف الخطوات المتخذة لتحقيق هذا الهدف”، وفق ما قالت الوزارة.

وعلى أمل ضمان عدم سحب التمويل من الجامعة، أجرى أعضاء مجلس الإشراف على الجامعة، الذين عيّنهم الحاكم الجمهوري جلين يونجكين، مناقشات مع وزارة العدل لمعرفة ما يمكن فعله، وفي إطار هذه المناقشات، قالت وزارة العدل إنه “يجب على رايان الرحيل”.

إقالة جيمس رايان

وكان جريجوري براون، نائب مساعد المدعي العام للحقوق المدنية، قد قدّم طلباً لإقالة رايان خلال الشهر الماضي في عدة مناسبات إلى مسؤولي الجامعة وممثليها.

ويتولى براون، وهو خريج جامعة فرجينيا، ورفع دعوى قضائية ضد الجامعة بصفته محامياً خاصاً، دوراً رئيسياً في التحقيق، وقد أبلغ ممثل الجامعة الأسبوع الماضي بضرورة رحيل رايان لبدء عملية حل التحقيق.

بدورها، شاركت هارميت دهيلون، كبيرة محاميات الحقوق المدنية في وزارة العدل، في مفاوضات مع الجامعة، إذ حصلت على شهادة في القانون من جامعة فرجينيا، حيث كانت طالبة في كلية الحقوق في الوقت نفسه الذي كان فيه رايان يدرس.

واتجه رايان، الذي عُيّن عام 2018 رئيساً تاسعاً للجامعة، نحو قضايا مثل جعل الجامعة أكثر تنوعاً، وتشجيع الطلاب على أداء الخدمة المجتمعية. 

لكن نهجه، الذي يقول إنه سيجعل الجامعة “عظيمة وجيدة”، أثار حفيظة الخريجين المحافظين وأعضاء مجلس الإدارة الجمهوريين الذين يتهمونه بـ”السعي لفرض قيمه على الطلاب” ويدّعون أنه مُفرط في توجهاته الليبرالية.

وقبل أن يصبح رئيساً لجامعة فرجينيا، شغل رايان منصب عميد كلية الدراسات العليا للتربية بجامعة هارفارد، حيث نال إشادة لالتزامه ببرامج التنوع والتكامل. وكانت جامعة هارفارد من أبرز أهداف إدارة ترمب منذ أن بدأت حملتها على التعليم العالي.

وانتقدت إدارة ترمب رايان بشدة، كما انتقدت جماعات محافظة خطواته نحو الامتثال، واعتبرتها غير كافية، إذ اتهمت منظمة America First Legal، غير الربحية، جامعة فرجينيا الشهر الماضي بالتظاهر بتنفيذ أوامر ترمب من خلال إدارة برامج التنوع نفسها تحت مسمى مختلف. 

وأصدرت المنظمة بياناً الشهر الماضي دعت فيه وزارة العدل إلى “محاسبة جامعة فرجينيا”.

وقالت ميجان ريدشو، المحامية في منظمة “أميركا فيرست ليجال”، في بيان: “إعادة صياغة التمييز لا يجعله قانونياً، وتغيير التسمية لا يغير جوهره”، مضيفة أن “استخدام جامعة فرجينيا للغة مُنقّحة ومسميات وظيفية مُعاد تدويرها هو محاولة متعمدة للالتفاف على القانون”، وفق قولها.

أهداف سياسية

وقالت “نيويورك تايمز”، إن محاولة الإدارة فرض نفوذها الفيدرالي على قرارات قيادة جامعات الولايات تظهر كيف يواصل مسؤولو إدارة ترمب استخدام صلاحيات التحقيق الممنوحة لوزارة العدل، لتحقيق أهداف سياسية سعى إليها منذ فترة طويلة ستيفن ميلر، أحد كبار مستشاري ترمب.

وقال خبراء قانونيون إنهم لا يذكرون سوى حالات قليلة أخرى طالبت فيها إدارة ما بإقالة رئيس جامعة لحل تحقيق تجريه وزارة العدل.

وفي الإطار، قال دانيال ريتشمان، أستاذ القانون في جامعة كولومبيا والمدعي العام الفيدرالي السابق: “هذا تكتيك يُتوقع من الحكومة استخدامه عندما تُصرّ على موقفها في قضية جنائية تتعلق بشركة متهمة بارتكاب مخالفات جسيمة أو نشاط إجرامي واسع النطاق”.

ويعود اهتمام وزارة العدل بالحرم الجامعي في شارلوتسفيل إلى أحد أوائل إجراءات ترمب في منصبه هذا العام، وهو أمر تنفيذي يهدف إلى استئصال ممارسات التنوع والتعدد والتكامل في جميع أنحاء الحكومة الفيدرالية والمؤسسات التعليمية والشركات الخاصة.

ويأتي هذا الاستهداف غير المعتاد لرئيس جامعة بعد شهر من استخدام محامي وزارة العدل سلطتهم لإجبار محرري مجلة “هارفارد للقانون”، التي تُدار بشكل مستقل عن الجامعة، على سحب خطاب توبيخ لطالب عمل هناك.

واتُهم الطالب الذي وُبخ، ويدعى دانيال واسرمان، بانتهاك سياسة الخصوصية الخاصة بالمجلة بتنزيله نسخاً من آلاف الوثائق الداخلية.

وباتباع استراتيجية مماثلة لتلك التي اتبعتها مجموعة “أميركا أولاً القانونية” ضد المجلات القانونية التي يديرها طلاب في جامعتي نورث وسترن ونيويورك، زعمت وزارة العدل أن مجلة “هارفارد للقانون تُميز ضد المؤلفين البيض الذكور”.

يشار إلى أن حملة الضغط الحكومية المكثفة جردت جامعات النخبة من مليارات الدولارات، بما في ذلك هارفارد، التي كانت هدفاً لتحقيقات من 6 وكالات فيدرالية مختلفة على الأقل، لكن هذه المرة الأولى التي تضغط فيها الإدارة على جامعة لإقالة رئيسها.

شاركها.