أقيلت المدعية العامة العسكرية الإسرائيلية الميجر جنرال يفعات تومر-يروشالمي، من منصبها، الجمعة، عقب يومين من إيقافها عن العمل مؤقتاً بسبب شبهات حول قيام أشخاص من محيطها بتسريب مواد من تحقيقات تتعلق بقضية تعذيب معتقلين فلسطينيين في معتقل “سديه تيمان”، والتي ظهرت في تقرير مصور بثته القناة 12 الإسرائيلية وانتشر على الإنترنت.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، إن يروشالمي لن تعود إلى منصبها، مشيراً إلى أنه سيعمل على محاسبة كل من شارك في الواقعة، وأضاف أن المدعية العسكرية مسؤولة عن تطبيق القانون في الجيش وتحديد المعايير القانونية داخله، وأنه سيتم تعيين بديل لها قريباً.

من جهة أخرى، أشارت تقارير إعلامية في إسرائيل إلى أن ادعاءات كاتس، بأن يروشالمي أو جهات أخرى “اختلقت رواية كاذبة ضد الجنود”، لا تستند إلى وقائع حقيقية، وأن التحقيقات ما زالت جارية حول انتهاكات وصفت بالخطيرة بحق معتقلين فلسطينيين في المعسكر.

تقرير سري أميركي

وأفاد تقرير سري صادر عن هيئة رقابية أميركية بأن وحدات من الجيش الإسرائيلي ارتكبت خلال الحرب على غزة “عدة مئات من الانتهاكات المحتملة” للقانون الأميركي الخاص بحقوق الإنسان، وأن مراجعة هذه القضايا ستستغرق من وزارة الخارجية الأميركية “عدة سنوات”، وفقاً لما نقلته صحيفة “واشنطن بوست” عن مسؤولين أميركيين اثنين اطلعا على محتواه.

ويُعدّ هذا التقرير، الصادر عن مكتب المفتش العام بوزارة الخارجية الأميركية، أول اعتراف من نوعه من جهة حكومية أميركية بحجم الانتهاكات الإسرائيلية في غزة التي تخضع لأحكام قوانين “ليهي” Leahy Law، وهي تشريعات تمنع تقديم المساعدات الأمنية الأميركية لوحدات عسكرية أجنبية يُشتبه بشكل موثوق بارتكابها انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بحسب الصحيفة.

ومع ذلك، قال المسؤولان الأميركيان، اللذان تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما لأن التقرير مصنف سرياً، إن نتائج التحقيق تثير شكوكاً حول إمكانية محاسبة إسرائيل، نظراً إلى العدد الكبير من الحوادث قيد المراجعة وطبيعة عملية التدقيق التي تميل إلى منح الجيش الإسرائيلي معاملة تفضيلية.

وقال تشارلز بلاها، المسؤول السابق في وزارة الخارجية الذي كان يرأس المكتب الفني المكلّف بتطبيق قوانين “ليهي”: “ما يقلقني أن المساءلة قد تُنسى الآن مع خفوت ضجيج الحرب”.

 ورفض مكتب المفتش العام في الوزارة التعليق على محتوى التقرير، لكنه أقرّ بوجوده على موقعه الإلكتروني، مشيراً إلى أن “هذا التقرير يحتوي على معلومات مصنّفة سرّية وغير متاحة للعرض العام”. كما امتنعت وزارة الخارجية الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي عن التعليق.

وأُنجز التقرير قبل أيام من اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و”حماس”، الذي شمل الإفراج عمن تبقى من المحتجزين الإسرائيليين مقابل إطلاق أسرى فلسطينيين، وانسحاباً جزئياً للقوات الإسرائيلية، واستئناف دخول بعض المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة المدمّر.

معتقل “سيئ السمعة”

وأصبح معتقل “سديه تيمان”، وهو منشأة عسكرية سرية في صحراء النقب تُستخدم لاحتجاز الفلسطينيين من غزة منذ 7 أكتوبر 2023، محوراً لاتهامات أكثر من قبل منظمات حقوق إنسان ووسائل إعلام.

وذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” في مارس 2024، أن فلسطينيين محتجزين في غزة قالوا إنهم تعرّضوا للضرب، بما في ذلك في منطقة الفخذ، وأجبروا على البقاء في أوضاع مجهدة لفترات طويلة.

وفي نهاية يوليو 2024، داهم ضباط ملثمون من الشرطة العسكرية الإسرائيلية سجن “سديه تيمان”، واحتجزوا جنود الاحتياط في إطار تحقيق في إساءة شديدة في معاملة أحد السجناء، بما في ذلك “الاغتصاب”، وفقاً للجيش الإسرائيلي، ووثائق المحكمة التي اطلعت عليها “وول ستريت جورنال”.

وكانت تحقيقات عسكرية إسرائيلية، كشفت عن واقعة “اعتداء جنسي” على محتجز فلسطيني من جنود داخل الجيش الإسرائيلي، بعدما أبلغ أطباء عن إصابات خطيرة تعرض لها مُحتجز استدعت إجراء عمليات جراحية له، حسبما ذكرت مصادر طبية مُطلعة على القضية لصحيفة “وول ستريت جورنال”.

وذكر أحد أفراد الطاقم الطبي لـ”وول ستريت جورنال”، أن المحتجز الفلسطيني كان يعاني من “إصابات تهدد حياته، من بينها كسور في الأضلاع، وإصابات واضحة في البطن والصدر، وإصابة شديدة في المستقيم يُعتقد أنها ناجمة عن إدخال جسم غريب”.

وأضاف أن الأطباء شعروا بـ”الصدمة” إزاء الإصابات، إذ قال أحدهم: “كان الأمر مروعاً للغاية.. إنه يضع معايير الأخلاق في أدنى مستوى لدرجة أنني لا أستطيع تصوّر كيف يمكننا الانحدار أكثر من ذلك أخلاقياً. كنت أعلم أن مثل هذه الأمور ربما تحدث، لكنني لم أشهد شيئاً بهذا السوء من قبل”.

شاركها.