أصدرت المحكمة العليا في إسرائيل، الأحد، قراراً برفض إصدار أمر مؤقت يمنع الحكومة من المضي في إجراءاتها الجديدة لعزل المدعية العامة، جالي بهاراف ميارا، مانحة بذلك الضوء الأخضر لتشكيل لجنة وزارية جديدة للنظر في توصية بعزلها.
وبحسب موقع “تايمز أوف إسرائيل”، جاء القرار الذي أصدره القاضي نعوم سولبرج بعد ساعات من تقديم وزير العدل ياريف ليفين ووزير شؤون الشتات عميحاي تشيكلي، إشعاراً إلى المحكمة، طالبا فيه برفض الالتماسات المُقدَّمة ضد الإجراء الجديد، مع تلميح ضمني إلى أن الحكومة قد لا تلتزم بقرار المحكمة إذا جاء ضدها.
ومع تجاوز هذا العائق القضائي مؤقتاً، سيكون بمقدور اللجنة الوزارية الجديدة، المُؤلَّفة من 5 أعضاء، والمُكلّفة بتقديم توصية إلى الحكومة بشأن عزل بهاراف ميارا، أن تعقد أولى جلساتها الاثنين كما كان مخططاً. كما تم استدعاء المدعية العامة لحضور الجلسة، إلا أنه لم يتضح بعد ما إذا كانت تعتزم الحضور.
وأوضح القاضي أن قراره بعدم التدخل يستند إلى أسباب إجرائية، لا على أساس مضمون الدعاوى المُقدمة، قائلاً إنه بالنظر لكون اللجنة الجديدة لم تُصدر بعد توصيتها، ولعدم تصويت الحكومة حتى الآن على قرار عزل بهاراف ميارا، فلا يوجد بعد قرار نهائي يمكن للمحكمة أن تُصدر بشأنه أمراً قضائياً.
وأشار إلى أن أصحاب الالتماسات سيكون بإمكانهم إعادة تقديم اعتراضاتهم إلى المحكمة في حال أوصت اللجنة فعلاً بعزل المدعية العامة، وهو ما يُتوقع حدوثه على نطاق واسع.
يُذكر أن العلاقة بين الحكومة وبهاراف ميارا شهدت توتراً مستمراً منذ تشكيل الحكومة الحالية في أواخر عام 2022، إذ تتهمها الحكومة بإحباط سياساتها وخططها بصورة ممنهجة، بينما تتهم هي الحكومة بانتهاك القانون والدفع بتشريعات غير دستورية.
“اتهامات لميارا بمعارضة الحكومة”
في مارس الماضي، فعّلت الحكومة الإسرائيلية آلية لعزل بهاراف ميارا بموجب نظام قانوني قائم منذ عام 2000، لكن بعد تعثّر العملية وعدم اتباع الإجراءات المقررة، أصدر مجلس الوزراء في يونيو قراراً بتشكيل لجنة وزارية جديدة مكونة من 5 وزراء، برئاسة تشيكلي، يمكنها تفعيل عملية الإقالة.
وفي خطوة وُصفت بأنها “غير معتادة”، قدّم الوزيران ليفين وتشيكلي إشعاراً إلى المحكمة قبل صدور قرار القاضي سولبرج، لم يكن عبارة عن رد قانوني رسمي على الالتماسات، ولم يُكتب بواسطة مستشار قانوني حكومي، بل أعده الوزيران شخصياً، وهو ما يُعد خروجاً عن الأعراف القانونية المعمول بها في مثل هذه الحالات.
وفي الإشعار، لم يتناول الوزيران الحجج القانونية الأساسية ضد الإجراء الجديد، بل وجّها انتقادات حادة إلى المستشارة بهاراف ميارا، موجهين اتهامات لها بـ”المعارضة الممنهجة” لسياسات الحكومة بدافع “مواقفها الشخصية والسياسية”، وأضافا أنها كان ينبغي أن تستقيل حين أصدرت الحكومة بياناً بحجب الثقة عنها في وقت سابق من هذا العام.
وقال الوزيران: “لم تعد الحكومة مستعدة للتسليم بواقع تُحرَم فيه بشكل منهجي وغير مسبوق من المشورة والتمثيل القانوني الذي تستحقه”.
وأضافا أن الالتماسات ضد النظام الجديد لعزل المدعية العامة “يجب أن تُرفض جملة وتفصيلاً”، معتبرَين أن أي حكم ضد الحكومة سيؤدي إلى “إسكات العمل الحكومي وإلحاق ضرر قاتل به”، كما أنه “يتناقض مع جوهر الديمقراطية”.
واختتما بالقول: “في ظل هذه الظروف، من غير المعقول أن تُجبر المحكمة الحكومة على الإبقاء على بهاراف ميارا في منصبها، لأسباب إجرائية لا تستند إلى أي أساس قانوني”، محذّرين من أن مثل هذا القرار ستكون له “تداعيات خطيرة”.
ومن المقرر أن تعقد اللجنة الوزارية جلستها الأولى للنظر في توصية بعزل المدعية العام،ة الاثنين.
ومن جانبها، قالت “حركة جودة الحكم في إسرائيل”، وهي من بين الجهات التي تقدّمت بالتماسات ضد قرار الحكومة في يونيو الماضي، إن رد ليفين وشيكلي لم يقدم “مبرراً قانونياً حقيقياً” لتغيير آلية عزل المدعية العامة، معتبرة أن هذا الرد يُعدّ “إقراراً بضعف موقف الحكومة القانوني”.
وأضافت: “لا يجوز السماح لحكومة تضم عدداً غير مسبوق من الوزراء الخاضعين لتحقيقات جنائية بالاستمرار في هذا المسار التدميري الذي يستهدف عزل أكبر سلطة رقابية في الدولة”.
وشدّدت الحركة على أن “المحكمة يجب أن تقف حارسة لسيادة القانون، وأن تمنع هذه الخطوة التي تهدف إلى التسييس الكامل لجهاز إنفاذ القانون”.