صادقت الحكومة الإسرائيلية مؤخراً على إقامة 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة، بمبادرة وزير الدفاع يسرائيل كاتس ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، وهي خطوة اعتبرتها الرئاسة الفلسطينية، تشكل “تصعيداً خطيراً، وتحدياً للشرعية الدولية والقانون الدولي”، مشددة على أنها تأتي في سياق “محاولة إسرائيل الاستمرار في جر المنطقة إلى دوامة العنف وعدم الاستقرار”.
ووافق المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت) على إقامة هذه المستوطنات، بما في ذلك إعادة إقامة مستوطنتي “حومش” و”سانور” الواقعتين في شمال الضفة الغربية، واللتين تم تفكيكهما في عام 2005 كجزء من خطة الانفصال الأحادي الجانب عن غزة وشمال الضفة الغربية، حسبما نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية.
وتهدف هذه الخطوة إلى “تجديد تنفيذ تسوية الأراضي الرسمية من قبل دولة إسرائيل في الضفة الغربية، ووقف محاولات السلطة الفلسطينية تنفيذ إجراءات تسوية أراضٍ غير قانونية في المناطق المصنفة (ج) خلافاً للاتفاقيات”.
وتنص الخطة، وفقاً لتفاصيل نشرها موقع الصحيفة، على أن “إجراءات التسوية التي تقوم بها السلطة الفلسطينية في مناطق (ج) تُنفّذ دون صلاحية، وأن نتائجها، بما في ذلك الوثائق، والخرائط، والتسجيلات، والموافقات، ستكون عديمة الأثر القانوني أو المكانة الرسمية في أي إجراء رسمي داخل دولة إسرائيل”.
وأفادت صحيفة “يسرائيل هيوم”، الثلاثاء، بأن الحكومة تعتزم استخدام المستوطنات الجديدة البالغ عددها 22 لتعزيز الوجود الإسرائيلي حول الطريق 443، الذي يربط القدس وتل أبيب. ويمر جزء من الطريق عبر الضفة الغربية.
بالإضافة إلى ذلك، سيتم توجيه جهاز الأمن الإسرائيلي، للعمل على منع استمرار التسوية الفلسطينية، بما يشمل منع دخول العمال إلى المنطقة، وعرقلة الدعم الأجنبي لعمليات التسوية، وتقديم مطالبة مباشرة للسلطة الفلسطينية بوقف أنشطتها في هذا المجال.
وذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن الخطط الإسرائيلية تتضمن أيضاً إصدار وزير الأمن الداخلي، أوامر بتجديد تسوية الأراضي في الضفة الغربية من قبل السلطات الإسرائيلية المحلية، مع تحديث تشريعات الأمن وفقاً لذلك، وكذلك تشكيل طاقم “بين-وزاري” لاستكمال الاستعدادات المهنية والقانونية والميزانية لتنفيذ الخطوة خلال 60 يوماً.
وأعلن يسرائيل جانتس، رئيس مجلس “يشع” الذي يجمع تحت مظلته مجالس المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، أن القرار الحكومي “السري” هو “أهم قرار منذ عام 1967”.
وأشاد جانتس، بالخطوة قائلاً إنها تبعث برسالة واضحة مفادها “أننا هنا ليس للبقاء فحسب، بل لإقامة دولة إسرائيل هنا، نيابةً عن جميع سكانها، ولتعزيز أمنها”.
وجاءت هذه الخطوة في أعقاب موافقة الحكومة الإسرائيلية في وقت سابق من الشهر الجاري، على قرار وزاري لإطلاق عملية تسجيل الأراضي في المنطقة (ج) من الضفة الغربية، والتي قال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، إنها تهدف إلى “تطوير المستوطنات”.
الرئاسة الفلسطينة: تصعيد خطير
ورداً على هذه الخطوة، قال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، إن “مصادقة حكومة الاحتلال على إقامة 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية سراً، يشكل تصعيداً خطيراً، وتحدياً للشرعية الدولية والقانون الدولي، وهي محاولة إسرائيلية للاستمرار في جر المنطقة إلى دوامة العنف وعدم الاستقرار.
وأضاف أبو ردينة، أن “الاستيطان جميعه غير شرعي”، مؤكداً أن هذا القرار المدان والمرفوض “يخالف بشكل صريح جميع قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي، وخاصة القرار رقم 2334 الصادر عن مجلس الأمن الدولي، الذي اعتبر الاستيطان جميعه في الأرض الفلسطينية بما فيها القدس الشرقية، غير شرعي وغير قانوني حسب القانون الدولي”، حسبما نقلت وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”.
وتابع قوله: “على الحكومة اليمينية المتطرفة التوقف عن زعزعة استقرار الضفة الغربية والمنطقة بأسرها من خلال إصرارها على مواصلة عدوانها الإجرامي ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، واستيطانها وعدوانها في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية”.
وطالب أبو ردينة الإدارة الأميركية بالتدخل الجاد والفوري لوقف هذا العبث الإسرائيلي بمصير المنطقة جميعها قبل فوات الأوان، وإجبارها على الالتزام بالشرعية الدولية ووقف حربها في جميع الأرض الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية.
والضفة الغربية، هي منطقة على شكل كلية الإنسان يبلغ طولها نحو 100 كيلومتر وعرضها 50 كيلومتراً، كما أنها في قلب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني منذ استولت عليها إسرائيل في حرب عام 1967.
وتعد معظم الدول هذه المنطقة، أرضاً محتلة، وتعتبر المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي، وهو الموقف الذي أيدته محكمة العدل الدولية، أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة، في يوليو 2024.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن نحو 750 ألف فلسطيني نزحوا من ديارهم عند قيام دولة إسرائيل في عام 1948. ويطالب الفلسطينيون بأن تكون الضفة الغربية نواة لدولة مستقلة في المستقبل، إلى جانب قطاع غزة.
لكن انتشار المستوطنات الإسرائيلية، والتي تزايدت بشكل كبير في أنحاء الضفة الغربية منذ توقيع اتفاقية أوسلو للسلام قبل 30 عاماً، أدى إلى تحول المنطقة.
وبلغ معدل بناء المستوطنات في الضفة الغربية، مستويات غير مسبوقة في عام 2023. ومنذ بدء الحرب على غزة في أكتوبر 2023، أدت سلسلة من الطرق الجديدة وأعمال الحفر والتمهيد، إلى تغيير واضح في مظهر سفوح التلال في أنحاء المنطقة.