إسرائيل ضربت منشآت الصواريخ ودمرت دفاعات استراتيجية في إيران
قال مسؤولون أميركيون وإسرائيليون إن الهجوم الإسرائيلي على إيران، في أكتوبر، دمر دفاعات جوية استراتيجية لطهران، وألحق أضراراً بالغة بمنشآت إنتاج الصواريخ، ما يجعلها معرضة بشكل كبير لهجمات في المستقبل، وفق “وول ستريت جورنال”.
ونقلت الصحيفة الأميركية عن مسؤولين حاليين وسابقين قولهم إن هذا الأمر زاد إلى حد كبير من المخاطر التي تواجه إيران إذا ما نفذت تهديداتها بتنفيذ جولة أخرى من الضربات الصاروخية ضد إسرائيل خلال الأيام المقبلة.
وفي 26 أكتوبر، استهدفت إسرائيل منشآت رئيسية لإنتاج الصواريخ التي تعمل بالوقود الصلب في موقع “بارشين” العسكري المترامي الأطراف بالقرب من طهران، ومركز الصواريخ الباليستية والفضاء في “شاهرود”، الذي يديره “الحرس الثوري”، وفق ما أظهرته صور أقمار اصطناعية. كما دمرت منظومات دفاع صاروخي روسية الصنع من طراز S-300.
ولا تزال طهران تمتلك مئات الصواريخ التي يمكنها الوصول إلى إسرائيل وإحداث أضرار جسيمة إذا اخترقت الدفاعات الإسرائيلية، وفقاً لمسؤولين غربيين؛ لكن الأضرار التي لحقت بالدفاعات الجوية الإيرانية ستسهل على إسرائيل الرد بضرب “أهداف أكثر حساسية”، تشمل قيادة البلاد والبنية الأساسية للطاقة وربما مواقع نووية، ما يمثل خطراً يتعين على طهران أن تأخذه في الحسبان.
الدفاع في إيران
وقال نورمان رول، الخبير السابق بشؤون الشرق الأوسط في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA)، إن “المناقشات المتعلقة بالعمليات في إيران من المرجح أن تهيمن عليها بشكل أقل مسألة ما تستطيع إيران أن تفعله، من مسألة كيفية دفاع إيران عن نفسها عندما ترد إسرائيل. ومن المستبعد أن تكون هذه مناقشة سهلة، وربما تثير مناقشات حادة بين كبار القادة الإيرانيين”.
وأشارت الصحيفة إلى أن إسرائيل ضربت نحو 20 هدفاً في أواخر أكتوبر، في إطار خطوط حمراء دفعت بها واشنطن لشن الهجوم. وعلى الرغم من أن إيران قللت في البداية من أهمية الهجوم، يتحدث بعض كبار المسؤولين الإيرانيين الآن عن شن انتقام عنيف.
والأسبوع الماضي، قال رئيس “الحرس الثوري” الجنرال حسين سلامي: “سنرد على العدو برد لا يمكن تصوره”.
3 موجات من الهجمات
وشنت إسرائيل 3 موجات من الهجمات على إيران، ركزت الموجة الأولى على أنظمة الدفاع الجوي الاستراتيجية، وألقحت أضراراً ببطاريات S-300، ما جعل منظومة الدفاع روسية الصنع غير صالحة للعمل. وربما يستغرق الأمر عدة أشهر حتى تتمكن إيران من إصلاح أو استبدال تلك المنظومات إذا تلقت مساعدة روسية، وفق مسؤول أمني إقليمي.
وبدأت الموجة التالية بعد نحو 80 دقيقة، وركزت على قدرات إنتاج الصواريخ الباليستية، وضربت الموجة الأخيرة، بعد ساعة، رادارات ومراكز قيادة وهوائيات وبعض منصات إطلاق الصواريخ.
وكانت العملية تهدف إلى أن تثبت لقادة إيران أن الإسرائيليين قادرون على تنفيذ هجمات في جميع أنحاء البلاد. وقال مسؤول أمن إقليمي، الجمعة: “أردنا أن يدركوا أنهم مكشوفون”.
منشآت الصواريخ في إيران
وقال مسؤولون أميركيون إن إنتاج إيران للصواريخ، التي تعمل بالوقود الصلب، ربما يتأخر لمدة عام أو أكثر.
وأوضحت الصحيفة أن الأهداف الرئيسية لإسرائيل في منشآت الصواريخ كانت ما يسمى بـ”الخلاطات الكوكبية”، التي تستخدم لخلط مكونات الوقود الصاروخي الصلب المستخدم في أكثر صواريخها تقدماً. وقال محللون إنه لا يمكن استبدال الخلاطات بسهولة.
وفي حين تعمل معظم صواريخ إيران بالوقود السائل، وجه الهجوم ضربة لبعض برامج الأسلحة الأكثر قيمة في إيران.
وقال فابيان هينز، الباحث في شؤون التحليل الدفاعي والعسكري في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إن إسرائيل ضربت نحو 12 منشأة خلط في 3 مواقع، دُمر معظمها. وبالإضافة إلى موقع بارشين، تضرر مبنيان في مجمع الصواريخ الباليستية الإيراني في موقع “خوجير”، ومباني في مركز “شاهرود” الفضائي.
وأضاف هينز أن “موقع شاهرود استخدم منذ فترة طويلة لإنتاج منصات إطلاق فضائية تعمل بالوقود الصلب، لكن ثمة أدلة قوية على أن الحرس الثوري كان يستخدمها أيضاً لبناء صواريخ باليستية.
وهناك منشأة واحدة لإنتاج الوقود الصلب لم تضربها إسرائيل على ما يبدو، ربما لأنها كانت تنتج محركات تعمل بالوقود الصلب لصواريخ أقصر مدى”.
مخاوف من هجمات مستقبلية
وأشار خبراء ومسؤولون سابقون أن الضربات الإسرائيلية كان لها تأثير ثانٍ كبير محتمل، وهو أنها تسهل شن هجمات مستقبلية على منشآت نووية إيرانية من خلال جعل العمل في الأجواء الجوية الإيرانية “أقل خطورة”.
وقال القائد السابق للقيادة المركزية الأميركية (CENTCOM) الجنرال المتقاعد فرانك ماكنزي: “أعتقد أن إيران باتت الآن أكثر عرضة، منذ سنوات عديدة، لهجوم إسرائيلي آخر”.
وقال محللون إقليميون إن “الحرس الثوري”، الذي فقد ضباطاً كباراً في غارات جوية إسرائيلية سابقة في سوريا ولبنان، حريص على الرد، لكن من المرجح أن يكون مسؤولون إيرانيون آخرون “أكثر حذراً”.
وأضاف المحللون أن “درجة الدقة، التي أظهرتها إسرائيل في هجماتها، أكدت للقيادة الإيرانية مدى ضعف القدرات العسكرية والمدنية والبنية التحتية للبلاد”.
وقال المسؤول الإسرائيلي السابق أرييل ليفيت، وهو زميل بارز في برنامج السياسة النووية في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي: “لم تختر إسرائيل فقط تدمير الدرع الدفاعي الذي يحمي بعض المنشآت النووية والنفطية الإيرانية، بل عززت أيضاً رسالة مفادها أن إيران قد تم اختراقها بعمق لدرجة أن إسرائيل باتت تعرف بالضبط أين وكيف تضرب بشكل فعال منشآت إيران الأكثر حساسية المتعلقة بالصواريخ والأسلحة النووية”.
وعلى الرغم من أن إسرائيل ابتعدت عن المواقع النووية الإيرانية في هجمات أكتوبر، إلا أنها ضربت مبنى في موقع “بارشين” كان تستخدمه إيران لإجراء أبحاث مشتبه بأنها تتعلق بالأسلحة النووية، وفقاً لما أظهرته صور أقمار اصطناعية.
وقال رئيس وحدة الاستخبارات في شركة الاستشارات “لو بيك” ومقرها إسرائيل، مايكل هورويتز، إن “الهجمات على بطاريات منظومات الدفاع الجوي S-300 جعلت من الأسهل على إسرائيل ضرب المواقع النووية في طهران، إذا قررت فعل ذلك بهجمات مستقبلية”.
وأضاف: “هذه الهجمات على مراحل معقدة، حيث لا يمكن للطائرات البقاء في الجو إلى الأبد وسيتعين عليها العودة في مرحلة ما. الآن، انتهت المرحلة الأولى من الهجوم، وهذا يجعل الأمور أسهل لأي هجوم مستقبلي”.
ولفت هورويتز إلى أنه “مع خروج أنظمة الدفاع الصاروخي الإيرانية الأكثر تقدماً عن الخدمة، يمكن لإسرائيل أن تحرّك طائرات التزود بالوقود جواً أقرب إلى الحدود، ما سيمكن طائراتها الحربية من حمل حمولات أثقل ووقود أقل”.
ووفقاً للصحيفة، يعتبر مسؤولون غربيون برنامج الفضاء الإيراني مساراً لتطوير صواريخ عابرة للقارات، ما يمنح مهندسيها الخبرة في تطوير صواريخ دافعة أقوى يمكن استخدامها لصواريخ ذات مدى أبعد.
وذكرت الصحيفة أن إسرائيل ضربت رادارين بعيدي المدى لإيران بالقرب من الحدود العراقية، ونفذت ضربة محدودة حول مصفاة “عبادان” في تحذير محتمل بشأن ضربات مستقبلية على منشآت نفطية.