إسرائيل لن تحمي “الدروز”.. مصادر تكشف فحوى “رسائل” تل أبيب لدمشق

سيطرت قوات الأمن والجيش السوري، مساء اليوم الأربعاء، على منطقتي صحنايا وأشرفية صحنايا بريف دمشق، بعد اشتباكات عنيفة مع فصائل محلية من الطائفة الدرزية، سقط خلالها قتلى وجرحى من الطرفين. إلا أن اللافت كان التدخل الإسرائيلي وقصف مواقع لقوات الأمن السورية هناك، فيما ذكرت وسائل إعلام عن “رسائل” وجهتها تل أبيب إلى دمشق بشأن ما يجري، وكشفت مصادر لـ”ستيب الإخبارية” عن فحوى هذه الرسائل.
ماذا جرى في صحنايا؟
أعلنت وزارة الداخلية السورية، أمس، عن سقوط قتلى في صفوف قواتها بعد هجوم نفذته فصائل محلية على نقطة أمنية في محيط بلدة صحنايا، وجاء ذلك عقب اشتباكات وخلافات “دامية” في منطقة جرمانا بدمشق، التي يقطنها أبناء الطائفة الدرزية، وقد زاد من حدة التوتر انتشار “نعرات طائفية” بين مسلحين وفصائل في المنطقة، بعضها ينتمي إلى القوات الأمنية، وآخرون من أبناء الطائفة الدرزية.
وكانت الخلافات قد اشتعلت بدايةً بعد تداول تسجيل مسيء للرسول محمد ۖ، اتُّهم أحد مشايخ الطائفة الدرزية بالوقوف وراءه. إلا أن وزارة الداخلية السورية نفت أن يكون المتهم هو من نشر التسجيل، ووعدت بملاحقة المطلوبين في القضية. بالرغم من ذلك، شنّ فصيل يُدعى “فيلق الرحمن” هجمات باتجاه منطقة جرمانا واشتبك مع فصائل درزية هناك، ما أجّج الخلافات بشكل أكبر.
وفيما يتعلق بصحنايا، فقد بدأت الاشتباكات ليلة أمس، وتطورت مع وصول تعزيزات من فصائل محلية، بعضها من السويداء لمساندة الفصائل الدرزية، وأخرى من أرياف دمشق ودرعا. هذا التطور استدعى تدخل القوات الأمنية والجيش السوري، الذي حاول دخول المنطقة، لكنه واجه رفضاً من الفصائل الدرزية، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات عنيفة.
وأعلن مدير مديرية الأمن في ريف دمشق، المقدم حسام الطحان مساء اليوم، ” انتهاء العملية الأمنية في منطقة أشرفية صحنايا، وانتشار قوات الأمن العام في أحياء المنطقة لضمان عودة الأمن والاستقرار”، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الرسمية “سانا”.
وفد مشايخ الدروز لإنهاء الفتنة
قال مراسل وكالة “ستيب الإخبارية” إن وفداً من مشايخ الطائفة الدرزية، ضم كلاً من ليث البلعوس، وحمود الحناوي، ويوسف جربوع، وصل إلى المنطقة برفقة الأمن العام السوري للتفاوض على إنهاء التوتر.
وقد عُقد اجتماع في مدينة داريا بين الوفد ومحافظ ريف دمشق عامر الشيخ، ومحافظ السويداء الدكتور مصطفى البكور، ومحافظ القنيطرة الأستاذ أحمد الدالاتي، إلى جانب مسؤولين من الحكومة السورية.
وذكرت مصادر أنه تم التوصل إلى اتفاق تهدئة، وعلى إثره انسحبت الفصائل الدرزية، ودخل الأمن العام السوري إلى المنطقة وبدأ عملية تمشيط بحثاً عمن وُصفوا بـ”الخارجين عن القانون”.
وقال مصدر خاص لوكالة “ستيب الإخبارية”، حضر الاجتماع، إن الوفد الدرزي أبدى مخاوفه من الانفلات الأمني، وأكد على نبذ الطائفية، كما شدد على الوقوف إلى جانب الدولة السورية ضد الخارجين عن القانون، أياً كانت انتماءاتهم.
بدوره خرج المفتي العام في سوريا أسامة الرفاعي، محذراً من “الفتنة”، وقال في كلمة بثّت على صفحته الرسمية في موقع فيسبوك “أيها الأخوة السوريون إياكم والفتن، فإن الفتن يُدرى أولها ولا يُعلم آخرها”، مضيفا “لو اشتعلت الفتنة في بلدنا…فكلنا، كل أعراقنا وكل أدياننا، كل طوائفنا، كلنا خاسر”.
إسرائيل ورسائل إلى الشرع
لم تغب إسرائيل عن المشهد، حيث نفذت مقاتلاتها غارات على أطراف منطقة أشرفية صحنايا، وذكرت مصادر أنها تسببت في إصابات في صفوف قوات الأمن السوري.
وأوضح الجيش الإسرائيلي في بيان أن “رئيس هيئة الأركان إيال زامير أمر بالاستعداد لضرب أهداف تابعة للحكومة السورية إذا استمرت أعمال العنف ضد الدروز”.
وفي بيان مشترك، قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إن العملية في بلدة صحنايا، جنوب غرب دمشق، كانت “عملاً تحذيرياً” ضد مجموعة مسلحة مجهولة الهوية “تستعد لمواصلة مهاجمة السكان الدروز”.
وأكد الجيش الإسرائيلي استعداده لضرب أهداف تابعة للنظام السوري إذا تعرضت الأقلية الدرزية لهجمات أخرى، وفقاً لبيان صادر عنه.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي قد تحدث مراراً عن دعمه للدروز في سوريا، وأكد استعداد قواته للتدخل لحمايتهم، محذراً الحكومة السورية من أي تجاوزات بحقهم.
إلا أن مصدراً خاصاً لـ”وكالة ستيب الإخبارية” كشف أن إسرائيل أوصلت “رسائلاً” عبر وسيط إقليمي، أكدت فيها أنها لن تتدخل بشكل مباشر في حال انتهت العملية بسرعة ومن دون تجاوزات. وأشار المصدر إلى أن تل أبيب أوصلت رسالة مماثلة إلى الدروز، تؤكد فيها أنها لن تتدخل لحمايتهم حتى لو سيطرت الدولة السورية على هذه المنطقة.
وأوضح المصدر أن الغارات الإسرائيلية والطيران المسيّر كانا بغرض مراقبة الأوضاع في صحنايا، وقد تم ذلك بالتنسيق مع دول إقليمية على تواصل مباشر مع دمشق.
كما كشف المصدر ذاته أن هناك توافقاً إقليمياً تم إبلاغ إسرائيل به بشأن ضرورة إنهاء جميع المظاهر المسلحة في دمشق ومحيطها. إلا أن تل أبيب طلبت التريث بخصوص منطقة جرمانا، وترك الأمر بيد مشايخ الطائفة الدرزية من السويداء لحل ملف السلاح في المدينة دون الحاجة إلى تدخل بالقوة.
كذلك أوضح المصدر أن التفاهمات والرسائل المتبادلة تضمنت بنوداً تتعلق بالسويداء، حيث يُحتمل التوصل إلى حل لملف السلاح هناك، يضمن تسليم السلاح الثقيل، مع الإبقاء على السلاح الخفيف بأيدي بعض الفصائل لضبط الأمن بالتنسيق مع الحكومة السورية.
ومع انتهاء العملية الأمنية في صحنايا وأشرفية صحنايا، يبقى الملف الأكبر المتعلق بعلاقة الحكومة السورية مع فصائل السويداء، التي لا تزال ترفض الانضمام إلى الحكومة، عالقاً إلى حين. وأشار المصدر لـ”ستيب” إلى أن هذا الملف مرهون بتفاهمات إقليمية ستتضح خلال زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لدول عربية، وهو الذي سبق أن طلب من رئيس الوزراء الإسرائيلي التفاهم بشأن الملف السوري مع الأتراك.
المصدر: وكالة ستيب الاخبارية