صادقت اللجنة الوزارية للتشريع في الكنيست الإسرائيلي (البرلمان)، الأحد، على مشروع قانون مثير للجدل يقضي بإغلاق قسم الأخبار في “هيئة البث العام الإسرائيلية” (كان)، وخصخصة البرامج الإذاعية، وإغلاق إذاعة “مكان” الناطقة بالعربية بالكامل، في خطوة وُصفت بأنها “ضربة مباشرة” لحرية الإعلام، وفق إعلام إسرائيلي.

ويهدف مشروع القانون الذي قدمته عضو الكنيست جاليت ديستال أتبريان من حزب “الليكود”، إلى منع الهيئة من إنتاج برامج إخبارية أو تعاطيها مع شؤون الساعة، بحجّة أن “لا ضرورة لعملها في هذا المجال”، وفق ما ورد في نص التشريع.

بالتوازي، أقرّت اللجنة أيضاً مشروع قانون آخر قدّمه عضو الكنيست أفيحاي بوارون (الليكود) ينصّ على تحويل ميزانية الإعلانات الحكومية المخصصة لـ”كان” إلى “القناة 14” اليمينية، التي تُعرف “بولائها العلني” لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.

وهذه الخطوات تعكس، بحسب مراقبين، مسعى حكومياً لـ”إعادة تشكيل المشهد الإعلامي الإسرائيلي بما يخدم السلطة”، وهو ما عبّرت عنه صحيفة “هآرتس”، بوصفه “انقلاباً تشريعياً” على الإعلام العام.

جاءت المصادقة على التشريعين رغم اعتراض دائرة الاستشارة القانونية للحكومة، التي اعتبرت أن القانون المقترح “يطرح صعوبات دستورية كبيرة، ويقوّض المبادئ الأساسية لحرية التعبير وحق الجمهور في المعرفة”. 

كما رأت الدائرة أن إلغاء لجنة تعيين أعضاء مجلس الهيئة، ومنح صلاحية التعيين للحكومة مباشرة، يُشكّل تهديداً لاستقلالية الهيئة بشكل صارخ.

محاولة “لترهيب الصحافيين”

في أول رد فعل على هذه التطورات، قالت هيئة البث العام في بيان رسمي، إن “محاولات نزع الشرعية التشريعية عن الهيئة، خلال أوقات الحرب، تهدف إلى بث الرعب في صفوف الصحافيين العاملين في قسم الأخبار، ومنح امتيازات غير مستحقة لجهات مقربة من الحكم، على حساب الخدمة العامة والمهنية”.

وقناة “مكان” باللغة العربية تُعد من أبرز مصادر الأخبار للمواطنين العرب في إسرائيل، وقد نالت خلال السنوات الأخيرة إشادة لتغطياتها المهنية.

وأثار مشروع القانون موجة انتقادات في أوساط إعلامية وحقوقية داخل إسرائيل، حيث رأى البعض فيه “امتداداً لمحاولات الحكومة الحالية تحجيم المؤسسات المستقلة لصالح أجندة حزبية ضيّقة”، بحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت”.

ويشمل مشروع القانون عدة ترتيبات تنظيمية تهدف إلى تقليص صلاحيات “هيئة البث العامة” ومصادر تمويلها، إلى جانب تعزيز السيطرة السياسية على توجهاتها التحريرية. 

وكانت النائبة ديستال، المعروفة بمواقفها المتشددة تجاه الإعلام العام، أثارت في السابق انتقادات واسعة إثر تصريحاتها الهجومية على إعلاميين، وقدمت استقالتها من الحكومة على خلفية ذلك، قبل أن تعود وتتبنى هذا المشروع المثير للجدل.

انتقادات سياسية وحقوقية

وأشارت “هيئة البث” في تقرير، إلى أن القرار الذي يأتي في ظل حالة من التوتر السياسي، أثار معارضة علنية داخل الائتلاف الحكومي نفسه. 

وذكرت أن وزير الاتصالات شلومو كرعي، طالب بإحالة مشروع القانون إلى لجنة برلمانية غير لجنة الاقتصاد، التي يرأسها زميله في حزب “الليكود” دافيد بيتان، وذلك بعد أن عبّر الأخير عن رفضه لهذا التوجه.

فيما اعتبرت جهات حقوقية وإعلامية هذا المسار استمراراً لمخططات أوسع تهدف إلى تقييد حرية الصحافة، وتفكيك المؤسسات الإعلامية التي تعمل باستقلالية نسبية عن الحكومة.

وأصدر “معهد زولات لحقوق الإنسان والمساواة” بياناً، اعتبر فيه الخطوة “تصعيداً خطيراً” ضمن ما وصفه بـ”هجوم متكامل تشنه الحكومة على وسائل الإعلام الحرة والمؤسسات الديمقراطية”.

وأضاف البيان: “في أيام مصيرية، تنشغل الحكومة بتفكيك الإعلام الحر، وتعيين موالين على رأس هرم البث العام، في محاولة للسيطرة على الخطاب العام وإقصاء أي صوت نقدي”.

وتشهد الساحة السياسية والإعلامية حراكاً واسعاً لمناهضة مشروع القانون، مع دعوات من مؤسسات ديمقراطية، وجمعيات إعلامية، ونقابات مهنية، للتصدي له عبر مسارات قانونية وجماهيرية، باعتباره “تهديداً مباشراً” لجوهر الحريات الأساسية.

شاركها.