د. أكرم خولاني
رغم أن كسور الحوض ليست شائعة جدًا، إذ تشكل 3% فقط من إجمالي كسور العظام التي يتعرض لها الناس، فإنها قد تكون مهددة للحياة، إذ إنها قد تتسبب بتأذي وتلف الأوعية الدموية والأعصاب والأجهزة الموجودة ضمن الحوض، ولذلك لا بد من تسليط الضوء على هذه الحالة المرضية.
ما المقصود بكسور الحوض
الحوض هو المنطقة السفلية من البطن الواقعة في منطقة الورك، ويحتوي العديد من الأعصاب والأوعية الدموية والأعضاء مثل الأعضاء التناسلية الداخلية والمثانة والجزء السفلي من الجهاز الهضمي.
وكسور الحوض هي الكسور التي تحدث في العظام المكونة للحوض، حيث تتألف عظام الحوض من:
عظم العجز: عظم كبير مثلث الشكل يقع في قاعدة العمود الفقري.
عظم العصعص: العظم الذيلي للعمود الفقري.
عظام الوركين: ويتألف كل ورك من الحرقفة والإسك والعانة.
وتصنف عظام الحوض على أنها عظام حلقية متناظرة، لذلك فإن أي كسر قد يحصل في جزء من الحوض غالبًا يكون مصحوبًا بكسر آخر في الجهة المقابلة له، ولكسور الحوض أنواع مختلفة، تتمثل في ما يلي:
- كسر الحوض المستقر: يسمى أيضًا الثابت، وهو أكثر أنواع كسور الحوض شيوعًا، وفي هذا النوع تبقى العظام المكسورة مصطفة بشكل ثابت في مكانها دون أن تنزاح الأجزاء المكسورة، وعادة ما يكون هناك كسر واحد فقط في الحوض، ويحدث هذا النوع من الكسور بسبب حوادث ذات تأثير طفيف، مثل سقوط من ارتفاع منخفض أو الركض.
- كسر الحوض غير المستقر: يسمى أيضًا المتحرك، وهذا النوع من كسور الحوض هو النوع الأقل شيوعًا، وفيه يحدث كسر عظمين أو أكثر في منطقة الحوض، وتكون نهايات الأجزاء المكسورة قابلة للانزياح من مكانها، وغالبًا ما يحصل هذا النوع من الكسور نتيجة إصابات وصدمات قوية جدًا يتعرض لها الحوض، مثل حادث سيارة، ويرافقه نزيف قد يكون قويًا أو حتى تلف شديد وحاد في الأعضاء الداخلية، وهذا قد يكون مهددًا للحياة.
- هناك نوع نادر من كسور الحوض يُعرف بالكسر الانقلاعي، الذي يحدث عندما تنفصل الأوتار أو الأربطة عن العظم المرتكزة عليه، وتنتزع معها جزء صغير من العظم.
ما الأسباب
يوجد العديد من الأسباب التي قد تؤدي إلى كسر الحوض، وأشيعها:
التعرض لحوادث ذات تأثير قوي: مثل حوادث السير، أو الدهس، أو السقوط من ارتفاعات عالية، وهذه تنتج عنها كسور حادة جدًا.
أمراض ضعف العظام: قد تسهم الأمراض مثل هشاشة العظام في حدوث كسور مرضية في عظام الحوض، فإذا كان لدى شخص مرض مضعف للعظام قد يتعرض لكسر في الحوض خلال قيامه بنشاط روتيني، أو عند سقوطه من ارتفاع منخفض، أو عند التعرض لضغط مستمر على عظام الحوض كما في حالات ممارسة تمارين رياضية قوية.
ممارسة الأنشطة الرياضية القوية: مع أنها ليست شائعة، فإن الشخص الذي يمارس الرياضة قد يتعرض لكسر انقلاعي في الحوض، خاصة عند ممارسة أنشطة قوية مفاجئة دون الاستعداد البدني التدريجي.
وهنا ننوه إلى أن الكسور الخفيفة في الحوض أكثر شيوعًا عند كبار السن نظرًا إلى ضعف عظامهم ولأنهم أكثر عرضة للسقوط.
أما الكسور الشديدة في الحوض، فتكون أكثر شيوعًا عند الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و28 سنة، نظرًا إلى أنهم أكثر عرضة لحوادث السير والسقوط من ارتفاعات عالية في أثناء عملهم ولأنهم أكثر ممارسة للأنشطة الرياضية، بينما لا تتسبب حوادث السقوط الخفيفة بكسور لعظامهم القوية.
ما الأعراض
يوجد العديد من الأعراض التي ترافق كسور الحوض المستقرة، وتتمثل بما يلي:
- ألم يزداد حدة مع الحركة.
- ألم في منطقة العانة وأسفل الظهر والمؤخرة ومنطقة الحوض.
- تورم وانتفاخ في الحوض.
- تنميل وخدر في منطقة الإصابة.
- نزيف داخلي يظهر على هيئة كدمات ملونة أو نزيف من جرح مفتوح أو نزيف مهبلي لدى النساء أو ظهور دم في البول.
أما الكسر غير المستقر فيتسبب غالبًا بأعراض عامة شديدة مثل:
- ألم حاد جدًا في الحوض أو البطن أو الظهر أو القدمين.
- دخول الجسم في صدمة.
- نزيف شديد لا يمكن إيقافه قد يسبب انخفاضًا شديدًا في ضغط الدم.
- إغماء.
- شحوب في لون البشرة.
كيف يمكن التشخيص
عند الاشتباه بكسر في الحوض يتم إخضاع المريض لأحد الفحوصات الآتية.
تصوير الأشعة السينية البسيطة لكشف كسور العظام.
تصوير بالأمواج فوق الصوتية لتحري سلامة الأعضاء الداخلية.
التصوير الطبقي المحوسب (CT scan) لتحري سلامة العظام والأوعية والأنسجة الرخوة في الحوض.
كيف يتم العلاج
في بداية الإصابة على المريض ألا يتحرك من مكانه وأن يبقى ثابتًا في وضعية الاستلقاء ريثما يصل إلى المستشفى، وذلك لتقليل الألم وأي نزيف، وبعد تشخيص الإصابة وتحديد مكان الكسر ونوعه يتم تحديد طريقة العلاج المناسبة:
عادة لا يتضمن علاج كسور الحوض الخفيفة والمستقرة إجراءات جراحية، إذ إن شفاء هذه الكسور من دون الحاجة إلى تدخل طبي أمر ممكن، مع الانتباه إلى ضرورة تقليل الضغط على الحوض والساقين، ولذلك يوصى بما يلي:
- الراحة: ينصح المريض بالراحة قدر الإمكان لتجنب وضع ضغط إضافي على الكسر.
- مساعدات المشي: ينصح باستخدام وسيلة مساعدة للمشي مثل العكازات أو الكرسي المتحرك، لتجنب تحميل الوزن على الساقين.
- الأدوية: توصف مسكنات الألم عادة، وقد يوصى بتناول مميعات الدم لتقليل خطر تكوُّن الجلطات في أوردة الساقين.
أما علاج كسر الحوض الشديد أو غير المستقر فعادة ما يتطلب إجراء الجراحة، وتشمل أنواع العمليات الجراحية لعلاج كسور الحوض ما يلي:
التثبيت الخارجي: يستخدم الجراحون التثبيت الخارجي لتثبيت منطقة الحوض بعد الكسر، ويتم عن طريق إدخال براغي معدنية إلى العظام من خلال شقوق صغيرة في الجلد والعضلات، تبرز البراغي من الجلد على جانبي الحوض، وتُربط بأسياخ خارج الجسم، وبهذا يتم تثبيت العظام المكسورة في وضعها الصحيح.
الجر الهيكلي: هو نظام بكرات خارج الجسم يساعد على إعادة ترتيب قطع العظم المكسورة، ويتم بزرع براغي معدنية في عظم الفخذ أو الساق ثم تبرز من الجلد للمساعدة في تثبيت الساق، والأوزان المعلقة على البراغي تجر بلطف على الساق، ما يحافظ على تموضع شظايا العظم المكسورة في الحوض في وضع أكثر طبيعية.
الرد المفتوح والتثبيت الداخلي: خلال عملية الرد المفتوح والتثبيت الداخلي، تُعاد قطع العظم المنزاحة الموجودة في منطقة الحوض إلى ترتيبها الطبيعي أولًا، ثم تُثبت القطع المكسورة معًا بواسطة براغي أو صفائح معدنية مرتبطة بالسطح الخارجي للعظم.
وننبه هنا إلى أن الأشخاص الذين يعانون كسر حوض شديدًا ناتجًا عن حادث شديد الوطأة غالبًا ما تكون لديهم إصابات أخرى أو إصابات داخلية ناجمة عن كسر الحوض، وفي هذه الحالات، يتوقف نجاح علاج كسر الحوض في كثير من الأحيان على نجاح علاج الإصابات ذات الصلة.
ومن المتوقع استمرار شعور المريض بالألم لفترة بعد العملية، كما أن حركة المريض تكون محدودة، لذا توصف للمريض مسكنات الألم ومميعات الدم للوقاية من حدوث الجلطات.
تستغرق كسور الحوض عمومًا 8– 12 أسبوعًا للشفاء الكامل، وقد تحتاج الكسور الشديدة إلى فترة أطول، خاصة في حال وجود إصابات أخرى أو مضاعفات طبية ناتجة عن الحادث الذي تسبب في كسر الحوض.
ويخضع المريض للعلاج الطبيعي عندما يسمح له الطبيب بالبدء بالمشي.
المصدر: عنب بلدي