إطار عمل لاتفاق نووي يتقدم أولويات مفاوضات أميركا إيران مسقط

بحث وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي مع نظيره العماني، بدر البوسعيدي، الجمعة، ترتيبات الجولة الثالثة من المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، التي تنطلق، السبت، في مسقط، وذلك في إطار مساعي التوصل إلى اتفاق بشأن برنامج طهران النووي.
وأفادت وكالة “مهر” للأنباء الإيرانية، بأن المشاورات بشأن ترتيبات الجولة الثالثة من المحادثات، كانت محور الاجتماع بين وزيري خارجية إيران وسلطنة عمان.
وستعقد الجولة الثالثة من هذه المحادثات بشكل غير مباشر، بوساطة وحضور وزير الخارجية العماني، من أجل تبادل الرسائل بين الوفدين الإيراني والأميركي، ومن المقرر أن ينضم مبعوث الرئيس الأميركي، ستيف ويتكوف، الذي سيصل إلى مسقط قادماً من موسكو إلى فريق التفاوض.
وسيبدأ فريق من الخبراء من كلا الجانبين وضع التفاصيل الفنية لاتفاق محتمل، إذ تهدف المحادثات إلى الحد من البرنامج النووي الإيراني مقابل رفع بعض العقوبات الاقتصادية القاسية التي فرضتها الولايات المتحدة على طهران.
وسيتفاوض وزير الخارجية الإيراني بشكل غير مباشر مع ويتكوف عبر وسطاء عمانيين، وذلك بعد أسبوع من جولة ثانية في روما وصفها الجانبان بأنها “بناءة”.
ومن المقرر أن تبدأ المحادثات على مستوى الخبراء في وضع “إطار عمل لاتفاق نووي محتمل”، قبل اجتماع غير مباشر بين المفاوضين الرئيسيين.
بدوره، خصص عراقجي وقتاً، مساء الجمعة، لتوقيع نسخ من أحدث كتبه، “قوة التفاوض”، في معرض مسقط الدولي للكتاب، وعند سؤاله عن المفاوضات السبت، أجاب عراقجي: “أنا هنا من أجل الكتاب”.
خطوط إيران الحمراء
ووفقاً لمسؤولين إيرانيين، فإن طهران مستعدة للتفاوض على بعض القيود على عملها النووي مقابل رفع العقوبات، لكن إنهاء برنامج التخصيب أو تسليم مخزونها من اليورانيوم المخصب من بين “الخطوط الحمراء الإيرانية التي لا يمكن المساومة عليها” في المحادثات.
وإضافة إلى ذلك، قال العديد من الدبلوماسيين الأوروبيين، إن الدول الأوروبية اقترحت على المفاوضين الأميركيين، أن يتضمن الاتفاق الشامل قيوداً تمنع إيران من امتلاك أو استكمال القدرة على وضع رأس نووي على صاروخ باليستي.
لكن طهران تصر على أن قدراتها الدفاعية مثل برنامج الصواريخ “غير قابلة للتفاوض”، إذ قال مسؤول إيراني مطلع على المحادثات، إن طهران ترى أن برنامجها الصاروخي يمثل عقبة أكبر في المحادثات.
في السياق، قال إسماعيل بقائي، المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إن طهران عازمة على ضمان حقها في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية.
وأضاف بقائي في منشور عبر منصة “إكس”، أن “إنهاء العقوبات سريعاً يمثل أولوية تسعى بلاده لتحقيقها”، مشدداً على أن إيران تنتظر لترى “مدى جدية الطرف الآخر للتوصل لاتفاق واقعي وعادل”.
بدوره، قال محمد جولزاري، المسؤول الحكومي الإيراني، إن نائب وزير الخارجية الإيراني، مجيد تخت روانجي، سيقود فريق الخبراء، إذ شارك في محادثات الاتفاق النووي المبرم في عام 2015، في حين سيقود الفريق الفني الأميركي، مايكل أنطون، مدير فريق تخطيط السياسات التابع لوزير الخارجية ماركو روبيو، إذ لا يتمتع أنطون بخبرة في السياسة النووية كتلك التي يتمتع بها أولئك الذين قادوا جهود أميركا في محادثات عام 2015.
موقف أميركي متشدد
بدوره، واصل وزير الخارجية الأميركي في حديثه عبر بودكاست نشر هذا الأسبوع، تأكيد موقف ترمب بضرورة وقف إيران برنامج تخصيب اليورانيوم، وقال روبيو: “إذا أرادت إيران برنامجاً نووياً مدنياً، فيمكنها امتلاكه كما هو الحال مع العديد من الدول الأخرى، وذلك باستيراد المواد المخصبة”.
ومع ذلك، أعرب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية CIA السابق، وليام بيرنز، الذي شارك في المفاوضات السرية التي أدت إلى الاتفاق النووي لعام 2015، عن شكوكه في أن تتخلى إيران عن برنامجها، كما فعلت ليبيا في عام 2003.
وقال بيرنز في محاضرة ألقاها، الاثنين الماضي: “لا أعتقد شخصياً أن هذا النظام الإيراني سيوافق على وقف التخصيب المحلي تماماً. إن التمسك بالنموذج الليبي يعني عملياً ضمان عدم القدرة على التوصل إلى اتفاق”.
لكن إيران أصرت على أن الحفاظ على تخصيب اليورانيوم هو الأساس، كما عكّر ويتكوف صفو القضية بإشارته في مقابلة تلفزيونية إلى أن إيران “يمكنها تخصيب اليورانيوم بنسبة 3.67%”، ثم قال لاحقاً إنه يجب إيقاف جميع عمليات التخصيب.
وفي غضون ذلك، ثمة عامل آخر غير متوقع وهو إسرائيل، إذ قال ترمب في تصريحات لمجلة “التايم” إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “قد يخوض حرباً ضد إيران”، مؤكداً أن واشنطن “لن تنجر إليها”.
وأضاف: “قد أدخل في الحرب طوعاً إن لم نتوصل إلى اتفاق مع طهران، وإذا لم نتوصل إلى اتفاق، فسنكون نحن من يقود الحرب”.
وأشار الرئيس الأميركي إلى ثقته في التوصل إلى اتفاق جديد من شأنه أن يقطع طريق امتلاك إيران لسلاح نووي، وذكر ترمب، الجمعة، في تصريحات للصحافيين على متن طائرة الرئاسة: “الاتفاق مع إيران يسير بشكل جيد جداً.. نحن نتفاوض على أعلى المستويات مع إيران، وأعتقد أنهم يريدون التوصل إلى اتفاق، ونحن نريد التوصل إلى اتفاق أيضاً”.
وبحسب تقارير إسرائيلية، فإن الجيش الإسرائيلي، أجرى تدريبات استعداداً لهجمات صاروخية إيرانية جديدة محتملة، فيما وصف عراقجي أجهزة الأمن الإيرانية بأنها “في حالة تأهب قصوى، نظراً لحالات سابقة من محاولات التخريب وعمليات الاغتيال المصممة لاستفزاز رد مشروع”.
دعم صيني روسي لإيران
وتأتي محادثات مسقط في وقتٍ يبدو فيه أن إيران قد حشدت الدعم الصيني والروسي، إذ سافر عراقجي إلى موسكو الأسبوع الماضي، وزار بكين هذا الأسبوع.
والتقى ممثلون صينيون وإيرانيون وروس، الخميس، برئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الهيئة الرقابية النووية التابعة للأمم المتحدة، والتي يُرجح أن تتحقق من الامتثال لأي اتفاق، كما فعلت مع الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع القوى العالمية في عام 2015.
ومع ذلك، فرضت إيران قيوداً شديدة على عمليات تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ما أثار مخاوف دولية من إمكانية تحويل أجهزة الطرد المركزي والمواد النووية الأخرى لأغراض غير سلمية.
ولم تُقدم الوكالة الدولية للطاقة الذرية أي بيان للمحادثات، لكن وكالة أنباء “شينخوا” الصينية وصفت الدول الثلاث (الصين وروسيا وإيران) بأنها تمتلك “الإمكانات والخبرة اللازمتين للمساهمة بشكل بناء في هذه العملية”.
وذكر التقرير أن “الصين وروسيا وإيران أكدت أن الحوار السياسي والدبلوماسي القائم على الاحترام المتبادل يبقى السبيل الوحيد العملي والمجدي لحل القضية النووية الإيرانية”. وأضاف أن الصين تحترم “حق إيران في الاستخدام السلمي للطاقة النووية”.
في غضون ذلك، أعرب عراقجي عن انفتاحه على زيارة برلين ولندن وباريس لمناقشة المفاوضات، إذ كتب في منشور عبر منصة “إكس”: “الكرة الآن في ملعب مجموعة الدول الأوروبية الثلاث E3. لديهم فرصة للتخلص من قبضة جماعات المصالح الخاصة وشق طريق مختلف”.
يشار إلى أن واشنطن وطهران أجرتا جولتيْ تفاوض في مسقط في 12 أبريل، وروما في 19 أبريل، للتوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي إلإيراني خلال مهلة مدتها شهرين وضعها ترمب.
وصرّحت إيران بأنها لا تنوي صنع سلاح نووي، حتى مع إشارة الولايات المتحدة ودول أخرى إلى أن إنتاج الأسلحة هو الاستخدام الوحيد لكمية ونقاء اليورانيوم عالي التخصيب الذي تُخزّنه حالياً، إذ بموجب اتفاق أُبرم عام 2015، الذي انسحب منه ترمب أحادياً في عام 2018، سُمح لإيران بتخصيب اليورانيوم منخفض المستوى لأغراض الطاقة والأغراض الطبية.