اخر الاخبار

“إعلام أميركي” في مرمى ترمب.. وديمقراطيون: يقوض الأمن القومي

وسط انتقادات ديمقراطية وإعلامية حادة، وضعت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أكثر من 1300 موظف في إذاعة صوت أميركا (VOA) في إجازة إدارية (مدفوعة الأجر)، السبت، كما أوقفت تمويل خدمتين إخباريتين أميركيتين، وذلك بعد يوم واحدة فقط من توقيع ترمب أمراً تنفيذياً يستهدف تقليص أنشطة وكالة الإعلام الأميركي العالمي (USAGM) الممولة حكومياً إلى أدنى مستوى، إلى جانب 6 وكالات فيدرالية أخرى. 

وأصدر النائبان الديمقراطيان جريجوري ميكس، العضو البارز في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، ولوريس فرانكل، العضو البارز في اللجنة الفرعية للاعتمادات الوطنية للأمن القومي، بيانًا مشتركًا يدينان فيه قرار ترمب بإلغاء (USAGM).

وأشار البيان إلى أن هذا القرار “سيُلحق ضرراً دائماً بجهود الولايات المتحدة في مكافحة الدعاية الإعلامية العالمية، وتوفير معلومات موثوقة ومستقلة للجماهير في الدول الخاضعة للرقابة الصارمة”، لافتاً إلى “أن مؤسسات إعلامية مثل RFE/RL وRFA تواجه إنهاء منحها، مما يعرض عملها الحيوي لخطر مباشر”.

“تتجاوز تقليص البيروقراطية”

وأشار المشرّعون إلى أن هذه الخطوة تتجاوز مجرد تقليص البيروقراطية الحكومية، إذ أنها “تقوض الأمن القومي الأميركي”.

ولفت البيان إلى أن الوكالة الإعلامية “لعبت دوراً رئيسياً في مكافحة التضليل الإعلامي في دول مثل الصين وإيران وروسيا، وفي توثيق الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان”، موضحاً أن “إذاعة آسيا الحرة (RFA) قدمت تقارير حاسمة عن الوضع في شينجيانغ، ما ساهم في دفع إدارة ترمب الأولى لإعلان أن الحزب الشيوعي الصيني ارتكب إبادة جماعية بحق سكان المنطقة”.

وجاء في البيان أن “إذاعة أوروبا الحرة/ راديو ليبرتي (RFE/RL) قدمت تغطية مهمة للغزو الروسي غير القانوني لأوكرانيا، بينما عملت شبكة البث في الشرق الأوسط (MBN) على التصدي لحملات التضليل الإيرانية في المنطقة”.

وقال البيان إن “إذاعة صوت أميركا (VOA) تضمن وصول الأخبار الدقيقة إلى أكثر من 350 مليون شخص في أنحاء العالم، خصوصاً في إفريقيا وأميركا اللاتينية، حيث تملأ الدعاية الصينية وغيرها الفجوات الإعلامية”.

اعتداء جديد من ترمب

ووصف النائبان هذا القرار بأنه “اعتداء جديد من ترمب على وكالة الإعلام العالمي الأميركية”، متهمين إدارته بمحاولة تقويض الثقة في الحكومة عبر تفكيك مؤسساتها.

وأشارا إلى أن ترمب عيّن في فترته الأولى مديراً لوكالة USAGM تعرض لانتقادات من الجهات الرقابية بسبب سوء الإدارة والتدخل في استقلالية الوكالة التحريرية، في محاولة لتحويلها إلى “آلة دعائية” مشابهة لما تسعى الوكالة إلى مكافحته في الخارج.

واختتم البيان بالدعوة إلى استعادة التمويل الذي خصصه الكونجرس لوكالة الإعلام العالمي الأميركية ومؤسساتها، والتراجع عن أي خطط لتخفيض أعداد موظفيها، واحترام استقلاليتها التحريرية.

وأنهت (USAGM) منحها إلى إذاعة “أوروبا الحرة/راديو ليبرتي”، الذي يبث إلى دول في أوروبا الشرقية، بما في ذلك روسيا وأوكرانيا، وكذلك لإذاعة “آسيا الحرة”، التي تبث إلى الصين وكوريا الشمالية.

وتشرف الوكالة على مؤسسات إعلامية مستقلة مثل إذاعة صوت أميركا (VOA)، وإذاعة آسيا الحرة (RFA)، وإذاعة أوروبا الحرة/راديو ليبرتي (RFE/RL)، وشبكة البث في الشرق الأوسط (MBN)، وصندوق التكنولوجيا المفتوحة (OTF)، وصندوق الإعلام في الخطوط الأمامية.

وتأسست (VOA) عام 1942، وتصل حالياً إلى 360 مليون شخص أسبوعياً، بينما توظف (USAGM) نحو 3,500 موظف، بميزانية بلغت 886 مليون دولار في عام 2024، وفقاً لأحدث تقاريرها المقدمة إلى الكونجرس، حسبما أوردت وكالة “رويترز”.

المعارضون للقرار: “إسكات صوت أميركا”

من جانبه، قال مايكل أبراموفيتز مدير إذاعة صوت أميركا، إن فريق العمل البالغ عدده 1300 صحفي ومنتج ومساعد وضعوا في إجازة إدارية مما أدّى إلى شل الهيئة الإعلامية التي تعمل بنحو 50 لغة”.

وكتب أبراموفيتز في منشور عبر LinkedIn: “أشعر بحزن عميق، لأنه ولأول مرة منذ 83 عاماً، يتم إسكات صوت أميركا الشهير”، متابعاً: “لقد لعب دوراً محورياً في الكفاح من أجل الحرية والديمقراطية في جميع أنحاء العالم”.

فيما كتب رئيس مكتب صوت أميركا في سول وليام جالو، الأحد، على منصة “Bluesky” أنه “جرى منعه من دخول جميع أنظمة الشركة وحساباتها”.

كما أدان رئيس نادي الصحافة الوطني في واشنطن مايك بالسامو، قرار خفض التمويل قائلاً: “لأكثر من عقود، قدمت إذاعة صوت أميركا صحافة قائمة على الحقائق للجماهير في جميع أنحاء العالم، خاصة في الأماكن التي لا توجد فيها حرية الصحافة، هذا القرار يقوض التزام أميركا بصحافة حرة ومستقلة”.

وهاجمت منظمة “مراسلون بلا حدود” القرار، معتبرة أنه “يهدد حرية الصحافة في جميع أنحاء العالم ويمحو 80 عاماً من الإرث الأميركي في دعم تدفق المعلومات بحرية”.

المؤيدون: “الوكالة غير قابلة للإنقاذ”

في المقابل، وصفت المذيعة السابقة الموالية لترمب والمرشحة لإدارة VOA كاري ليك، في بيان وكالة (USAGM) بأنها “عبء على دافعي الضرائب الأميركيين”، زاعمة أن الوكالة “غير قابلة للإصلاح”. وتعهدت بتقليص حجمها إلى “الحد الأدنى الذي يسمح به القانون”، وفقاً لـ”رويترز”.

واختار ترمب، الذي اختلف مع وكالة “صوت أميركا” خلال ولايته الأولى، مكاري ليك مديرة لها في ولايته الثانية، إذ اتهمت ليك مراراً وسائل إعلام بارزة بالتحيز ضد ترمب.

واتهم عدد من الجمهوريين “صوت أميركا” وغيرها من وسائل الإعلام الممولة من القطاع العام بالتحيز ضد المحافظين ، ودعوا إلى إغلاقها كجزء من جهود إيلون ماسك، الذي يقود حالياً إدارة كفاءة الحكومة (DOGE).

وحتى الآن ، قامت DOGE التابعة بإلغاء أكثر من 100.000 وظيفة عبر القوى العاملة المدنية الفيدرالية البالغ عددها 2.3 مليون عضو ، وجمدت مساعدات خارجية وألغت آلاف البرامج والعقود.

ولم يقتصر الأمر التنفيذي لترمب على USAGM فقط، فقد استهدف أيضاً “هيئة الوساطة والمصالحة الفيدرالية، ومركز وودرو ويلسون الدولي للباحثين، ومعهد خدمات المتاحف والمكتبات، والمجلس الأميركي المشترك بين الوكالات المعني بالتشرد، وصندوق المؤسسات المالية لتنمية المجتمع، ووكالة تنمية الأعمال التجارية الأقليات”، حيث جرى فرض تقليصات مالية تجبرها على العمل بأدنى حد يسمح به القانون.

وينص الأمر الذي تم الكشف عنه في وقت متأخر الجمعة الماضي، على أنه “يُواصل تقليص عناصر البيروقراطية الاتحادية التي قرر الرئيس أنها غير ضرورية”.

وقال البيت الأبيض في بيان، إن هذه الأوامر التنفيذية “ستضمن أن دافعي الضرائب لم يعودوا متورطين في تمويل دعاية متطرفة” قبل أن يسرد انتقادات مختلفة لصوت أميركا، بما في ذلك مزاعم التحيز اليساري.

إجازة مدفوعة الأجر 

وأرسل عدد من موظفي إذاعة “صوت أميركا” رسائل بالبريد الإلكتروني إلى “رويترز” تُفيد بمنحهم إجازة إدارية براتب كامل ومزايا إضافية “حتى إشعار آخر”.

وتعتبر “صوت أميركا” مؤسسة إعلامية دولية تبث برامجها بأكثر من 40 لغة عبر الإنترنت والراديو والتلفزيون، وتشرف عليها الوكالة الحكومية الأميركية للإعلام العالمي USAGM، التي تدير عدة وسائل إعلامية بينها شبكات فيدرالية مثل “مكتب كوبا الإذاعي”، وشبكات غير فيدرالية مثل “راديو أوروبا الحرة/راديو ليبرتي”، وشبكة MBN (شبكات البث في الشرق الأوسط) والتي تضم قناتي الحرة والحرة عراق، وصندوق التكنولوجيا المفتوحة، وصندوق فرونتلاين الإعلامي.

وطلبت الرسالة، التي أرسلها مسؤول موارد بشرية في الوكالة الأميركية للإعلام العالمي، من الموظفين “عدم دخول مقار عملهم أو استخدام الأنظمة الداخلية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *